الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن nindex.php?page=treesubj&link=4125_4126دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي فالمستحب أن لا يحلق شعره ولا يقلم أظفاره حتى يضحي ، لما روت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37136من كان عنده ذبح يريد أن يذبحه فرأى هلال ذي الحجة فلا يمس من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي } ولا يجب عليه ذلك لأنه ليس بمحرم فلا يحرم عليه حلق الشعر وتقليم الأظفار ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وسبق بيان طرقه . وقوله " ذبح " بكسر الذال أي ذبيحة . وقوله " يقلم ظفره " يجوز أن يقرأ بفتح الياء وإسكان القاف وضم اللام - ويجوز بضم الياء وفتح القاف وتشديد اللام المكسورة والأول أجود ، ولكن ظاهر كلام المصنف إرادته الثاني ، ولهذا قال : وتقليم الأظفار .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : من nindex.php?page=treesubj&link=4125_4126أراد التضحية فدخل عليه عشر ذي الحجة كره أن يقلم شيئا من أظفاره وأن يحلق شيئا من شعر رأسه ووجهه أو بدنه حتى يضحي ، لحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة هذا . هو المذهب أنه مكروه كراهة تنزيه ، وفيه وجه أنه حرام ، حكاه أبو الحسن العبادي في كتابه الرقم ، وحكاه الرافعي عنه لظاهر الحديث . وأما قول المصنف nindex.php?page=showalam&ids=11976والشيخ أبي حامد والدارمي والعبدري ومن وافقهم أن المستحب تركه ، ولم يقولوا : إنه مكروه فشاذ ضعيف مخالف لنص هذا الحديث .
[ ص: 363 ] وحكى الرافعي وجها ضعيفا شاذا أن الحلق والقلم لا يكرهان إلا إذا دخل العشر واشترط أضحية أو عين شاة أو غيرها من مواشيه للتضحية . وحكى قولا أنه لا يكره القلم ، وهذه الأوجه كلها شاذة ضعيفة ( والصحيح ) كراهة الحلق والقلم من حين تدخل العشر ، فالحاصل في المسألة أوجه ( الصحيح ) كراهة الحلق والقلم من أول العشر كراهة تنزيه ( والثاني ) كراهة تحريم ( والثالث ) المكروه الحلق دون القلم ( والرابع ) لا كراهة إنما هو خلاف الأولى ( الخامس ) لا يكره إلا لمن دخل عليه العشر وعين أضحية والمذهب الأول . والمراد بالنهي عن الحلق والقلم المنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره ، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو بنورة وغير ذلك وسواء شعر العانة والإبط والشارب ، وغير ذلك وقال إبراهيم المروروذي في كتابه التعليق : وحكم سائر أجزاء البدن حكم الشعر والظفر ، ودليله حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9945إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشرته شيئا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، والله تعالى أعلم .
قال أصحابنا : الحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار ، وقيل التشبه بالمحرم ، قال أصحابنا : وهذا غلط لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم ، والله أعلم .
( فرع ) مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة لا يكره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : يحرم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه يكره ، وحكى عنه الدارمي : يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب . واحتج القائلون بالتحريم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب [ ص: 364 ] عليهم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=21384كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به ، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية ، فدل على أنه لا يحرم ذلك والله أعلم