الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5095 (35) ومن سورة الشمس وضحاها

                                                                                              [ 2928 ] عن عبد الله بن زمعة قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الناقة ، وذكر الذي عقرها فقال : إذ انبعث أشقاها [ الشمس : 12 ] انبعث بها رجل عزيز عارم منيع في رهطه ، مثل أبي زمعة . ثم ذكر النساء فوعظ فيهن ثم قال : إلام يجلد أحدكم امرأته .

                                                                                              وفي رواية : جلد العبد ، ولعله يضاجعها من آخر يومه . ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال : إلام يضحك أحدكم مما يفعل ؟ .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 17) ، والبخاري (3377) ، ومسلم (2855) ، والترمذي (3343) ، وابن ماجه (1983) .

                                                                                              [ ص: 429 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 429 ] (35) ومن سورة الشمس وضحاها

                                                                                              (قوله : إذ انبعث أشقاها أي : قام مسرعا . وضمير المؤنث عائد على ثمود ، وهي مؤنثة ; لأنها قصد بها قصد قبيلة ، ولذلك مع التعريف لم تصرف . والعزيز : القليل المثل ، ويكون بمعنى الغالب . والعارم : الجبار الصعب على من يرومه ، والممتنع بسلطانه وعشيرته . وأبو زمعة هذا يحتمل أن يكون هو الذي قال فيه أبو عمر : أنه بلوي ، صحابي ممن بايع تحت الشجرة ، وتوفي بإفريقية في غزاة معاوية بن خديج الأولى ، ودفن بالبلوية بالقيروان .

                                                                                              قلت : فإن كان هو هذا ; فإنه إنما شبهه بعاقر الناقة في أنه عزيز في قومه ، ومنيع على من يريده من أهل الكفر . ويحتمل أن يريد به غيره ممن يسمى بأبي زمعة ، قاله ابن إسحاق وغيره .

                                                                                              و (قوله : " إلام يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ؟ ! ") هذا إنكار على من يجلد زوجته ، ويكثر من ذلك حتى يعاملها معاملة الأمة ، ثم إنه بعد ذلك باليسير يرجع إلى مضاجعتها ، وإلى قضاء شهوته منها ، فلا تطاوعه ، ولا تتحسن له ، وقد تبغضه ، وقد يكون هو يحبها ، فيفسد حاله ، ويتفاقم أمرهما ، وتزول الرحمة والمودة التي جعلها الله تعالى بين الأزواج ، ويحصل نقيضها ، فنبه صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ الوجيز على ما يطرأ من ذلك من المفاسد .

                                                                                              [ ص: 430 ] و (قوله : ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة ) أي : نهاهم وزجرهم عن ذلك ; لأنه فعل عادي يستوي فيه الناس كلهم ، وإن كان مما يستقبح ، فحق الإنسان أن يستتر به ، فإن غلبه بحيث يسمعه أحد فلا يضحك منه ، فإنه يتأذى الفاعل بذلك ويخجل منه ، وأذى المسلم حرام ، فالضحك من الضرطة حرام .




                                                                                              الخدمات العلمية