الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الحقوق في البيع

أخرها لتبعيتها ولتبعيته ترتيب الجامع الصغير ( اشترى بيتا فوقه آخر لا يدخل فيه العلو ) مثلث العين ( ولو قال بكل حق ) هو له أو بكل قليل وكثير ( ما لم ينص عليه ) لأن الشيء لا يستتبع مثله ( وكذا لا يدخل ) العلو ( بشراء منزل ) هو ما لا إصطبل فيه ( إلا بكل حق هو له أو بمرافقه ) أي حقوقه كطريق ونحوه وعند الثاني المرافق المنافع أشباه ( أو بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه [ ص: 188 ] ويدخل ) العلو ( بشراء دار وإن لم يذكر شيئا ) ولو الأبنية بتراب أو بخيام أو قباب وهذا التفصيل عرف الكوفة وفي عرفنا يدخل العلو بلا ذكر في الصور كلها فتح وكافي سواء كان المبيع بيتا فوقه علو أو غيره إلا دار الملك فتسمى سراي نهر ( ك ) ما يدخل في شراء الدار ( الكنيف وبئر الماء والأشجار التي في صحنها و ) كذا ( البستان الداخل ) وإن لم يصرح بذلك ( لا ) البستان ( الخارج إلا إذا كان أصغر منها ) فيدخل تبعا ولو مثلها أو أكبر فلا إلا بالشرط زيلعي وعيني .

التالي السابق


باب الحقوق جمع حق والحق خلاف الباطل : وهو مصدر حق الشيء من بابي ضرب وقتل إذا وجب وثبت ، ولهذا يقال لمرافق الدار حقوقها ا هـ . وفي البناية : الحق ما يستحقه الرجل وله معان أخر منها ضد الباطل ا هـ وتمامه في البحر . وفي النهر اعلم أن الحق في العادة يذكر فيما هو تبع للمبيع ، ولا بد له منه ولا يقصد إلا لأجله كالطريق والشرب للأرض ويأتي تمامه

( قوله لتبعيتها ) أي لأن الحقوق توابع فيليق ذكرها بعد مسائل البيوع بحر عن المعراج قال بعضهم : ولهذا الباب مناسبة خاصة بالربا لأن فيه بيان فضل هو حرام ، وهنا بيان فضل على المبيع هو حلال ( قوله لتبعيته ) أي المصنف وكذا صاحب الكنز والهداية ( قوله مثلث العين ) و اللام ساكنة ط عن الحموي .

( قوله لأن الشيء ) علة لقوله لا يدخل فيه العلو ، وذلك أن البيت اسم لمسقف واحد جعل ليبات فيه ، ومنهم من يزيد له دهليزا فإذا باع البيت لا يدخل العلو ما لم يذكر اسم العلو صريحا ، لأن العلو مثله في أنه مسقف يبات فيه والشيء لا يستتبع مثله ، بل ما هو أدنى منه فتح ، ولم يدخل بذكر الحق لأن حق الشيء تبع له فهو دونه والعلو مثل البيت لا دونه ( قوله هو ما لا إصطبل فيه ) قال في الفتح : المنزل فوق البيت ودون الدار ، وهو اسم لمكان يشتمل على بيتين أو ثلاثة ينزل فيها ليلا ونهارا وله مطبخ وموضع قضاء الحاجة ، فيتأتى السكنى بالعيال مع ضرب قصور إذ ليس له صحن غير مسقف ولا إصطبل الدواب ، فيكون البيت دونه ، ويصلح أن يستتبعه فلشبهه بالدار يدخل العلو فيه تبعا عند ذكر التوابع غير متوقف على التنصيص على اسمه الخاص ، ولشبهه بالبيت لا يدخل بلا ذكر زيادة ا هـ أي زيادة ذكر التوابع أي قوله بكل حق هو له إلخ .

( قوله أي حقوقه ) في جامع الفصولين من الفصل السابع أن الحقوق عبارة عن مسيل وطريق وغيره وفاقا ، والمرافق عند أبي يوسف عبارة عن منافع الدار وفي ظاهر الرواية المرافق هي الحقوق ، وإليه يشير قوله أي بمرافقه نهر ، فعلى قول أبي يوسف المرافق أعم لأنها توابع الدار مما يرتفق به كالمتوضأ والمطبخ كما في القهستاني ، وقدم قبله أن حق الشيء تابع لا بد له منه كالطريق والشرب ا هـ فهو أخص تأمل ( قوله كطريق ) أي طريق خاص في ملك إنسان ويأتي بيانه ( قوله هو فيه أو منه ) أي هو داخل فيه أو خارج بأو دون الواو على ما اختاره أصحابنا كما ذكره الصيرفي ، والجملة صفة لحق مقدر لا لقليل أو كثير فإن الصفة لا توصف ولا لكل على رأي كما تقرر وبهذا التقرير اندفع طعن أبي يوسف على محمد

[ ص: 188 ] بدخول الأمتعة فيها وطعن زفر عليه بدخول الزوجة والولد والحشرات قهستاني ( قوله بشراء دار ) هي اسم لساحة أدير عليها الحدود تشتمل على بيوت وإصطبل وصحن غير مسقف وعلو ، فيجمع فيها بين الصحن للاسترواح ومنافع الأبنية للإسكان فتح ( قوله سواء كان المبيع بيتا إلخ ) عبارة النهر قالوا هذا في عرف أهل الكوفة ، أما في عرفنا فيدخل العلو من غير ذكر في الصور كلها سواء كان المبيع بيتا فوقه علو ومنزلا كذلك ; لأن كل مسكن يسمى خانه في العجم ، ولو علوا سواء كان صغيرا كالبيت أو غيره إلا دار الملك فتسمى سراي ا هـ . وهو مأخوذ من الفتح لكن قوله ولو علوا صوابه وله علو كما في عبارة الفتح وعبارة الهداية ولا يخلو عن علو . مطلب الأحكام تبتنى على العرف

قلت : وحاصله أن كل مسكن في عرف العجم يسمى خانه إلا دار الملك تسمى سراي ، والخانه لا يخلو عن علو فلذا دخل العلو في الكل ، وظاهره أن البيع يقع عندهم بلفظ خانه لكن في البحر عن الكافي وفي عرفنا يدخل العلو في الكل سواء باع باسم البيت أو المنزل أو الدار والأحكام تبتنى على العرف ، فيعتبر في كل إقليم وفي كل عصر عرف أهله ا هـ .

قلت : وحيث كان المعتبر العرف فلا كلام سواء كان باسم خانه أو غيره ، وفي عرفنا لو باع بيتا من دار ، أو باع دكانا أو إصطبلا أو نحوه لا يدخل علو المبنى فوقه ما لم يكن باب العلو من داخل المبيع ( قوله إلا دار الملك ) المستثنى منه غير مذكور في كلامه كما علم مما ذكرناه ( قوله الكنيف ) أي ولو خارجا مبنيا على الظلة لأنه يعد من الدار بحر وهو المستراح ، وبعضهم يعبر عنه ببيت الماء نهر ( قوله والأشجار ) أي دون أثمارها إلا بالشرط كما مر في فصل ما يدخل في المبيع تبعا ، وفيه بيان مسائل يحتاج إلى مراجعتها هنا ( قوله فيدخل تبعا ) قيده الفقيه أبو جعفر بما إذا كان مفتحه فيها




الخدمات العلمية