الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2644 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه قال nindex.php?page=hadith&LINKID=652588سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده nindex.php?page=treesubj&link=28647_7862_7943_7920_24770_27936_25561_30495_30502_16369_25565لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل
قوله : ( باب تمني الشهادة ) تقدم توجيهه في أول كتاب الجهاد وأن تمنيها والقصد لها مرغب فيه مطلوب . وفي الباب أحاديث صريحة في ذلك منها عن أنس مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=888299من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم يصبها أي أعطي ثوابها ولو لم يقتل أخرجه مسلم ، وأصرح منه في المراد ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=888300من سأل القتل في سبيل الله صادقا ثم مات أعطاه الله أجر شهيد nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من حديث معاذ مثله ، nindex.php?page=showalam&ids=14070وللحاكم من حديث سهل ابن حنيف مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=888301من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه .
قوله : ( أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ) هذا الحديث رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة جماعة من التابعين منهم nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب هنا nindex.php?page=showalam&ids=12007وأبو زرعة بن عمرو في " باب الجهاد من الإيمان " من كتاب الإيمان ، nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح وهو في " باب الجعائل والحملان " في أثناء كتاب الجهاد ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وهو في كتاب التمني ، nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام وهو عند مسلم وسأذكر ما في رواية كل واحد منهم من زيادة فائدة .
[ ص: 21 ] قوله : ( والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم ) في رواية أبي زرعة وأبي صالح " nindex.php?page=hadith&LINKID=888302لولا أن أشق على أمتي " ورواية الباب تفسر المراد بالمشقة المذكورة وهي أن نفوسهم لا تطيب بالتخلف ولا يقدرون على التأهب لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره وتعذر وجوده عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وصرح بذلك في رواية همام ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888303لكن لا أجد سعة فأحملهم ، ولا يجدون سعة فيتبعوني ، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي " وفي رواية أبي زرعة عند مسلم نحوه ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري وفيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888304ولو خرجت ما بقي أحد فيه خير إلا انطلق معي ، وذلك يشق علي وعليهم " ، ووقع في رواية أبي صالح من الزيادة " nindex.php?page=hadith&LINKID=888305ويشق علي أن يتخلفوا عني " .
قوله : ( والذي نفسي بيده لوددت ) وقع في رواية أبي زرعة المذكورة بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=888306ولوددت أني أقتل " بحذف القسم ، وهو مقدر لما بينته هذه الرواية ، فظهر أن اللام لام القسم وليست بجواب لولا ، وفهم بعض الشراح أن قوله " لوددت " معطوف على قوله " ما قعدت " فقال : يجوز حذف اللام وإثباتها من جواب لولا ، وجعل الودادة ممتنعة خشية وجود المشقة لو وجدت ، وتقدير الكلام عنده : لولا أن أشق على أمتي لوددت أني أقتل في سبيل الله . ثم شرع يتكلف استشكال ذلك والجواب عنه ، وقد بينت رواية الباب أنها جملة مستأنفة وأن اللام جواب القسم . ثم النكتة في إيراد هذه الجملة عقب تلك إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته لهم ، وكأنه قال : الوجه الذي يسيرون له فيه من الفضل ما أتمنى لأجله أني أقتل مرات ، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد ، فراعى خواطر الجميع . وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المغازي وتخلف عنه المشار إليهم ، وكان ذلك حيث رجحت مصلحة خروجه على مراعاة حالهم ، وسيأتي بيان ذلك في " باب من حبسه العذر " .
قوله : ( أقتل في سبيل الله ) استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل ، وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67والله يعصمك من الناس وهو متعقب فإن نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة ، وهذا الحديث صرح nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما قدم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة ، والذي يظهر في الجواب أن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع ، فقد قال صلى الله عليه وسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=888307وددت لو أن موسى صبر " كما سيأتي في مكانه ، وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك ، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان nindex.php?page=treesubj&link=7862فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه ، قال ابن التين : وهذا أشبه .
وحكى شيخنا ابن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله : ولوددت " مدرج من كلام nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : وهو بعيد ، قال النووي : في هذا الحديث الحض على nindex.php?page=treesubj&link=28276حسن النية ، وبيان شدة nindex.php?page=treesubj&link=30984_30997شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واستحباب nindex.php?page=treesubj&link=25561طلب القتل في سبيل الله ، وجواز قول وددت حصول كذا من الخير وإن علم أنه لا يحصل . وفيه ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح أو لدفع مفسدة ، وفيه nindex.php?page=treesubj&link=32493جواز تمني ما يمتنع في العادة ، nindex.php?page=treesubj&link=18303والسعي في إزالة المكروه عن المسلمين . وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=7918الجهاد على الكفاية إذ لو كان على الأعيان ما تخلف عنه أحد قلت : وفيه نظر ، لأن الخطاب إنما يتوجه للقادر ، وأما العاجز فمعذور ، وقد قال سبحانه nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95غير أولي الضرر وأدلة كون الجهاد فرض كفاية تؤخذ [ ص: 22 ] من غير هذا ، وسيأتي البحث في " باب وجوب النفير " إن شاء الله تعالى .