الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في ذهاب العلم

                                                                                                          2652 حدثنا هارون بن إسحق الهمداني حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا وفي الباب عن عائشة وزياد بن لبيد قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى هذا الحديث الزهري عن عروة عن عبد الله بن عمرو وعن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ) أي محوا من الصدور ، والمراد به علم الكتاب [ ص: 344 ] والسنة وما يتعلق بهما . قال القاري : انتزاعا مفعول مطلق على معنى يقبض ، نحو رجع القهقرى و قوله : ( ينتزعه من الناس ) صفة مبينة للنوع كذا قاله السيد جمال الدين . وقال ابن الملك : انتزاعا مفعول مطلق للفعل الذي بعده والجملة حالية يعني لا يقبض العلم من الناس بأن يرفعه من بينهم إلى السماء ( ولكن يقبض العلم ) أي يرفعه ( بقبض العلماء ) أي بموتهم وقبض أرواحهم ( حتى إذا لم يترك ) أي الله تعالى ; ( اتخذ الناس رءوسا ) قال النووي : ضبطناه في البخاري رءوسا بضم الهمزة والتنوين جمع رأس ، وضبطوه في مسلم هنا بوجهين أحدهما هذا والثاني رؤساء جمع رئيس وكلاهما صحيح والأول أشهر انتهى . قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام النووي هذا : وفي رواية أبي ذر أيضا بفتح الهمزة وفي آخره همزة أخرى مفتوحة جمع رئيس ( فأفتوا ) من الإفتاء أي أجابوا وحكموا ( بغير علم ) وفي رواية أبي الأسود في الاعتصام عند البخاري : فيفتون برأيهم ( فضلوا ) أي صاروا ضالين ( وأضلوا ) أي مضلين لغيرهم . وفي الحديث الحث على حفظ العلم والتحذير من ترئيس الجهلة ، وفيه أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية وذم من يقدم عليها بغير علم ، واستدل به الجمهور على القول بخلو الزمان عن مجتهد ولله الأمر يفعل ما يشاء .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عائشة وزياد بن لبيد ) أما حديث عائشة فلينظر من أخرجه ، وأما حديث زياد بن لبيد فأخرجه أحمد وابن ماجه . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية