الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طعن

                                                          طعن : طعنه بالرمح يطعنه ويطعنه طعنا ، فهو مطعون وطعين ، من قوم طعن : وخزه بحربة ونحوها ، الجمع عن أبي زيد ولم يقل طعنى . والطعنة : أثر الطعن ; وقول الهذلي :


                                                          فإن ابن عبس قد علمتم مكانه أذاع به ضرب وطعن جوائف



                                                          الطعن هاهنا : جمع طعنة بدليل قوله : جوائف . ورجل مطعن ومطعان : كثير الطعن للعدو ، وهم مطاعين ; قال :


                                                          مطاعين في الهيجا مكاشيف للدجى     إذا اغبر آفاق السماء من القرص



                                                          وطاعنه مطاعنة وطعانا ; قال :


                                                          كأنه وجه تركيين قد غضبا     مستهدف لطعان فيه تذبيب



                                                          وتطاعن القوم في الحروب ; تطاعنا وطعنانا ، الأخيرة نادرة ، واطعنوا على افتعلوا ، أبدلت تاء اطتعن طاء البتة ثم أدغمتها . قال الأزهري : التفاعل والافتعال لا يكاد يكون إلا بالاشتراك من الفاعلين فيه ، مثل التخاصم والاختصام ، والتعاور والاعتوار . ورجل طعين : حاذق بالطعان في الحرب . وطعنه بلسانه ، وطعن عليه يطعن ويطعن ، طعنا وطعنانا : ثلبه على المثل . وقيل : الطعن بالرمح والطعنان بالقول ، قال أبو زبيد :


                                                          وأبى المظهر العداوة إلا     طعنانا وقول ما لا يقال



                                                          ففرق بين المصدرين ، وغير الليث لم يفرق بينهما ، وأجاز للشاعر طعنانا في البيت ، لأنه أراد أنهم طعنوا فأكثروا فيه ، وتطاول ذلك منهم ، وفعلان يجيء في مصادر ما يتطاول فيه ويتمادى ، ويكون مناسبا للميل والجور ، قال الليث : والعين من يطعن مضمومة . قال : وبعضهم يقول : يطعن بالرمح ، ويطعن بالقول ، ففرق بينهما ، ثم قال الليث : وكلاهما يطعن ، وقال الكسائي : لم أسمع أحدا من العرب يقول : يطعن بالرمح ولا في الحسب ، إنما سمعت يطعن ، وقال الفراء : سمعت أنا يطعن بالرمح ، ورجل طعان بالقول . وفي الحديث : لا يكون المؤمن طعانا ، أي وقاعا في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما ، وهو فعال من طعن فيه وعليه بالقول ، يطعن بالفتح والضم إذا عابه ، ومنه الطعن في النسب ، ومنه حديث رجاء بن حيوة : لا تحدثنا عن متهارت ولا طعان . وطعن في المفازة ونحوها ، يطعن : مضى فيها وأمعن ، وقيل : ويطعن أيضا ذهب ومضى ، قال درهم بن زيد الأنصاري :


                                                          وأطعن بالقوم شطر الملو     ك حتى إذا خفق المجدح
                                                          أمرت صحابي بأن ينزلوا     فباتوا قليلا وقد أصبحوا



                                                          قال ابن بري : ورواه القالي وأظعن ، بالظاء المعجمة ، وقال حميد بن ثور :


                                                          وطعني إليك الليل حضنيه إنني     لتلك إذا هاب الهدان فعول



                                                          قال أبو عبيدة : أراد وطعني حضني الليل إليك . قال ابن بري : ويقال طعن في جنازته إذا أشرف على الموت ، قال الشاعر :


                                                          ويل أم قوم طعنتم في جنازتهم     بني كلاب غداة الروع والرهق



                                                          ويروى : والرهب . أي : عملتم لهم في شبيه بالموت ، وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته . ومن ابتدأ بشيء أو دخله فقد طعن فيه ، ويروى طعن على ما لم يسم فاعله ، والنيط : نياط القلب وهو علاقته . وطعن الليل : سار فيه كله على المثل ، قال الأزهري : وطعن غصن من أغصان هذه الشجرة في دار فلان إذا مال فيها شاخصا ، وأنشد لمدرك بن حصن يعاتب قومه :


                                                          وكنتم كأم لبة طعن ابنها     إليها فما درت عليه بساعد



                                                          قال : طعن ابنها إليها . أي : نهض إليها وشخص برأسه إلى ثديها ، كما يطعن الحائط في دار فلان ; إذا شخص فيها ، وقد روي هذا البيت " ظعن " بالظاء ، وقد ذكرناه في ترجمة " سعد " . ويقال : طعنت المرأة في الحيضة الثالثة أي دخلت . وقال بعضهم : الطعن الدخول في الشيء . وفي الحديث : كان إذا خطب إليه بعض بناته أتى الخدر ; فقال : إن فلانا يذكر فلانة ، فإن طعنت في الخدر لم يزوجها ، قال ابن الأثير : أي طعنت بإصبعها ويدها على الستر المرخي على الخدر ، وقيل : طعنت فيه أي دخلته ، وقد ذكر في الخاء ، ومنه الحديث : أنه طعن بإصبعه في بطنه ; أي ضربه برأسها . وطعن فلان في السن ، يطعن بالضم طعنا ، إذا شخص فيها . والفرس يطعن في العنان ; إذا مده وتبسط في السير ، قال لبيد :


                                                          ترقى وتطعن في العنان وتنتحي     ورد الحمامة إذ أجد حمامها



                                                          أي كورد الحمامة ، والفراء يجيز الفتح في جميع ذلك . والطاعون : داء معروف ، والجمع الطواعين . وطعن الرجل والبعير ، فهو مطعون ، وطعين : أصابه الطاعون . وفي الحديث : نزلت على أبي هاشم بن عتبة وهو طعين . وفي الحديث : فناء أمتي بالطعن والطاعون ، الطعن : القتل بالرماح ، والطاعون : المرض العام والوباء الذي يفسد له الهواء ; فتفسد به الأمزجة والأبدان ، أراد أن الغالب على فناء الأمة بالفتن التي تسفك فيها الدماء ، وبالوباء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية