الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الاختلاف في الإجارة قال : ( وإذا اختلف الخياط ورب الثوب فقال رب الثوب أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياط بل قميصا أو قال : صاحب الثوب للصباغ أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر وقال الصباغ لا بل أمرتني أصفر فالقول لصاحب الثوب ) ; لأن الإذن يستفاد من جهته ; ألا ترى أنه لو أنكر أصل الإذن كان القول قوله فكذا إذا أنكر صفته ، لكن يحلف ; لأنه أنكر شيئا لو أقر به لزمه . قال : ( وإذا حلف فالخياط ضامن ) ومعناه ما مر من قبل أنه بالخيار إن شاء ضمنه ، وإن شاء أخذه ، وأعطاه أجر مثله ، وكذا يخير في مسألة الصبغ إذا حلف إن شاء [ ص: 143 ] ضمنه قيمة الثوب أبيض ، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به المسمى . وذكر في بعض النسخ : يضمنه ما زاد الصبغ فيه ; لأنه بمنزلة الغصب .

التالي السابق


( باب الاختلاف في الإجارة ) لما فرغ من بيان أحكام اتفاق المتعاقدين ، وهو الأصل ذكر في هذا الباب أحكام اختلافها ، وهو الفرع ، إذ الاختلاف إنما يكون بعارض ( قوله : وإذا حلف فالخياط ضامن ، ومعناه ما مر من قبل أنه بالخيار ) يعني به ما مر قبل باب الإجارة الفاسدة في مسألة : ومن دفع إلى الخياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء ، كذا في الشروح . واعترض بأن المتعاقدين كانا هناك متفقين على أن المأمور به خياطة القميص والأجير خالف فخاط قباء ، وهاهنا قد اختلفا في أصل المأمور به فعند اختلاف المسألتين كيف يتحد الجواب ؟ وأجيب بأنه اختلفت صورتا المسألتين ابتداء ولكن اتحدتا انتهاء ; لأنه ذكر هذا الحكم هنا بعد حلف صاحب الثوب ، ولما حلف كان القول قوله فلم يبق لخلاف الآخر اعتبار فكانتا في الحكم في الانتهاء سواء ، هذا خلاصة ما في النهاية [ ص: 143 ] والعناية .

وقصد بعض الفضلاء أن يجيب عن هذا الاعتراض المذكور بوجه آخر فقال : ولك أن تقول إذا كان الحكم ذلك إذا اتفقا فبالطريق الأولى إذا اختلفا مع أن التشبيه غير القياس انتهى . أقول : ليس ذاك بسديد . أما أولا فلأنهما إذا اتفقا على مخالفة المأمور به كان التعدي مقررا عندهما فيجب الضمان قطعا . وأما إذا اختلفا في المخالفة فلا تعدي على زعم الأجير ففي وجوب الضمان عليه نوع خفاء . فكيف يصح أن يقال : إذا كان الحكم ذلك : أي الضمان إذا اتفقا فبالطريق الأولى إذا اختلفا . وأما ثانيا فلأن مورد الاعتراض هو قول المصنف ، ومعناه ما مر من قبل . والمفهوم منه هو الاتحاد في الحكم لا التشبيه ، فما معنى قوله مع أن التشبيه غير القياس فهلا هو لغو هنا .




الخدمات العلمية