الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            كتاب الديات [ ص: 228 ] [ ص: 229 ]

                                                            1 - باب عدد الإبل ، وأسنانها في الدية المغلظة

                                                            3004 - قد مضى حديث عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، " في دية شبه العمد مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها " .

                                                            3005 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الحسن بن مكرم ، أخبرنا أبو النضر ، أخبرنا محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوه ، وإن شاؤوا أخذوا الدية ، وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، وذلك عقل العمد ، وما صولحوا عليه فهو لهم " ،

                                                            3005 - وذلك تشديد العقل ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " عقل شبه العمد مغلظة مثل عقل العمد ، ولا يقتل صاحبه ، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فتكون رميا في عميا في غير ضغينة ، ولا حمل سلاح " .

                                                            وهذه رواية تأكدت في بعض متنها برواية عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ، وتأكدت في باقي متنها بما روي فيه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، . [ ص: 230 ]

                                                            3006 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا النفيلي ، أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قضى عمر في شبه العمد بثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها وإن كان ( مرسلا ) ، فهو مؤكد بمرسل آخر .

                                                            3007 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني ، أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ، أخبرنا ابن بكير ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مدلج يقال له : قتادة حذف ابنه بسيف ، فأصاب ساقه فنزي في جرحه ، فمات ، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب ، فذكر ذلك له ، فقال عمر : اعدد لي على قديد ، عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك . فلما قدم عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة ، وأربعين خلفة ، ثم قال : أين أخو المقتول ؟ فقال : ها أخبرنا ذا قال : خذها دية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " ليس لقاتل شيء " .

                                                            3008 - ورواه الحجاج بن أرطاة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، فذكر هذه القصة في أسنان الإبل .

                                                            3009 - وروينا عن الشعبي ، عن زيد بن ثابت ، والمغيرة بن شعبة ، وأبي موسى الأشعري : في المغلظة ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون ثنية خلفة إلى بازل عامها .

                                                            3010 - وروينا عن عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت من وجه آخر : " في المغلظة أربعون جذعة ، وأربعون خلفة ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنات لبون " . [ ص: 231 ]

                                                            3011 - وروي عن علي مثل ما قلنا في حديث آخر : " ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون خلفة " .

                                                            3012 - وروي عن ابن مسعود : في شبه العمد خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنات لبون ، وخمس وعشرون بنات مخاض

                                                            - وفي رواية أخرى عنه : ثنية إلى بازل عامها بدل بنات مخاض .

                                                            وإذا اختلفوا هذا الاختلاف نقول : من يوافق قول ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أولى بالاتباع ، وبالله التوفيق .

                                                            والدية المغلظة في قتل العمد تكون حالة من مال القاتل ، بدليل ما مضى في حديث محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب موصولا مرفوعا ، وفي حديث عمرو مرسلا عن عمر ما يؤكده .

                                                            والدية المغلظة في شبه العمد تكون على العاقلة ، بدليل حديث أبي هريرة في قصة المرأتين اللتين اقتتلتا ، فرمت إحداهما الأخرى فقتلتها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بديتها على عاقلة الأخرى ، قلت : ثم إنها تقول منجمة على العاقلة في ثلاث سنين .

                                                            3013 - وروينا عن يحيى بن سعيد ان من السنة أن تنجم الدية في ثلاث سنين .

                                                            3014 - وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في الدية المغلظة : يؤخذ في مضي كل سنة ثلاث عشرة ، وثلاث خلفة ، وعشر جذاع ، وعشر حقاق .

                                                            3015 - قال الشافعي : تغلظ الدية في العمد ، والقتل في الشهر الحرام ، والبلد الحرام ، وقتل ذي الرحم ، كما تغلظ في العمد الخطأ ، ورواه بإسناده عن عثمان بن عفان كما أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه أن رجلا أوطأ امرأة بمكة ، فقضى فيها عثمان بن عفان بثمانية آلاف درهم دية ، وثلاث .

                                                            [ ص: 232 ]

                                                            3016 - قال - الشافعي - رضي الله عنه - : ذهب عثمان إلى التغليظ لقتلها في الحرم .

                                                            - وروينا عن عمر بن الخطاب ما دل على تغليظ الدية فيمن يقتل في الحرم ، والشهر الحرام ، وهو محرم ، وعن ابن عباس فيمن قتل في الشهر الحرام ، وفيمن قتل في الحرم ، كما رويا عن عثمان بن عفان .

                                                            3016 - وسمعت الأستاذ أبا طاهر الزيادي يقول : نحن نقول بظاهر ما روينا في ذلك عن عثمان بن عفان ، وغيره إذا جعلنا الدراهم والدنانير أصلين في الدية ، وتغليظها بزيادة الثلث .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية