الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طلي

                                                          طلي : طلى الشيء بالهناء وغيره طليا : لطخه ، وقد جاء في الشعر طليته إياه ; قال مسكين الدارمي :


                                                          كأن الموقدين بها جمال طلاها الزيت والقطران طال



                                                          وطلأه : كطلاه ; قال أبو ذؤيب :


                                                          وسرب يطلى بالعبير كأنه     دماء ظباء بالنحور ذبيح



                                                          وقد اطلى به وتطلى ; وروي بيت أبي ذؤيب :


                                                          وسرب تطلى بالعبير



                                                          والطلاء : الهناء . والطلاء : القطران وكل ما طليت به . وطليته بالدهن وغيره طليا ، وتطليت به واطليت به على افتعلت . والطلاء : الشراب ، شبه بطلاء الإبل وهو الهناء . والطلاء : ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه ، وتسميه العجم الميبختج ، وبعض العرب يسمي الخمر الطلاء ; يريد بذلك تحسين اسمها ، إلا أنها الطلاء بعينها ; قال عبيد بن الأبرص للمنذر حين أراد قتله :


                                                          هي كالخمر يكنونها بالطلا     كما الذئب يكنى أبا جعده

                                                          ، واستشهد به ابن سيده على الطلاء خاثر المنصف يشبه به ، وضربه عبيد مثلا أي تظهر لي الإكرام وأنت تريد قتلي ، كما أن الذئب وإن كانت كنيته حسنة فإن عمله ليس بحسن ، وكذلك الخمر وإن سميت طلاء وحسن اسمها فإن عملها قبيح ، وروى ابن قتيبة بيت عبيد :


                                                          هي الخمر تكنى الطلا



                                                          وعروضه ، على هذا ، تنقص جزءا ، فإذا هذه الرواية خطأ ، وقال ابن بري : وقالوا هي الخمر ، وقال أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري : هكذا ينشد هذا البيت على مر الزمان ، ونصفه الأول ينقص جزءا . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : أنه كان يرزقهم الطلاء ، قال ابن الأثير : هو بالكسر والمد ، الشراب المطبوخ من عصير العنب قال : وهو الرب ، وأصله القطران الخاثر الذي تطلى به الإبل ، ومنه الحديث : إن أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب ، يقال له : الطلاء ، قال هذا نحو الحديث الآخر : سيشرب ناس من أمتي الخمر ، يسمونها بغير اسمها ، يريد أنهم يشربون النبيذ المسكر المطبوخ ، ويسمونه طلاء ; تحرجا من أن يسموه خمرا ; فأما الذي في حديث علي - رضي الله عنه - فليس من الخمر في شيء ، وإنما هو الرب الحلال ، وقال اللحياني : الطلاء مذكر لا غير . وناقة طلياء ، ممدود : مطلية . والطلية : صوفة تطلى بها الإبل . ويقال : فلان ما يساوي طلية ; وهي الصوفة التي تطلى بها الجربى ، وهي الربذة أيضا ، قاله : ابن الأعرابي ، وقال أبو طالب : ما يساوي طلية ; أي الخيط الذي يشد في رجل الجدي ، ما دام صغيرا ، وقيل : الطلية ، خرقة العارك ، وقيل : هي الثملة ، التي يهنأ بها الجرب . قال ابن بري : وقول العامة " لا يساوي طلية " غلط ; إنما هو طلوة ، والطلوة قطعة حبل . والطلى : المطلي بالقطران . وطليت البعير أطليه طليا ، والطلاء الاسم . والطلي : الصغير من أولاد الغنم ; وإنما سمي طليا ; لأنه يطلى ، أي تشد رجله بخيط إلى وتد أياما ، واسم ما يشد به الطلي . والطلاء : الحبل الذي يشد به رجل الطلى إلى وتد . وطلوت الطلى ، حبسته . والطلو والطلوة : الخيط الذي يشد به رجل الطلى إلى الوتد . والطلي والطلية والطلية ، قال اللحياني : هو الخيط الذي يشد في رجل الجدي ما دام صغيرا ; فإذا كبر ربق ، والربق في العنق . وقد طليت الطلى ، أي شددته . وحكى ابن بري عن ابن دريد ، قال : الطلو والطلى بمعنى . والطلوة : قطعة خيط . وقال ابن حمزة : الطلي المربوط في طليته لا في رجليه . والطلية : صفحة العنق ، ويقال الطلاة أيضا ، وقال : ويقوي أن الطلي المربوط في عنقه ، قول ابن السكيت : ربق البهم يربقها ; إذا جعل رءوسها في عرى حبل . ويقال : اطل سخلتك ; أي اربقها . وقال الأصمعي : الطلي والطلى والطلو بمعنى . والطلية أيضا : خرقة العارك ، وقد طليته . قال الفارسي : الطلي صفة غالبة ، كسروه تكسير الأسماء ، فقالوا طليان ، كقولهم : للجدول سري وسريان . ويقال : طلوت الطلى وطليته ، إذا ربطته برجله وحبسته . وطليت الشيء : حبسته هو طلي ومطلي . وطليت الرجل طليا ، فهو طلي ومطلي : حبسته . والطلى والطليان والطلوان : بياض يعلو اللسان من مرض أو عطش ; قال :


                                                          لقد تركتني ناقتي بتنوفة     لساني معقول من الطليان



                                                          والطلي والطليان : القلح في الأسنان ، وقد طلي فوه فهو يطلى طلى ، والكلمة واوية ويائية . وبأسنانه طلي وطليان ، مثل صبي وصبيان ، أي قلح . وقد طلي فمه ، بالكسر ، يطلى طلى ، إذا يبس ريقه من العطش . والطلاوة : الريق الذي يجف على الأسنان من الجوع ، وهو الطلوان . الكلابي : الطليان ليس بالفتح ، يقال : طلي فم الإنسان ، إذا عطش ، وبقيت ريقه ثقيلة في فمه ، وربما قيل : كان الطلى من جهد ، يصيب الإنسان من غير عطش ، وطلي لسانه ، إذا ثقل ، مأخوذ من طلى البهم ، إذا أوثقه . والطلا والطلاوة ، والطلاوة والطلوان والطلوان : الريق يتخثر ، ويعصب بالفم من عطش أو مرض ، وقيل : الطلوان ، بضم الطاء ، الريق يجف على الأسنان ، لا جمع له ، وقال اللحياني : في فمه طلاوة ; أي بقية من طعام . وطلاوة الكلأ : القليل منه . والطلاية والطلاوة : دواية اللبن . والطلاوة : الجلدة الرقيقة فوق اللبن أو الدم . والطلاوة : ما يطلى به الشيء ، وقياسه طلاية ؛ لأنه من طليت ، فدخلت الواو هنا على الياء ، كما حكاه الأحمر عن العرب من قولهم : إن عندك لأشاوي . والطلى : الصغير من كل شيء ، وقيل : الطلى هو الولد الصغير من كل شيء ، وشبه العجاج رماد الموقد بين الأثافي بالطلى بين أمهاته ، فقال :


                                                          طلى الرماد استرئم الطلي



                                                          أراد : استرئمه ; قال أبو الهيثم : هذا مثل جعل الرماد كالولد لثلاثة أينق ، وهي الأثافي عطفن عليه ، يقول : كأنما الرماد ولد صغير عطفت عليه ثلاثة أينق . الجوهري : الطلا الولد من ذوات الظلف والخف ، والجمع أطلاء وأنشد ، الأصمعي لزهير :

                                                          [ ص: 142 ]

                                                          بها العين والآرام يمشين خلفة     وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

                                                          ابن سيده : والطلو والطلا الصغير من كل شيء ، وقيل : الطلا ولد الظبية ساعة تضعه ، وجمعه طلوان ، وهو طلا ثم خشف ، وقيل : الطلا من أولاد الناس والبهائم والوحش من حين يولد إلى أن يتشدد ، وامرأة مطلية ، ذات طلى . وفي حديثه : لولا ما يأتين لأزواجهن دخل مطلياتهن الجنة ، والجمع أطلاء ، وطلي ، وطليان ، وطليان ، واستعار بعض الرجاز الأطلاء لفسيل النخل ، فقال :


                                                          دهما كأن الليل في زهائها     لا ترهب الذئب على أطلائها



                                                          يقول : إن أولادها إنما هي فسيل ، فهي لا ترهب الذئب ، لذلك فإن الذئاب لا تأكل الفسيل . الفراء : اطل طليك ، والجمع الطليان ، وطلوته ، وهو الطلا ، مقصور ، يعني اربطه برجله . والطلى : اللذة ، وقال أبو صخر الهذلي :


                                                          كما تثني حميا الكأس شاربها     لم يقض منها طلاه بعد إنفاد

                                                          ، وقضى ابن سيده على الطلى اللذة بالياء ، وإن لم يشتق كما قال : لكثرة ط ل ي وقلة ط ل و . وتطلى فلان إذا لزم اللهو والطرب . ويقال : قضى فلان طلاه من حاجته أي هواه . والطلاة : هي العنق ، والجمع طلى مثل تقاة وتقى ، وبعضهم يقول : طلوة وطلى . والطلى : الأعناق ، وقيل : هي أصول الأعناق ، وقيل : هي ما عرض من أسفل الخششاء ، واحدتها طلية . غيره : الطلى جمع طلية ، وهي صفحة العنق . وقال سيبويه : قال أبو الخطاب : طلاة ، وهو من باب رطبة ورطب ، لا من باب تمرة وتمر ، فافهم ، وأنشد غيره قول الأعشى :


                                                          متى تسق من أنيابها بعد هجعة     من الليل شربا حين مالت طلاتها



                                                          قال سيبويه : ولا نظير له إلا حرفان : حكاة وحكى ، وهو ضرب من العظاء ، وقيل : هي دابة تشبه العظاء ، ومهاة ومهى ، وهو ماء الفحل في رحم الناقة ، واحتج الأصمعي على قوله : واحدتها طلية ، بقول ذي الرمة :


                                                          أضله راعيا كلبية صدرا     عن مطلب ، وطلى الأعناق تضطرب



                                                          قال ابن بري : وهذا ليس فيه حجة ؛ لأنه يجوز أن يكون جمع طلاة كمهاة ومهى . وأطلى الرجل والبعير إطلاء ، فهو مطل : وذلك إذا مالت عنقه للموت أو لغيره ، قال :


                                                          وسائلة تسائل عن أبيها     فقلت لها : وقعت على الخبير
                                                          تركت أباك قد أطلى     ومالت عليه القشعمان من النسور

                                                          ويروى : مثال الثعلبان . وفي الحديث : ما أطلى نبي قط ; أي ما مال إلى هواه ، وأصله من ميل الطلى ، وهي الأعناق إلى أحد الشقين . والطلوة : لغة في الطلية ، التي هي عرض العنق . والطلية : بياض الصبح والنوار . ورجل طلى مقصور ; إذا كان شديد المرض ، مثل عمى ، لا يثنى ولا يجمع ، وربما قيل : رجلان طليان وعميان ، ورجال أطلاء وأعماء قال الشاعر :


                                                          أفاطم فاستحيي طلى وتحرجي     مصابا ، متى يلجج به الشر يلجج



                                                          ابن السكيت : طليت فلانا تطلية إذا مرضته وقمت في مرضه عليه . والطلاء ، مثال المكاء : الذم ، يقال : تركته يتشخط في طلائه ، أي يضطرب في دمه مقتولا ، وقال أبو سعيد : الطلاء شيء يخرج بعد شؤبوب الدم ; يخالف لون الدم ، وذلك عند خروج النفس من الذبيح ، وهو الدم الذي يطلى به . وقال ابن بزرج : يقال : هو أبغض إلي من الطليا والمهل ، وزعم أن الطليا قرحة تخرج من جنب الإنسان ، شبيهة بالقوباء ، فيقال للرجل إنما هو قوباء ، وليست بطليا يهون بذلك عليه ، وقيل : الطليا الجرب . قال أبو منصور : وأما الطلياء فهي الثملة ممدودة . وقال ابن السكيت في قولهم : هو أهون عليه من طلية : هي الربذة ، وهي الثملة قاله : بفتح الطاء . أبو سعيد : أمر مطلي ; أي مشكل مظلم ; كأنه قد طلي بما لبسه ; وأنشد ابن السكيت :


                                                          شامذا تتقي المبس على المرية     كرها ، بالصرف ذي الطلاء



                                                          قال : الطلاء الدم في هذا البيت ، قال : وهؤلاء قوم يريدون تسكين حرب وهي تستعصي عليهم وتزبنهم لما هريق فيها من الدماء ، وأراد بالصرف الدم الخالص . والطلى : الشخص ، يقال : إنه لجميل الطلى ، وأنشد أبو عمرو :


                                                          وخد كمتن الصلبي جلوته     جميل الطلى مستشرب اللون أكحل



                                                          ابن سيده : الطلاوة ، والطلاوة الحسن والبهجة والقبول في النامي وغير النامي ، وحديث عليه طلاوة وعلى كلامه طلاوة على المثل ، ويجوز طلاوة . ويقال : ما على وجهه حلاوة ولا طلاوة ، وما عليه طلاوة ، والضم اللغة الجيدة ، وهو الأفصح . وقال ابن الأعرابي : ما على كلامه طلاوة وحلاوة ، بالفتح ، قال : ولا أقول طلاوة بالضم ، إلا للشيء يطلى به ، وقال أبو عمرو : طلاوة ، وطلاوة ، وطلاوة . وفي قصة الوليد بن المغيرة : إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، أي رونقا وحسنا ، قال : وقد تفتح الطاء . والطلاوة : السحر . ابن الأعرابي : طلى إذا شتم شتما قبيحا ، والطلاء : الشتم . وطليته أي شتمته . أبو عمرو : وليل طال أي مظلم كأنه طلى الشخوص فغطاها ; قال ابن مقبل :


                                                          ألا طرقتنا بالمدينة ، بعدما     طلى الليل أذناب النجاد ، فأظلما

                                                          أي غشاها كما يطلى البعير بالقطران . والمطلاء : مسيل ضيق من الأرض ، يمد ويقصر ، وقيل : هي أرض سهلة لينة تنبت العضاه ; وقد وهم أبو حنيفة ، حين أنشد بيت هميان :


                                                          ورغل المطلى به لواهجا

                                                          [ ص: 143 ] وذلك أنه قال : المطلاء ممدود لا غير ، وإنما قصره الراجز ضرورة ، وليس هميان وحده قصرها . قال الفارسي : إن أبا زياد الكلابي ذكر دار أبي بكر بن كلاب ; فقال تصب في مذانب ونواصر ، وهي مطلى ; كذلك قالها : بالقصر . أبو عبيد : المطالي الأرض السهلة اللينة تنبت العضاه ، واحدتها مطلاء على وزن مفعال . ويقال : المطالي المواضع التي تغذو فيها الوحش أطلاءها . وحكى ابن بري عن علي بن حمزة : المطالي روضات ; واحدها مطلى ، بالقصر لا غير ، وأما المطلاء لما انخفض من الأرض واتسع فيمد ويقصر ، والقصر فيه أكثر ، وجمعه مطال ، قال زبان بن سيار الفزاري :


                                                          رحلت إليك من جنفاء حتى     أنخت فناء بيتك بالمطالي



                                                          وقال ابن السيرافي : الواحدة مطلاء ، بالمد ، وهي أرض سهلة .

                                                          والمطلي : هو المغني . والطلو : الذئب . والطلو : القانص اللطيف الجسم ، شبه بالذئب ; قال الطرماح :


                                                          صادفت طلوا طويل القرا     حافظ العين قليل السأم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية