الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا .

تفريع عن قوله فادفعوا إليهم أموالهم وهو أمر الإشهاد عند الدفع ، ليظهر جليا ما يسلمه الأوصياء لمحاجيرهم ، حتى يمكن الرجوع عليهم يوما ما بما يطلع عليه مما تخلف عند الأوصياء ، وفيه براءة للأوصياء أيضا من دعاوي المحاجير من بعد . وحسبك بهذا التشريع قطعا للخصومات .

والأمر هنا يحتمل الوجوب ويحتمل الندب ، وبكل قالت طائفة من العلماء لم يسم أصحابها : فإن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحق الوصي كان الإشهاد مندوبا [ ص: 247 ] لأنه حقه فله أن لا يفعله ، وإن لوحظ ما فيه من تحقيق مقصد الشريعة من رفع التهارج وقطع الخصومات ، كان الإشهاد واجبا نظير ما تقدم في قوله تعالى إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وللشريعة اهتمام بتوثيق الحقوق لأن ذلك أقوم لنظام المعاملات . وأيا ما كان فقد جعل الوصي غير مصدق في الدفع إلا ببينة عند مالك قال ابن الفرس : لولا أنه يضمن إذا أنكره المحجور لم يكن للأمر بالتوثيق فائدة ، ونقل الفخر عن الشافعي موافقة قول مالك ، إلا أن الفخر احتج بأن ظاهر الأمر للوجوب وهو احتجاج واه لأنه لا أثر لكون الأمر للوجوب أو للندب في ترتب حكم الضمان ، إذ الضمان من آثار خطاب الوضع ، وسببه هو انتفاء الإشهاد ، وأما الوجوب والندب فمن خطاب التكليف وأثرهما العقاب والثواب . وقال أبو حنيفة : هو مصدق بيمينه لأنه عده أمينا ، وقيل : لأنه رأى الأمر للندب . وقد علمت أن محمل الأمر بالإشهاد لا يؤثر في حكم الضمان . وجاء بقوله وكفى بالله حسيبا تذييلا لهذه الأحكام كلها ، لأنها وصيات وتحريضات فوكل الأمر فيها إلى مراقبة الله تعالى . والحسيب : المحاسب . والباء زائدة للتوكيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية