الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طمن

                                                          طمن : طأمن الشيء : سكنه . والطمأنينة : السكون . واطمأن الرجل اطمئنانا وطمأنينة أي سكن ، ذهب سيبويه إلى أن اطمأن مقلوب ، وأن أصله من طأمن ، وخالفه أبو عمرو ; فرأى ضد ذلك ، وحجة سيبويه أن طأمن غير ذي زيادة ، واطمأن ذو زيادة ، والزيادة إذا لحقت الكلمة لحقها ضرب من الوهن لذلك ، وذلك أن مخالطتها شيئا ليس من أصلها مزاحمة لها وتسوية في التزامه بينها وبينه ، وهو وإن لم تبلغ الزيادة في الأصول فحش الحذف منها ، فإنه على كل حال على صدد من التوهين لها ; إذ كان زيادة عليها يحتاج إلى تحملها كما تتحامل بحذف ما حذف منها ، وإذا كان في الزيادة حرف من الإعلال كان . . . . أن يكون القلب مع الزيادة أولى ، وذلك أن الكلمة إذا لحقها ضرب من الضعف أسرع إليها ضعف آخر ، وذلك كحذفهم ياء حنيفة في الإضافة إليها لحذف يائها في قولهم : حنفي ، ولما لم يكن في حنيف تاء تحذف فتحذف ياؤها ، جاء في الإضافة إليها على أصله فقالوا حنيفي ، فإن قال أبو عمرو : جرى المصدر على اطمأن يدل على أنه هو الأصل ، وذلك من قولهم : الاطمئنان ، قيل : قولهم : الطأمنة بإزاء قولك الاطمئنان ، فمصدر بمصدر ، وبقي على أبي عمرو أن الزيادة جرت في المصدر جريها في الفعل ، فالعلة في الموضعين واحدة ، وكذلك الطمأنينة ذات زيادة ، فهي إلى الاعتلال [ ص: 148 ] أقرب ، ولم يقنع أبا عمرو أن قال : إنهما أصلان متقاربان كجذب وجبذ حتى مكن خلافه لصاحب الكتاب بأن عكس عليه الأمر . وقوله عز وجل : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ; معناه إذا ذكر الله بوحدانيته آمنوا به غير شاكين . وقوله تعالى : قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ; قال الزجاج : معناه مستوطنين في الأرض . واطمأنت الأرض وتطأمنت : انخفضت . وطمأن ظهره وطأمن بمعنى ، على القلب . التهذيب في الثلاثي : اطمأن قلبه إذا سكن ، واطمأنت نفسه ، وهو مطمئن إلى كذا ، وذلك مطمأن ، واطبأن مثله على الإبدال ، وتصغير مطمئن طميئن ، بحذف الميم من أوله وإحدى النونين من آخره . وتصغير طمأنينة طميئنة بحذف إحدى النونين من آخره لأنها زائدة . وقيل : في تفسير قوله تعالى : يا أيتها النفس المطمئنة ; هي التي قد اطمأنت بالإيمان وأخبتت لربها . وقوله عز وجل : ولكن ليطمئن قلبي ; أي ليسكن إلى المعاينة بعد الإيمان بالغيب ، والاسم الطمأنينة . ويقال : طامن ظهره إذا حنى ظهره ، بغير همز ؛ لأن الهمزة التي في اطمأن أدخلت فيها حذار الجمع بين الساكنين . قال أبو إسحاق : في قوله تعالى : فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ; أي إذا سكنت قلوبكم ، يقال : اطمأن الشيء إذا سكن وطأمنته وطمأنته ; إذا سكنته ، وقد روي اطبأن . وطأمنت منه : سكنت . قال أبو منصور : اطمأن الهمزة فيها مجتلبة لالتقاء الساكنين إذا قلت اطمأن ; فإذا قلت طامنت على فاعلت فلا همز فيه ، والله أعلم إلا أن يقول قائل : إن الهمزة لما لزمت اطمأن ، وهمزوا الطمأنينة ، وهمزوا كل فعل فيه ، وطمن غير مستعمل في الكلام ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية