و ( للذكر ) : إما أن يقدر محذوف ، أي : للذكر منهم ، أو تنوب الألف واللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم . و ( مثل ) : صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل .
قال
الفراء : ولم يعمل (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم ) في ( مثل ) إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل ، فالجملة في موضع نصب بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : ارتفع ( مثل ) على حذف ( أن ) ، تقديره : أن للذكر . وبه قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة . وأريد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين - حالة اجتماع الذكر والأنثيين فله سهمان ، كما أن لهما سهمين . وأما إذا انفرد الابن فيأخذ المال ، أو البنتان فسيأتي حكم ذلك . ولم تتعرض الآية للنص على هاتين المسألتين .
وقال
أبو مسلم الأصبهاني : نصيب الذكر هنا هو الثلثان ، فوجب أن يكون نصيب الأنثيين . وقال
أبو بكر الرازي : إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث ، فلأن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى ؛ لأن الذكر أقوى من الأنثى . وقيل : حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى ، وإلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى ، وهو خلاف النص ، فوجب أن يكون حظهما الثلثين ؛ لأنه لا قائل بالفرق . فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان . ووجه رابع من القياس الجلي وهو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين ، وذكر حكم الواحدة وما فوق الثنتين . وفي آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة ، وحكم الأختين ، ولم يذكر حكم الأخوات ، فصارت الآيتان مجملتين من وجه ، مبينتين من وجه .
فنقول : لما كان نصيب الأختين الثلثين ، كانت البنتان أولى بذلك لأنهما أقرب إلى الميت . ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزاد على الثلثين ، وجب أن لا يزاد نصيب الأخوات على ذلك ؛ لأن البنت لما كانت أشد اتصالا بالميت امتنع جعل الأضعف زائدا على الأقوى . وقال الماتريدي : في الآية دليل على أن المال كله للذكر إذا لم كن معه أنثى ، لأنه جعل للذكر مثل ما للأنثيين . وقد جعل للأنثى النصف إذا لم يكن معها ذكر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف ) فدل على أن للذكر حالة الانفراد مثلي ذلك ، ومثلا النصف هو الكل ، انتهى .
وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : ( يوصيكم ) بالتشديد . وقرأ
الحسن ونعيم بن ميسرة nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : ثلثا والثلث والربع والسدس والثمن بإسكان الوسط ، والجمهور بالضم ، وهي لغة
الحجاز و
بني أسد ، قاله
النحاس من الثلث إلى العشر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هي لغة واحدة ، والسكون تخفيف ، وتقدير الآية : يوصيكم الله في شأن أولادكم الوارثين للذكر منهم حظ مثل حظ الأنثيين حالة اجتماعهم مما ترك المورثون إن انفرد بالإرث ، فإن كان معهما ذو فرض كان ما يبقى من المال لهما ، والفروض هي المذكورة في القرآن ، وهي ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ) ظاهر هذا التقسيم أن ما زاد على الثنتين من الأولاد يرثن الثلثين مما ترك موروثهما ، وظاهر السياق انحصار الوارث فيهن . ولما كان لفظ الأولاد يشمل الذكور والإناث ، وقصد هنا بيان حكم الإناث ، أخلص الضمير للتأنيث . إذ الإناث أحد قسمي ما ينطلق عليه الأولاد ، فعاد الضمير على أحد القسمين ، وكأن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11في أولادكم ) في قوة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11في أولادكم ) الذكور والإناث . وإذا كان الضمير قد عاد على جمع التكسير العاقل المذكر بالنون في نحو قوله : ( ورب الشياطين ومن أضللن ) ، كما يعود على الإناث كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233والوالدات يرضعن ) فلأن يعود على جمع التكسير
[ ص: 182 ] العاقل الجامع للمذكر والمؤنث ، باعتبار أحد القسمين الذي هو المؤنث - أولى ، واسم ( كان ) الضمير العائد على أحد قسمي الأولاد ، والخبر ( نساء ) بصفته الذي هو فوق اثنتين ؛ لأنه لا تستقل فائدة الأخبار بقوله : ( نساء ) وحده ، وهي صفة للتأكيد ، ترفع أن يراد بالجمع قبلهما طريق المجاز ، إذ قد يطلق الجمع ويراد به التشبيه ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ( نساء ) خبرا ثانيا ل ( كان ) ، وليس بشيء ؛ لأن الخبر لا بد أن تستقل به فائدة الإسناد . ولو سكت على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء لكان نظير : إن كان الزيدون رجالا ، وهذا ليس بكلام . وقال بعض
البصريين : التقدير : وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : البنات أو المولودات .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : هل يصح أن يكون الضميران في ( كن ) و ( كانت ) مبهمين ، ويكون ( نساء ) و ( واحدة ) تفسيرا لهما على أن ( كان ) تامة ؟ قلت : لا أبعد ذلك ، انتهى . ونعني بالإبهام أنهما لا يعودان على مفسر متقدم ، بل يكون مفسرهما هو المنصوب بعدهما ، وهذا الذي لم يبعده
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هو بعيد ، أو ممنوع ألبتة ؛ لأن ( كان ) ليست من الأفعال التي يكون فاعلها مضمرا يفسره ما بعده ، بل هو مختص من الأفعال بنعم وبئس وما حمل عليهما ، وفي باب التنازع على ما قرر في النحو . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فوق اثنتين ) : أكثر من اثنتين ، بالغات ما بلغن من العدد ، فليس لهن إلا الثلثان . ومن زعم أن معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11نساء فوق اثنتين اثنتان فما فوقهما ، وأن قوة الكلام تقتضي ذلك ك
ابن عطية ، أو أن ( فوق ) زائدة ؛ مستدلا بأن ( فوق ) قد زيدت في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12فاضربوا فوق الأعناق ) فلا يحتاج في رد ما زعم إلى حجة لوضوح فساده . وذكروا أن حكم الثنتين في الميراث الثلثان كالبنات . قالوا : ولم يخالف في ذلك إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فإنه يرى لهما النصف إذا انفردا كحالهما إذا اجتمعا مع الذكر ، وما احتجوا به تقدم ذكره . وورد في الحديث في قصة
أوس بن ثابت : ( أنه أعطى البنتين الثلثين ) . وبنات الابن أو الأخوات الأشقاء أو لأب كبنات الصلب في الثلثين إذا انفردن عن من يحجبهن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف ) قرأ الجمهور : واحدة بالنصب على أنه خبر ( كان ) ، أي : وإن كانت هي أي البنت فذة ليس معها أخرى . وقرأ
نافع : ( واحدة ) بالرفع على أن ( كان ) تامة و ( واحدة ) الفاعل . وقرأ
السلمي : ( النصف ) بضم النون ، وهي قراءة
علي وزيد في جميع القرآن . وتقدم الخلاف في ضم النون وكسرها في
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237فنصف ما فرضتم في البقرة . وبنت الابن إذا لم تكن بنت صلب ، والأخت الشقيقة أو لأب ، والزوج إذا لم يكن للزوجة ولد ، ولا ولد ابن - كبنت الصلب ، لكل منهم النصف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) لما ذكر الفروع ومقدار ما يرثون أخذ في ذكر الأصول ومقدار ما يرثون ، فذكر أن
nindex.php?page=treesubj&link=13690_13769_14020الميت يرث منه أبواه كل واحد السدس إن كان للميت ولد ، وأبواه هما : أبوه وأمه . وغلب لفظ الأب في التثنية كما قيل : القمران ، فغلب القمر لتذكيره على الشمس ، وهي تثنية لا تقاس . وشمل قوله : وله ولد الذكر والأنثى ، والواحد والجماعة .
وظاهر الآية أن
nindex.php?page=treesubj&link=13690_14020فرض الأب السدس إذا كان للميت ولد ، أي ولد كان ،
[ ص: 183 ] وباقي المال للولد ، ذكرا كان أو أنثى . والحكم عند الجمهور أنه لو كان الولد أنثى أخذ السدس فرضا ، والباقي تعصيبا . وتعلقت الروافض بظاهر لفظ ( ولد ) فقالوا : السدس لكل واحد من أبويه ، والباقي للبنت أو الابن ، إذ الولد يقع على : الذكر ، والأنثى ، والجد ، وبنات الابن مع البنت ، والأخوات لأب مع أخت لأب وأم ، والواحدة من ولد الأم ، والجدات كالأب مع البنت في السدس . وقال
مالك : لا ترث جدة أبي الأب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : لا ترث أم الأم .
والضمير في ( لأبويه ) عائد على ما عاد عليه الضمير في ( ترك ) ، وهو ضمير الميت الدال عليه معنى الكلام وسياقه . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لكل واحد منهما ) بدل من ( أبويه ) ، ويفيد معنى التفصيل ، وتبيين أن السدس لكل واحد ، إذ لولا هذا البدل لكان الظاهر اشتراكهما في السدس ، وهو أبلغ وآكد من قولك : لكل واحد من أبويه السدس ، إذ تكرر ذكرهما مرتين : مرة بالإظهار ، ومرة بالضمير العائد عليهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : و ( السدس ) مبتدأ ، وخبره ( لأبويه ) ، والبدل متوسط بينهما انتهى . وقال
أبو البقاء : ( السدس ) رفع بالابتداء ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لكل واحد منهما ) الخبر ، و ( لكل ) بدل من ( الأبوين ) ، و ( منهما ) نعت ل ( واحد ) . وهذا البدل هو بدل بعض من كل ، ولذلك أتى بالضمير ، ولا يتوهم أنه بدل شيء من شيء ، وهما لعين واحدة ، لجواز أبواك يصنعان كذا ، وامتناع أبواك كل واحد منهما يصنعان كذا . بل تقول : يصنع كذا . وفي قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : و ( السدس ) مبتدأ ، وخبره ( لأبويه ) - نظر ؛ لأن البدل هو الذي يكون الخبر له دون المبدل منه ، كما مثلناه في قولك : أبواك كل واحد منهما يصنع كذا ، إذا أعربنا كلا بدلا . وكما تقول : إن زيدا عينه حسنة ، فلذلك ينبغي أن يكون إذا وقع البدل خبرا فلا يكون المبدل منه هو الخبر ، واستغنى عن جعل المبدل منه خبرا بالبدل كما استغنى عن الإخبار عن اسم ( إن ) وهو المبدل منه بالإخبار عن البدل . ولو كان التركيب : ولأبويه السدسان ؛ لأوهم التنصيف أو الترجيح في المقدار بين الأبوين ، فكان هذا التركيب القرآني في غاية النصية والفصاحة ، وظاهر قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11ولأبويه - أنهما اللذان ولدا الميت قريبا لا جداه ، ولا من علا من الأجداد . وزعموا أن قوله : ( أولادكم ) يتناول من سفل من الأبناء ؛ قالوا : لأن الأبوين لفظ مثنى لا يحتمل العموم ولا الجمع ، بخلاف قوله : في أولادكم . وفيما قالوه نظر ، وهما عندي سواء في الدلالة ، إن نظر إلى حمل اللفظ على حقيقته فلا يتناول إلا الأبناء الذين ولدهم الأبوان قريبا ، لا من سفل كالأبوين لا يتناول إلا من ولداه قريبا ، لا من علا . أو إلى حمل اللفظ على مجازه ، فيشترك اللفظان في ذلك ، فينطلق الأبوان على من ولداه قريبا . ومن علا كما ينطلق الأولاد
[ ص: 184 ] على من ولداهم قريبا . ومن سفل يبين حمله على الحقيقة في الموضعين أن ابن الابن لا يرث الابن ، وأن الجدة لا يفرض لها الثلث بإجماع ، فلم ينزل ابن الابن منزلة الابن مع وجوده ، ولا الجدة منزلة الأم .
وَ ( لِلذَّكَرِ ) : إِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ ، أَوْ تَنُوبُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ عَنِ الضَّمِيرِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ التَّقْدِيرَ لِذَكَرِهِمْ . وَ ( مِثْلُ ) : صِفَةٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ حَظٌّ مِثْلُ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَلَمْ يَعْمَلْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ ) فِي ( مِثْلُ ) إِجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْقَبُولِ فِي حِكَايَةِ الْجُمَلِ ، فَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : ارْتَفَعَ ( مِثْلُ ) عَلَى حَذْفِ ( أَنْ ) ، تَقْدِيرُهُ : أَنْ لِلذَّكَرِ . وَبِهِ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ . وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ - حَالَةُ اجْتِمَاعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَلَهُ سَهْمَانِ ، كَمَا أَنَّ لَهُمَا سَهْمَيْنِ . وَأَمَّا إِذَا انْفَرَدَ الِابْنُ فَيَأْخُذُ الْمَالَ ، أَوِ الْبِنْتَانِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ . وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِلنَّصِّ عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ : نَصِيبُ الذَّكَرِ هُنَا هُوَ الثُّلُثَانِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبَ الْأُنْثَيَيْنِ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ : إِذَا كَانَ نَصِيبُهَا مَعَ الذَّكَرِ الثُّلُثَ ، فَلَأَنْ يَكُونَ نَصِيبُهَا مَعَ أُنْثَى الثُّلُثَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَقْوَى مِنَ الْأُنْثَى . وَقِيلَ : حَظُّ الْأُنْثَيَيْنِ أَزْيَدُ مِنْ حَظِّ الْأُنْثَى ، وَإِلَّا لَزِمَ حَظُّ الذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَى ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَظُّهُمَا الثُّلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ . فَهَذِهِ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنَ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ . وَوَجْهٌ رَابِعٌ مِنَ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حُكْمَ الثِّنْتَيْنِ ، وَذَكَرَ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ وَمَا فَوْقَ الثِّنْتَيْنِ . وَفِي آخِرِ السُّورَةِ ذَكَرَ حُكْمَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ ، وَحُكْمَ الْأُخْتَيْنِ ، وَلَمْ يُذْكَرْ حُكْمُ الْأَخَوَاتِ ، فَصَارَتِ الْآيَتَانِ مُجْمَلَتَيْنِ مِنْ وَجْهٍ ، مُبَيَّنَتَيْنِ مِنْ وَجْهٍ .
فَنَقُولُ : لَمَّا كَانَ نَصِيبُ الْأُخْتَيْنِ الثُّلْثَيْنِ ، كَانَتِ الْبِنْتَانِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ . وَلَمَّا كَانَ نَصِيبُ الْبَنَاتِ الْكَثِيرَةِ لَا يُزَادُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ ، وَجَبَ أَنْ لَا يُزَادَ نَصِيبُ الْأَخَوَاتِ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ لَمَّا كَانَتْ أَشَدَّ اتِّصَالًا بِالْمَيِّتِ امْتَنَعَ جَعْلُ الْأَضْعَفِ زَائِدًا عَلَى الْأَقْوَى . وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ : فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلذَّكَرِ إِذَا لَمْ كُنْ مَعَهُ أُنْثَى ، لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ مَا لِلْأُنْثَيَيْنِ . وَقَدْ جَعَلَ لِلْأُنْثَى النِّصْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذَكَرٌ بِقُولِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلذَّكَرِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ مِثْلَيْ ذَلِكَ ، وَمِثْلَا النِّصْفِ هُوَ الْكُلُّ ، انْتَهَى .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : ( يُوَصِّيكُمْ ) بِالتَّشْدِيدِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : ثُلْثًا وَالثُّلْثَ وَالرُّبْعَ وَالسُّدْسَ وَالثُّمْنَ بِإِسْكَانِ الْوَسَطِ ، وَالْجُمْهُورُ بِالضَّمِّ ، وَهِيَ لُغَةُ
الْحِجَازِ وَ
بَنِي أَسَدٍ ، قَالَهُ
النَّحَّاسُ مِنَ الثُّلْثِ إِلَى الْعُشْرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هِيَ لُغَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَالسُّكُونَ تَخْفِيفٌ ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي شَأْنِ أَوْلَادِكُمُ الْوَارِثِينَ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ حَظٌّ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ حَالَةَ اجْتِمَاعِهِمْ مِمَّا تَرَكَ الْمُوَرِّثُونَ إِنِ انْفَرَدَ بِالْإِرْثِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ذُو فَرْضٍ كَانَ مَا يَبْقَى مِنَ الْمَالِ لَهُمَا ، وَالْفُرُوضُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ ، وَهِيَ سِتَّةٌ : النِّصْفُ ، وَالرُّبُعُ ، وَالثُّمُنُ ، وَالثُّلُثَانِ ، وَالثُّلُثُ ، وَالسُّدُسُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ) ظَاهِرُ هَذَا التَّقْسِيمِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثِّنْتَيْنِ مِنَ الْأَوْلَادِ يَرِثْنَ الثُّلُثَيْنِ مِمَّا تَرَكَ مَوْرُوثُهُمَا ، وَظَاهِرُ السِّيَاقِ انْحِصَارُ الْوَارِثِ فِيهِنَّ . وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْأَوْلَادِ يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ ، وَقَصَدَ هُنَا بَيَانَ حُكْمِ الْإِنَاثِ ، أَخْلَصَ الضَّمِيرَ لِلتَّأْنِيثِ . إِذِ الْإِنَاثُ أَحَدُ قِسْمَيْ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الْأَوْلَادُ ، فَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ ، وَكَأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فِي أَوْلَادِكُمْ ) فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فِي أَوْلَادِكُمْ ) الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ . وَإِذَا كَانَ الضَّمِيرُ قَدْ عَادَ عَلَى جَمْعِ التَّكْسِيرِ الْعَاقِلِ الْمُذَكَّرِ بِالنُّونِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ : ( وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَنْ أَضْلَلْنَ ) ، كَمَا يَعُودُ عَلَى الْإِنَاثِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ ) فَلَأَنْ يَعُودَ عَلَى جَمْعِ التَّكْسِيرِ
[ ص: 182 ] الْعَاقِلِ الْجَامِعِ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ ، بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ الَّذِي هُوَ الْمُؤَنَّثُ - أَوْلَى ، وَاسْمُ ( كَانَ ) الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيِ الْأَوْلَادِ ، وَالْخَبَرُ ( نِسَاءً ) بِصِفَتِهِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَسْتَقِلُّ فَائِدَةُ الْأَخْبَارِ بِقَوْلِهِ : ( نِسَاءً ) وَحْدَهُ ، وَهِيَ صِفَةٌ لِلتَّأْكِيدِ ، تَرْفَعُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَمْعِ قَبْلَهُمَا طَرِيقُ الْمَجَازِ ، إِذْ قَدْ يُطْلَقُ الْجَمْعُ وَيُرَادُ بِهِ التَّشْبِيهُ ، وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ( نِسَاءً ) خَبَرًا ثَانِيًا لِ ( كَانَ ) ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِهِ فَائِدَةُ الْإِسْنَادِ . وَلَوْ سَكَتَ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً لَكَانَ نَظِيرَ : إِنْ كَانَ الزَّيْدُونَ رِجَالًا ، وَهَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ . وَقَالَ بَعْضُ
الْبَصْرِيِّينَ : التَّقْدِيرُ : وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكَاتُ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ . وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْبَنَاتُ أَوِ الْمَوْلُودَاتُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرَانِ فِي ( كُنَّ ) وَ ( كَانَتْ ) مُبْهَمَيْنِ ، وَيَكُونُ ( نِسَاءً ) وَ ( وَاحِدَةً ) تَفْسِيرًا لَهُمَا عَلَى أَنَّ ( كَانَ ) تَامَّةٌ ؟ قُلْتُ : لَا أُبْعِدُ ذَلِكَ ، انْتَهَى . وَنَعْنِي بِالْإِبْهَامِ أَنَّهُمَا لَا يَعُودَانِ عَلَى مُفَسِّرٍ مُتَقَدِّمٍ ، بَلْ يَكُونُ مُفَسِّرُهُمَا هُوَ الْمَنْصُوبَ بَعْدَهُمَا ، وَهَذَا الَّذِي لَمْ يُبْعِدْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ بَعِيدٌ ، أَوْ مَمْنُوعٌ أَلْبَتَّةَ ؛ لِأَنَّ ( كَانَ ) لَيْسَتْ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَكُونُ فَاعِلُهَا مُضْمَرًا يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ ، بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ مِنَ الْأَفْعَالِ بِنِعْمَ وَبِئْسَ وَمَا حُمِلَ عَلَيْهِمَا ، وَفِي بَابِ التَّنَازُعِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي النَّحْوِ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) : أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْنِ ، بَالِغَاتٍ مَا بَلَغْنَ مِنَ الْعَدَدِ ، فَلَيْسَ لَهُنَّ إِلَّا الثُّلُثَانِ . وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا ، وَأَنَّ قُوَّةَ الْكَلَامِ تَقْتَضِي ذَلِكَ كَ
ابْنِ عَطِيَّةَ ، أَوْ أَنَّ ( فَوْقَ ) زَائِدَةٌ ؛ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ ( فَوْقَ ) قَدْ زِيدَتْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ) فَلَا يُحْتَاجُ فِي رَدِّ مَا زَعَمَ إِلَى حُجَّةٍ لِوُضُوحِ فَسَادِهِ . وَذَكَرُوا أَنَّ حُكْمَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ الثُّلُثَانِ كَالْبَنَاتِ . قَالُوا : وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَإِنَّهُ يَرَى لَهُمَا النِّصْفَ إِذَا انْفَرَدَا كَحَالِهِمَا إِذَا اجْتَمَعَا مَعَ الذَّكَرِ ، وَمَا احْتَجُّوا بِهِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ . وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ
أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ : ( أَنَّهُ أَعْطَى الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ ) . وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوِ الْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ كَبَنَاتِ الصُّلْبِ فِي الثُّلُثَيْنِ إِذَا انْفَرَدْنَ عَنْ مَنْ يَحْجُبُهُنَّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ : وَاحِدَةً بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ( كَانَ ) ، أَيْ : وَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَيِ الْبِنْتُ فَذَّةً لَيْسَ مَعَهَا أُخْرَى . وَقَرَأَ
نَافِعٌ : ( وَاحِدَةٌ ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ ( كَانَ ) تَامَّةٌ وَ ( وَاحِدَةً ) الْفَاعِلُ . وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ : ( النُّصْفُ ) بِضَمِّ النُّونِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
عَلِيٍّ وَزَيْدٍ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ . وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ فِي الْبَقَرَةِ . وَبِنْتُ الِابْنُ إِذَا لَمْ تَكُنْ بِنْتَ صُلْبٍ ، وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ ، وَالزَّوْجُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ وَلَدٌ ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ - كَبِنْتِ الصُّلْبِ ، لِكُلٍّ مِنْهُمُ النِّصْفُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) لَمَّا ذَكَرَ الْفُرُوعَ وَمِقْدَارَ مَا يَرِثُونَ أَخَذَ فِي ذِكْرِ الْأُصُولِ وَمِقْدَارِ مَا يَرِثُونَ ، فَذَكَرَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13690_13769_14020الْمَيِّتَ يَرِثُ مِنْهُ أَبَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ السُّدُسَ إِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ ، وَأَبَوَاهُ هُمَا : أَبُوهُ وَأُمُّهُ . وَغَلَبَ لَفْظُ الْأَبِ فِي التَّثْنِيَةِ كَمَا قِيلَ : الْقَمَرَانِ ، فَغَلَبَ الْقَمَرُ لِتَذْكِيرِهِ عَلَى الشَّمْسِ ، وَهِيَ تَثْنِيَةٌ لَا تُقَاسُ . وَشَمَلَ قَوْلُهُ : وَلَهُ وَلَدٌ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، وَالْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ .
وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13690_14020فَرْضَ الْأَبِ السُّدُسُ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ ، أَيَّ وَلَدٍ كَانَ ،
[ ص: 183 ] وَبَاقِي الْمَالِ لِلْوَلَدِ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى . وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى أَخَذَ السُّدُسَ فَرْضًا ، وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا . وَتَعَلَّقَتِ الرَّوَافِضُ بِظَاهِرِ لَفْظِ ( وَلَدٌ ) فَقَالُوا : السُّدُسُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ ، وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ أَوِ الِابْنِ ، إِذِ الْوَلَدُ يَقَعُ عَلَى : الذَّكَرِ ، وَالْأُنْثَى ، وَالْجَدِّ ، وَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ ، وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ ، وَالْوَاحِدَةِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ، وَالْجَدَّاتِ كَالْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ فِي السُّدُسِ . وَقَالَ
مَالِكٌ : لَا تَرِثُ جَدَّةُ أَبِي الْأَبِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ : لَا تَرِثُ أُمُّ الْأُمِّ .
وَالضَّمِيرُ فِي ( لِأَبَوَيْهِ ) عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي ( تَرَكَ ) ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْمَيِّتِ الدَّالُّ عَلَيْهِ مَعْنَى الْكَلَامِ وَسِيَاقُهُ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ) بَدَلٌ مِنْ ( أَبَوَيْهِ ) ، وَيُفِيدُ مَعْنَى التَّفْصِيلِ ، وَتَبْيِينِ أَنَّ السُّدُسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ، إِذْ لَوْلَا هَذَا الْبَدَلُ لَكَانَ الظَّاهِرُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي السُّدُسِ ، وَهُوَ أَبْلَغُ وَآكَدُ مِنْ قَوْلِكَ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ السُّدُسُ ، إِذْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُمَا مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً بِالْإِظْهَارِ ، وَمَرَّةً بِالضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَيْهِمَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَ ( السُّدُسُ ) مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ ( لِأَبَوَيْهِ ) ، وَالْبَدَلُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : ( السُّدُسُ ) رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ) الْخَبَرُ ، وَ ( لِكُلِّ ) بَدَلٌ مِنَ ( الْأَبَوَيْنِ ) ، وَ ( مِنْهُمَا ) نَعْتٌ لِ ( وَاحِدٍ ) . وَهَذَا الْبَدَلُ هُوَ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ ، وَلِذَلِكَ أَتَى بِالضَّمِيرِ ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ بَدَلُ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ ، وَهُمَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ ، لِجَوَازِ أَبَوَاكَ يَصْنَعَانِ كَذَا ، وَامْتِنَاعِ أَبَوَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْنَعَانِ كَذَا . بَلْ تَقُولُ : يَصْنَعُ كَذَا . وَفِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : وَ ( السُّدُسُ ) مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ ( لِأَبَوَيْهِ ) - نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ الْخَبَرُ لَهُ دُونَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ ، كَمَا مَثَّلْنَاهُ فِي قَوْلِكَ : أَبَوَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْنَعُ كَذَا ، إِذَا أَعْرَبْنَا كُلًّا بَدَلًا . وَكَمَا تَقُولُ : إِنَّ زَيْدًا عَيْنَهُ حَسَنَةٌ ، فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِذَا وَقَعَ الْبَدَلُ خَبَرًا فَلَا يَكُونُ الْمُبْدَلُ مِنْهُ هُوَ الْخَبَرَ ، وَاسْتَغْنَى عَنْ جَعْلِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ خَبَرًا بِالْبَدَلِ كَمَا اسْتَغْنَى عَنِ الْإِخْبَارِ عَنِ اسْمِ ( إِنَّ ) وَهُوَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ بِالْإِخْبَارِ عَنِ الْبَدَلِ . وَلَوْ كَانَ التَّرْكِيبُ : وَلِأَبَوَيْهِ السُّدُسَانِ ؛ لَأَوْهَمَ التَّنْصِيفَ أَوِ التَّرْجِيحَ فِي الْمِقْدَارِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ ، فَكَانَ هَذَا التَّرْكِيبُ الْقُرْآنِيُّ فِي غَايَةِ النَّصِّيَّةِ وَالْفَصَاحَةِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَلِأَبَوَيْهِ - أَنَّهُمَا اللَّذَانِ وَلَدَا الْمَيِّتَ قَرِيبًا لَا جَدَّاهُ ، وَلَا مَنْ عَلَا مِنَ الْأَجْدَادِ . وَزَعَمُوا أَنَّ قَوْلَهُ : ( أَوْلَادِكُمْ ) يَتَنَاوَلُ مَنْ سَفَلَ مِنَ الْأَبْنَاءِ ؛ قَالُوا : لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ لَفْظٌ مُثَنًّى لَا يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَلَا الْجَمْعَ ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ : فِي أَوْلَادِكُمْ . وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ ، وَهُمَا عِنْدِي سَوَاءٌ فِي الدَّلَالَةِ ، إِنْ نُظِرَ إِلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا الْأَبْنَاءَ الَّذِينَ وَلَدَهُمُ الْأَبَوَانِ قَرِيبًا ، لَا مَنْ سَفَلَ كَالْأَبَوَيْنِ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا مَنْ وَلَدَاهُ قَرِيبًا ، لَا مَنْ عَلَا . أَوْ إِلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى مَجَازِهِ ، فَيَشْتَرِكُ اللَّفْظَانِ فِي ذَلِكَ ، فَيَنْطَلِقُ الْأَبَوَانِ عَلَى مَنْ وَلَدَاهُ قَرِيبًا . وَمَنْ عَلَا كَمَا يَنْطَلِقُ الْأَوْلَادُ
[ ص: 184 ] عَلَى مَنْ وَلَدَاهُمْ قَرِيبًا . وَمَنْ سَفَلَ يُبَيِّنُ حَمْلَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ لَا يَرِثُ الِابْنَ ، وَأَنَّ الْجَدَّةَ لَا يُفْرَضُ لَهَا الثُّلُثُ بِإِجْمَاعٍ ، فَلَمْ يُنَزَّلِ ابْنُ الِابْنِ مَنْزِلَةَ الِابْنِ مَعَ وُجُودِهِ ، وَلَا الْجَدَّةُ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ .