الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور

                                                                                                                                                                                                                                      2 - الذي خلق الموت ؛ خبر مبتدإ محذوف؛ أو بدل من الذي قبله؛ والحياة ؛ أي: ما يصح بوجوده الإحساس؛ والموت ضده؛ ومعنى خلق الموت والحياة: إيجاد ذلك المصحح وإعدامه؛ والمعنى: خلق موتكم؛ وحياتكم؛ أيها المكلفون؛ ليبلوكم ؛ ليمتحنكم بأمره؛ ونهيه؛ فيما بين الموت؛ الذي يعم الأمير؛ والأسير؛ والحياة التي لا تفي بعليل ولا طبيب؛ فيظهر منكم ما علم أنه يكون منكم؛ فيجازيكم على عملكم؛ لا على علمه بكم؛ أيكم ؛ مبتدأ؛ وخبره: أحسن عملا ؛ أي: أخلصه؛ وأصوبه؛ فالخالص أن يكون لوجه الله؛ [ ص: 511 ] والصواب أن يكون على السنة؛ والمراد أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل؛ وسلط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح؛ فما وراءه إلا البعث والجزاء؛ الذي لا بد منه؛ وقدم الموت على الحياة لأن أقوى الناس داعيا إلى العمل من نصب موته بين عينيه؛ فقدم لأنه فيما يرجع إلى المسوق له الآية أهم؛ ولما قدم الموت - الذي هو أثر صفة القهر - على الحياة - التي هي أثر اللطف - قدم صفة القهر على صفة اللطف؛ بقوله: وهو العزيز ؛ أي: الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل؛ الغفور ؛ الستور؛ الذي لا ييأس منه أهل الإساءة والزلل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية