الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تقرر الإيمان به من أنه الملك الذي له وحده الملك، وأشار بما يشاهد من انقسام عبيده إلى مؤمن وكافر إلى أنه لا من الأخذ على يد الظالم منهما كما هي عادة الملوك، لا يسوغ في الحكمة ولا في العادة غير ذلك، وأخبر أن علمه محيط لنسبته إلى العلويات والسفليات والظواهر والبواطن على حد سواء، أتبع ذلك وجوب الإيمان برسله لجمع الكلمة عليه سبحانه لنكمل الحياة بإصلاح ذات البين لئلا يقع الخلاف فتفسد الحياة ووجوب الاعتبار لمن مضى من أممهم، فمن لم يعتبر عثر على مهواه من الأمل، ودل عليه بإهلاكه من خالفهم إهلاكا منسقا في خرقه للعادة وخصوصه لهم على وجه مقرر ما مضى من انفراده بالملك معلم أن الكفرة هم المبطلون فقال: ألم يأتكم أي أيها الناس ولا سيما الكفار لتعلموا أنه شامل العلم محيط القدرة ينتقم من المسيء نبأ الذين وعبر بما يشمل شديد الكفر وضعيفه فقال: كفروا أي خبرهم العظيم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المهلكون على ذلك الوجه بعض الكفار وهم الذين أرسل إليهم الرسل، فلم يستغرقوا ما مضى من الزمان قال: من قبل [ ص: 112 ] كالقرون المذكورين في الأعراف، ثم سبب عن كفرهم وعقب قوله: فذاقوا أي باشروا مباشرة الذائق بالعدل الثاني كما كان حكم عليهم بالعدل الأول بالتقسيم إلى كافر ومؤمن وبال أمرهم أي شدة ما كانوا فيه مما يستحق أن يشاور فيه ويؤمر وينهى وثقله ووخامة مرعاه في الدنيا، وأصله الثقل كيفما قلب ولهم أي مع ما ذاقوه بسببه في الدنيا عذاب أليم في البرزخ ثم القيامة التي هي موضع الفصل الأعظم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية