الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طها

                                                          طها : طها اللحم يطهوه ويطهاه طهوا وطهوا وطهيا وطهاية وطهيا : عالجه بالطبخ أو الشيء ، والاسم الطهي ، ويقال يطهى ، والطهو والطهي أيضا الخبز : ابن الأعرابي : الطهى الطبيخ ، والطاهي الطباخ ، وقيل : الشواء ، وقيل : الخباز ، وقيل : كل مصلح بطعام أو غيره معالج له طاه ، رواه ابن الأعرابي ، والجمع طهاة وطهي ، وقال امرؤ القيس :


                                                          فظل طهاة اللحم من بين منضج صفيف شواء ، أو قدير معجل



                                                          أبو عمرو : أطهى حذق صناعته . وفي حديث أم زرع : وما طهاة أبي زرع ، يعني الطباخين ، واحدهم طاه ، وأصل الطهو الطبخ الجيد المنضج . يقال : طهوت الطعام إذا أنضجته وأتقنت طبخه . والطهو : العمل ; الليث : الطهو علاج اللحم بالشي أو الطبخ ، وقيل : لأبي هريرة : أأنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : وما كان طهوي أي ما كان عملي إن لم أحكم ذلك ؟ قال أبو عبيد : هذا عندي مثل ضربه ، لأن الطهو في كلامهم إنضاج الطعام قال : فنرى أن معناه أن أبا هريرة جعل إحكامه للحديث وإتقانه إياه كالطاهي المجيد المنضج لطعامه ، يقول : فما كان عملي إن كنت لم أحكم هذه الرواية التي رويتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإحكام الطاهي للطعام ، وكان وجه الكلام أن يقول : فما كان إذا طهوي ؟ ولكن الحديث جاء على هذا اللفظ ، ومعناه أنه لم يكن لي عمل غير السماع ، أو أنه إنكار لأن يكون الأمر على خلاف ما قال ، وقيل : هو بمعنى التعجب كأنه قال : وإلا فأي شيء حفظي وإحكامي ما سمعت ؟ والطهى : الذنب . طهى طهيا : أذنب ; حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : وذلك من قول أبي هريرة أنا ما طهوي أي أي شيء طهوي ، على التعجب ، كأنه أراد أي شيء حفظي لما سمعته وإحكامي . وطهت الأبل تطهى طهوا وطهوا وطهيا : انتشرت وذهبت في الأرض ; قال الأعشى :


                                                          ولسنا لباغي المهملات     بقرفة إذا ما طهى بالليل منتشراتها



                                                          ورواه بعضهم : إذا ماط من ماط يميط . والطهاوة : الجلدة الرقيقة فوق اللبن أو الدم . وطها في الأرض طهيا : ذهب فيها مثل طحا ، قال :

                                                          ما كان ذنبي أن طها ثم لم يعد ، وحمران فيها طائش العقل أصور

                                                          وأنشد الجوهري :


                                                          طها هذريان ، قل تغميض عينه     على دبة مثل الخنيف المرعبل



                                                          وكذلك طهت الإبل . والطهي : الغيم الرقيق ، وهو الطهاء لغة في الطخاء ، واحدته طهاءة ; يقال : ما على السماء طهاءة أي قزعة . وليل طاه أي مظلم . الأصمعي : الطهاء والطخاء والطخاف والعماء كله السحاب المرتفع ، والطهي الصراع ، والطهي الضرب الشديد . وطهية : قبيلة ، النسب إليها طهوي وطهوي وطهوي وطهوي ، وذكروا أن مكبره طهوة ، ولكنهم غلب استعمالهم له مصغرا ; قال ابن سيده : وهذا ليس بقوي ، قال : وقال سيبويه النسب إلى طهية طهوي ، وقال بعضهم : طهوي على القياس ، وقيل : هم حي من تميم نسبوا إلى أمهم ، وهم أبو سود وعوف وحبيش بنو مالك بن [ ص: 155 ] حنظلة ; قال جرير :


                                                          أثعلبة الفوارس أو رياحا     عدلت بهم طهية والخشابا ؟



                                                          قال ابن بري : قال : ابن السيرافي لا يروى فيه إلا نصب الفوارس على النعت لثعلبة ; الأزهري : من قال : طهوي جعل الأصل طهوة . وفي النوادر : ما أدري أي الطهياء هو ; وأي الضحياء هو ; وأي الوضح هو ; وقال أبو النجم :


                                                          جزاه عنا ربنا ، رب طها     خير الجزاء في العلالي العلا

                                                          ، فإنما أراد رب طه السورة ، فحذف الألف ; وأنشد الباهلي للأحول الكندي :


                                                          وليت لنا من ماء زمزم     شربة مبردة باتت على الطهيان

                                                          يعني من ماء زمزم ، بدل زمزم ; كقوله :

                                                          كسوناها من الريط اليماني مسوحا ، في بنائقها فضول يصف إبلا كانت بيضا وسودها العرن ، فكأنها كسيت مسوحا سودا بعدما كانت بيضا . والطهيان : كأنه اسم قلة جبل ، والطهيان : خشبة يبرد عليها الماء ، وأنشد بيت الأحول الكندي :


                                                          مبردة باتت على طهيان

                                                          ، وحمنان مكة شرفها الله تعالى . ورأيت بخط الشيخ الفاضل رضي الدين الشاطبي - رحمه الله تعالى - في حواشي كتاب أمالي ابن بري ; قال : قال : أبو عبيد البكري طهيان ، بفتح أوله وثانيه وبعده الياء ، أخت الواو ، اسم ماء . وطهيان : جبل ; وأنشد :


                                                          فليت لنا من ماء حمنان     شربة مبردة باتت على الطهيان

                                                          ، وشرحه فقال : يريد بدلا من ماء زمزم كما قال علي : - كرم الله وجهه - لأهل العراق ، وهم مائة ألف أو يزيدون : لوددت لو أن لي منكم مائتي رجل من بني فراس بن غنم لا أبالي من لقيت بهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية