الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب اتخاذ متعبدات الكفار ومواضع القبور إذا نبشت مساجد

                                                                                                                                            623 - ( عن عثمان بن أبي العاص { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مساجد الطائف حيث كان طواغيتهم } . رواه أبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                                            قال البخاري : وقال عمر : إنا لا ندخل كنائسهم من أجل التماثيل التي فيها الصور . قال : وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها التماثيل ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث رجال إسناده ثقات ، ومحمد بن عبد الله بن عياض الطائفي المذكور في إسناد هذا الحديث ذكره ابن حبان في الثقات ، وكذلك أبو همام ثقة واسمه محمد بن محمد الدلال البصري ، وعثمان بن أبي العاص المذكور هو الثقفي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين استعمله على الطائف . قوله : ( طواغيتهم ) جمع طاغوت وهو بيت الصنم الذي كانوا يتعبدون فيه لله تعالى ويتقربون إليه بالأصنام على زعمهم . والحديث يدل على جواز جعل الكنائس والبيع وأمكنة الأصنام مساجد ، وكذلك فعل كثير من الصحابة حين فتحوا البلاد ، جعلوا متعبداتهم متعبدات للمسلمين وغيروا محاريبها . قوله : ( وقال عمر ) هكذا ذكره البخاري تعليقا ووصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر ، قال : لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعاما وكان من عظمائهم وقال : أحب أن تجيبني وتكرمني ، فقال له عمر : إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها يعني التماثيل

                                                                                                                                            قوله : ( من أجل التماثيل ) هو جمع تمثال بمثناة ثم مثلثة بينهما ميم . قال الحافظ : وبينه وبين الصورة عموم وخصوص مطلق ، فالصورة أعم .

                                                                                                                                            قوله : ( التي فيها الصور ) الضمير يعود على الكنيسة والصور بالجر بدل من التماثيل أو بيان لها أو بالنصب على الاختصاص ، أو بالرفع أي أن التماثيل مصورة والضمير على هذا للتماثيل .

                                                                                                                                            وفي رواية الأصيلي بزيادة الواو العاطفة . قوله : ( وكان ابن عباس ) هكذا ذكره البخاري تعليقا ، ووصله البغوي في الجعديات [ ص: 170 ] وزاد فيه فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر . والأثران يدلان على جواز دخول البيع والصلاة فيها ، إلا إذا كان فيها تماثيل . وقد تقدم الكلام في ذلك . والبيعة : صومعة الراهب . قاله في المحكم . وقيل : كنيسة النصاري . قال الحافظ : والثاني هو المعتمد وهي بكسر الباء ، قال : ويدخل في حكم البيعة الكنيسة وبيت المدراس والصومعة وبيت الصنم وبيت النار ونحو ذلك قال ابن رسلان : وفي الحديث أنه كان يصلي في البيعة وهي كنيسة أهل الكتاب .

                                                                                                                                            624 - ( وعن قيس بن طلق بن علي عن أبيه قال { : خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ، ثم صبه في إداوة وأمرنا ، فقال : اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا } . رواه النسائي ) . الحديث أخرج نحوه الطبراني في الكبير والأوسط ، وقيس بن طلق ممن لا يحتج بحديثه ، قال يحيى بن معين : لقد أكثر الناس في قيس بن طلق وأنه لا يحتج بحديثه ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم إن أباه وأبا زرعة قالا : قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه وضعفه أحمد ويحيى بن معين في إحدى الروايتين عنه ، وفي رواية عثمان بن سعد عنه أنه وثقه ، ووثقه العجلي ، قال في الميزان حاكيا عن ابن القطان أنه قال : يقتضي أن يكون خبره حسنا لا صحيحا . وأما من دون قيس بن طلق فهم ثقات ، فإن النسائي قال : أخبرنا هناد بن السري عن ملازم ، قال : حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق ، وملازم هو ابن عمرو ، وثقه ابن معين والنسائي ، وعبد الله بن بدر ثقة ، وأما هناد فهو الإمام الكبير المشهور .

                                                                                                                                            والطهور والإداوة قد تقدم ضبطهما . والحديث يدل على جواز اتخاذ البيع مساجد . وغيرها من الكنائس ونحوها ملحق بها بالقياس كما تقدم




                                                                                                                                            الخدمات العلمية