الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 291 ] 51 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام فيمن كان ينزل عليه الوحي ، وهو في لحافها

321 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، حدثني عوف بن الحارث ، عن أخته رميثة ابنة الحارث ، عن أم سلمة { أن النساء قلن لها : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نحب الخير كما تحبه عائشة ، فإذا جاءك النبي عليه السلام فقولي له : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نحب الخير كما تحبه عائشة ، فلو أمرت الناس يهدون لك حيث كنت ، قالت : فلما جاء النبي عليه السلام قلت له فأعرض عني ، فلما خرج قلن لها ما فعلت ؟ قالت : قد قلت له فأعرض عني ، فقلن : عاوديه ، فعاودته فأعرض عني ، ثم قال : يا أم سلمة ، لا تؤذيني في عائشة ، فوالله ما منكن امرأة ينزل علي الوحي وأنا في لحافها ليس عائشة ، قالت : قلت : لا جرم ، والله لا أوذيك فيها أبدا } .

[ ص: 292 ] فقال قائل : فقد روي عن أم سلمة في غير هذا الحديث ما يضاد ما في هذا الحديث .

322 - وذكر ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ، وكان قائد كعب حين عمي ، قال : سألت كعبا عن حديثه حين تخلف عن رسول الله عليه السلام في غزوة تبوك ، فذكر أنه حدثه إياه ، وقال فيه : قال كعب : وأخبرتني { أم سلمة زوج النبي عليه السلام ، وكانت محسنة في شأني أن رسول الله عليه السلام كان عندها تلك الليلة تعني التي نزلت فيها توبته ، قالت : فلما بقي ثلث من الليل نزلت عليه توبتنا ، فقال : يا أم سلمة ، تيب على كعب وصاحبيه ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، أفلا أرسل إليه أبشره ؟ قال : إذا يحطمكم الناس ، ويمنعونك النوم سائر الليلة ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا بعدما صلى الصبح } .

[ ص: 293 ] فكان جوابنا له عن ذلك بتوفيق الله أن ما في هذا الحديث غير مضاد لما في الحديث الأول ؛ لأن الذي في هذا الحديث إنما هو إخبار أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت عليه توبة كعب وصاحبيه في بيتها ، وفي ليلتها ، لا ما سوى ذلك ، وقد يجوز أن يكون نزل ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في غير لحافها .

وفي الحديث الأول إثبات أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : والله ما منكن امرأة ينزل علي الوحي وأنا في لحافها ليس عائشة ، ففي ذلك إثبات أن نزول الوحي كان عليه ، وهو في لحاف عائشة ، وليس ذلك في الحديث الثاني الذي ذكرناه في هذا الباب ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية