الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طوي

                                                          طوي : الطي : نقيض النشر ، طويته طيا وطية وطية ، بالتخفيف ، الأخيرة عن اللحياني ، وهي نادرة ، وحكى : صحيفة جافية الطية ، بالتخفيف أيضا ، أي الطي . وحكى أبو علي : طية وطوى ككوة وكوى ، وطويته وقد انطوى واطوى وتطوى تطويا ، وحكى سيبويه : تطوى انطواء ; وأنشد :


                                                          وقد تطويت انطواء الحضب



                                                          الحضب : ضرب من الحيات ، وهو الوتر أيضا ، قال : وكذلك جميع ما يطوى . ويقال : طويت الصحيفة أطويها طيا ، فالطي المصدر ، وطويتها طية واحدة ، أي مرة واحدة . وإنه لحسن الطية ، بكسر الطاء : يريدون ضربا من الطي ، مثل الجلسة والمشية والركبة ، وقال ذو الرمة :


                                                          من دمنة نسفت عنها الصبا     سفعا كما تنشر بعد الطية الكتب



                                                          فكسر الطاء لأنه لم يرد به المرة الواحدة . ويقال للحية وما يشبهها : انطوى ينطوي انطواء فهو منطو ، على منفعل . ويقال : اطوى يطوي اطواء ، إذا أردت به افتعل ، فأدغم التاء في الطاء ، فتقول مطو مفتعل . وفي حديث بناء الكعبة : فتطوت موضع البيت كالحجفة أي استدارت كالترس ، وهو تفعلت من الطي . وفي حديث السفر : اطو لنا الأرض ، أي قربها لنا وسهل السير فيها ، حتى لا تطول علينا ، فكأنها قد طويت . وفي الحديث : أن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار ; أي تقطع مسافتها ؛ لأن الإنسان فيه أنشط منه في النهار وأقدر على المشي والسير لعدم الحر وغيره . والطاوي من الظباء : الذي يطوي عنقه عند الربوض ثم يربض ; قال الراعي :


                                                          أغن غضيض الطرف ، باتت تعله     صرى ضرة شكرى ، فأصبح طاويا



                                                          عدى تعل إلى مفعولين ؛ لأن فيه معنى تسقي . والطية : الهيئة التي يطوى عليها . وأطواء الثوب والصحيفة والبطن والشحم والأمعاء والحية وغير ذلك : طرائقه ومكاسر طيه ، واحدها طي ، بالكسر ، وطي ، بالفتح ، وطوى . الليث : أطواء الناقة طرائق شحمها ، وقيل : طرائق شحم جنبيها وسنامها طي فوق طي . ومطاوي الحية ومطاوي الأمعاء والثوب والشحم والبطن : أطواؤها ، والواحد مطوى . وتطوت الحية أي تحوت . وطوى الحية : انطواؤها . ومطاوي الدرع . غضونها إذا ضمت ، واحدها مطوى ; وأنشد :


                                                          وعندي حصداء مسرودة     كأن مطاويها مبرد



                                                          والمطوى : شيء يطوى عليه الغزل . والمنطوي : الضامر البطن . وهذا رجل طوي البطن ، على فعل ، أي ضامر البطن ، عن ابن السكيت ; قال العجير السلولي :


                                                          فقام فأدنى من وسادي وساده     طوي البطن ، ممشوق الذراعين ، شرجب



                                                          وسقاء طو : طوي وفيه بلل أو بقية لبن فتغير ولخن وتقطع عفنا ، وقد طوي طوى . والطي في العروض : حذف الرابع من مستفعلن ومفعولات ، فيبقى مستعلن ومفعولات ، فينقل مستعلن إلى مفتعلن ، ومفعلات إلى فاعلات ، يكون ذلك في البسيط والرجز والمنسرح ، وربما سمي هذا الجزء إذا كان ذلك مطويا ، لأن رابعه وسطه على الاستواء ; فشبه بالثوب الذي يعطف من وسطه . وطوى الركية طيا : عرشها بالحجارة والآجر ، وكذلك اللبن تطويه في البناء . والطوي : البئر المطوية بالحجارة ، مذكر ، فإن أنث فعلى المعنى كما ذكر البئر على المعنى في قوله :


                                                          يا بئر ، يا بئر بني عدي     لأنزحن قعرك بالدلي
                                                          حتى تعودي أقطع الولي



                                                          أراد قليبا أقطع الولي ، وجمع الطوي البئر أطواء . وفي حديث بدر . فقذفوا في طوي من أطواء بدر أي بئر مطوية من آبارها ; قال ابن الأثير : والطوي في الأصل صفة فعيل بمعنى مفعول ، فلذلك جمعوه على الأطواء كشريف وأشراف ويتيم وأيتام ، وإن كان قد انتقل إلى باب الاسمية . وطوى كشحه على كذا : أضمره وعزم عليه . وطوى فلان كشحه : مضى لوجهه ; قال الشاعر :


                                                          وصاحب قد طوى كشحا فقلت له :     إن انطواءك هذا عنك يطويني

                                                          وطوى عني نصيحته وأمره : كتمه . أبو الهيثم : يقال : طوى فلان فؤاده على عزيمة أمر إذا أسرها في فؤاده . وطوى فلان كشحه : أعرض بوده . وطوى فلان كشحه على عداوة إذا لم يظهرها . ويقال : طوى فلان حديثا إلى حديث أي لم يخبر به وأسره في نفسه فجازه إلى آخر ، كما يطوي المسافر منزلا إلى منزل فلا ينزل . ويقال : اطو هذا الحديث أي اكتمه . وطوى فلان كشحه عني أي أعرض عني مهاجرا . وطوى كشحه على أمر إذا أخفاه ; قال زهير :


                                                          وكان طوى كشحا على مستكنة     فلا هو أبداها ولم يتقدم

                                                          أراد بالمستكنة عداوة أكنها في ضميره . وطوى البلاد طيا : قطعها بلدا عن بلد . وطوى الله لنا البعد أي قربه . وفلان يطوي البلاد أي يقطعها عن بلد . وطوى المكان إلى المكان : جاوزه ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          عليها ابن علات إذا اجتس منزلا     طوته نجوم الليل ، وهي بلاقع



                                                          أي أنه لا يقيم بالمنزل ، لا يجاوزه النجم إلا وهو قفر منه ، قال : وهي بلاقع ، لأنه عنى بالمنزل المنازل أي إذا اجتس منازل ; وأنشد :


                                                          بها الوجناء ما تطوي بماء     إلى ماء ، ويمتل السليل

                                                          [ ص: 167 ] يقول : وإن بقيت فإنها لا تبلغ الماء ومعها حين بلوغها فضلة من الماء الأول . وطويت طية بعدت ; هذه عن اللحياني ; فأما قول الأعشى :


                                                          أجد بتيا هجرها وشتاتها     وحب بها لو تستطاع طياتها



                                                          إنما أراد طياتها فحذف الياء الثانية . والطية : الناحية . والطية : الحاجة والوطر ، والطية تكون منزلا وتكون منتوى . ومضى لطيته أي لوجهه الذي يريده ولنيته التي انتواها . وفي الحديث : لما عرض نفسه على قبائل العرب قالوا له : يا محمد ! اعمد لطيتك أي امض لوجهك وقصدك . ويقال : الحق بطيتك وبنيتك أي بحاجتك . وطية بعيدة أي شاسعة . والطوية : الضمير . والطية : الوطن والمنزل والنية . وبعدت عنا طيته : وهو المنزل الذي انتواه ، والجمع طيات ، وقد يخفف في الشعر ، قال الطرماح :


                                                          أصم القلب حوشي الطيات



                                                          والطواء : أن ينطوي ثديا المرأة فلا يكسرهما الحبل ، وأنشد :


                                                          وثديان لم يكسر طواءهما الحبل



                                                          قال أبو حنيفة : والأطواء الأثناء في ذنب الجرادة وهي كالعقدة ، واحدها طوى . والطوى : الجوع . وفي حديث فاطمة : قال لها : لا أخدمك وأترك أهل الصفة تطوى بطونهم . والطيان : الجائع . ورجل طيان : لم يأكل شيئا ، والأنثى طيا ، وجمعها طواء . وقد طوي يطوى ، بالكسر ، طوى وطوى ; عن سيبويه : خمص من الجوع . فإذا تعمد ذلك : طوى يطوي ، بالفتح ، طيا . الليث : الطيان الطاوي البطن ، والمرأة طيا وطاوية . وقال : طوى نهاره جائعا يطوي طوى ، فهو طاو وطوى ، أي خالي البطن جائع لم يأكل . وفي الحديث : يبيت شبعان وجاره طاو . وفي الحديث : أنه كان يطوي بطنه عن جاره ; أي يجيع نفسه ويؤثر جاره بطعامه . وفي الحديث : أنه كان يطوي يومين أي لا يأكل فيهما ولا يشرب . وأتيته بعد طوى من الليل أي بعد ساعة منه . ابن الأعرابي : طوى إذا أتى وطوى إذا جاز ، وقال في موضع آخر : الطي الإتيان والطي الجواز ; يقال : مر بنا فطوانا أي جلس عندنا ، ومر بنا فطوانا أي جازنا . وقال الجوهري : طوى اسم موضع بالشأم ، تكسر طاؤه وتضم ويصرف ولا يصرف ، فمن صرفه جعله اسم واد ومكان وجعله نكرة ، ومن لم يصرفه جعله اسم بلدة وبقعة وجعله معرفة ; قال ابن بري : إذا كان طوى اسما للوادي فهو علم له ، وإذا كان اسما علما فليس يصح تنكيره لتباينهما ، فمن صرفه جعله اسما للمكان ، ومن لم يصرفه اسما للبقعة ، قال : وإذا كان طوى وطوى وهو الشيء المطوي مرتين ، فهو صفة بمنزلة ثنى وثنى ، وليس بعلم لشيء ، وهو مصروف لا غير ; كما قال الشاعر :


                                                          أفي جنب بكر قطعتني ملامة ؟     لعمري ! لقد كانت ملامتها ثنى



                                                          وقال عدي بن زيد :


                                                          أعاذل ، إن اللوم في غير كنهه     علي طوى من غيك المتردد

                                                          ورأيت في حاشية نسخة من أمالي ابن بري : إن الذي في شعر عدي : علي ثنى من غيك . ابن سيده : وطوى وطوى جبل بالشام ، وقيل : هو واد في أصل الطور . وفي التنزيل العزيز : إنك بالوادي المقدس طوى ; قال أبو إسحاق : طوى اسم الوادي ، ويجوز فيه أربعة أوجه : طوى ; بضم الطاء ، بغير تنوين وبتنوين ، فمن نونه ، فهو اسم للوادي أو الجبل ، وهو مذكر ، سمي بمذكر على فعل نحو حطم وصرد ، ومن لم ينونه ترك صرفه من جهتين : إحداهما أن يكون معدولا عن طاو ; فيصير مثل عمر المعدول عن عامر ، فلا ينصرف كما لا ينصرف عمر ، والجهة الأخرى أن يكون اسما للبقعة ، كما قال : في البقعة المباركة من الشجرة ، وإذا كسر فنون ; فهو طوى ، مثل معى وضلع مصروف ، ومن لم ينون ، جعله اسما للبقعة ، قال : ومن قرأ طوى ، بالكسر ، فعلى معنى المقدسة مرة بعد مرة كما قال طرفة : وأنشد بيت عدي بن زيد المذكور آنفا ، وقال : أراد اللوم المكرر علي . وسئل المبرد عن واد يقال له : طوى : أتصرفه ؟ قال : نعم لأن إحدى العلتين قد انخرمت عنه . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب الحضرمي : طوى وأنا وطوى اذهب ، غير مجرى ، وقرأ الكسائي وعاصم وحمزة وابن عامر : طوى ، منونا في السورتين . وقال بعضهم طوى مثل طوى ، وهو الشيء المثني . وقالوا في قوله تعالى : بالوادي المقدس طوى ; أي طوي مرتين أي قدس ، وقال الحسن : ثنيت فيه البركة والتقديس مرتين . وذو طوى ، مقصور : واد بمكة ، وكان في كتاب أبي زيد ممدودا ، والمعروف أن ذا طوى ، مقصور واد بمكة . وذو طواء ، ممدود : موضع بطريق الطائف ، وقيل : واد . قال ابن الأثير : وذو طوى ، بضم الطاء وفتح الواو المخففة ، موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به . وما بالدار طوئي بوزن طوعي وطؤوي بوزن طعوي أي ما بها أحد ، وهو مذكور في الهمزة . والطو : موضع . وطيئ : قبيلة ، بوزن فيعل ، والهمزة فيها أصلية ، والنسبة إليها طائي ; لأنه نسب إلى فعل فصارت الياء ألفا ، وكذلك نسبوا إلى الحيرة حاري ; لأن النسبة إلى فعل فعلي ، كما قالوا : في رجل من النمر نمري ، قال : وتأليف طيئ من همزة وطاء وياء وليست من طويت فهو ميت التصريف . وقال بعض النسابين : سميت طيئ طيئا لأنه أول من طوى المناهل أي جاز منهلا إلى منهل آخر ولم ينزل . والطاء : حرف هجاء من حروف المعجم ، وهو حرف مجهور مستعل ، يكون أصلا وبدلا ، وألفها ترجع إلى الياء ، إذا هجيته جزمته ولم تعربه كما تقول ط د مرسلة اللفظ بلا إعراب ، فإذا وصفته وصيرته اسما أعربته كما تعرب الاسم ، فتقول : هذه طاء طويلة ، لما وصفته أعربته . وشعر طاوي : قافيته الطاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية