الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : حكم nindex.php?page=treesubj&link=17696_26232لبس الطيلسان .
الحادي عشر : لم يستحب علماؤنا لبس الطيلسان بل كرهوا لبس المقور منه .
قال في الإقناع والمنتهى : وكره لرجل لبس الطيلسان ، وهو المقور ، وفي الإنصاف : يكره الطيلسان في أحد الوجهين .
قال في التلخيص وابن تميم : وكره الطيلسان واقتصر عليه .
زاد في التلخيص : وهو المقور .
والوجه الثاني : لا يكره يل يباح ، وقدمه في الرعاية والآداب .
وأطلقهما في الفروع .
وقال في الآداب : قيل يكره المقور والمدور ، وقيل وغيرهما غير المربع .
قال في شرح المنتهى وغيره : وإنما يكره المقور دون سائرها ; لأنه يشبه لبسة رهبان الملكيين من النصارى .
قال الإمام المحقق ابن القيم في الهدي : لم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبسه يعني الطيلسان ولا أحد من أصحابه ، بل ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=7479أنه ذكر الدجال فقال : يخرج معه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة } .
ورأى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس جماعة عليهم الطيالسة .
فقال : ما أشبههم بيهود خيبر ، ومن هنا كرهه جماعة من السلف والخلف لما روى أبو داود . nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36051من تشبه بقوم فهو منهم } . وفي الترمذي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33985ليس منا من تشبه بغيرنا } .
قال : وأما ما جاء في حديث الهجرة أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى [ ص: 257 ] أبي بكر متقنعا بالهاجرة فإنما فعله صلى الله عليه وسلم تلك الساعة ليختفي بذلك للحاجة من حر ونحوه انتهى .
وعورض بأنه قد روى الترمذي في الشمائل وابن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن يزيد بن أبان nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب عن الحسن بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر التقنع } ولفظ الترمذي وسهل " القناع " وفي لفظ { ما رأيت أدوم قناعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم } زاد nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { حتى كأن ثوبه ثوب زيات أو دهان } ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب { كأن ملحفته ملحفة زيات } وهذا الحديث باعتبار طرقه وشواهده حسن ، وعورض قوله رحمه الله ورضي عنه : " ولا أحد من أصحابه " بأنه قد فعله جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بحضرته وبعد وفاته منهم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن بن علي رضي الله عنهم .
فقد روى أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر من طرق { nindex.php?page=hadith&LINKID=5770أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : إن رجلي على ترعة من ترع الحوض ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت المنبر لمتوافرون nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر مقنع في القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عبدا من عبيد الله تعالى خيره ربه أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها ، وأن يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها ، وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه ، فلم يفطن أحد من القوم لما قال غير nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فانتحب باكيا } .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن nindex.php?page=showalam&ids=15916زر بن حبيش قال : خرجنا مع أهل المدينة في يوم عيد في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وهو يمشي متلثما ببرد قطري .
وروى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره { nindex.php?page=hadith&LINKID=5663أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة ومر رجل مقنع } ، وفي لفظ { nindex.php?page=hadith&LINKID=16143بردائه فقال : هذا يومئذ على الهدى فإذا هو عثمان رضي الله عنه } .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة وابن سعد في الطبقات عن العلاء قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي رضي الله عنهما يصلي ، وهو مقنع .
وفي شعب nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=15795خالد بن خداش قال : جئت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس [ ص: 258 ] فرأيت عليه طيلسانا ، فقلت يا أبا عبد الله هذا شيء أحدثته أم رأيت عليه الناس ؟ قال : لا بل رأيت عليه الناس .
وأقول : المراد بالطيلسان الطيلسان المقور كما صححه علماؤنا ، وهذا واضح ، ودليله ما أخرجه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=5659أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال : يكون معه سبعون ألفا من اليهود على كل رجل منهم ساج وسيف } .
قال في النهاية : الساج الطيلسان الأخضر ، وقيل هو الطيلسان المقور ينسج كذلك .
وقال الإمام القاضي أبو يعلى بن الفراء : لا يمنع أهل الذمة من الطيلسان ، وهو المقور الطرفين المكفوف الجانبين الملفق بعضها إلى بعض ، ما كانت العرب تعرفه وهو لباس اليهود قديما ، والعجم أيضا والعرب تسميه ساجا .
ويقال : إن أول من لبسه من العرب nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يكرهه .
وفي القاموس : الطيلس والطيلسان مثلثة اللام عن عياض وغيره معرب أصله تالسان . ويقال في الشتم . يا ابن الطيلسان أي إنك أعجمي ، والجمع طيالسة . وفي لغة الإقناع : الطيلسان فارسي معرب . قال الفارابي : هو فيعلان - بفتح الفاء والعين - وبعضهم بكسر العين لغة . قال الأزهري : ولم يأت اسم فيعلان - بكسر العين بل بالضم - مثل الخيزران والجمع طيالسة . انتهى . ( تتمة ) ذكر الثعالبي في فقه اللغة أن أصغر ما يغطى به الرأس يقال له البخنق ، وهو خرقة تغطي ما أقبل من الرأس ، وما أدبر ، ثم الغفارة فوقها ودون الخمار ، ثم الخمار أكبر منها ، ثم المقنعة ، ثم النصيف وهو كالنصف من الرداء ، وأكبر من المقنعة ، ثم المعجر ، وهو أكبر من المقنعة وأصغر من الرداء ، ثم القناع والرداء .