الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              880 (باب النهي أن تنشد الضالة في المسجد ) .

                                                                                                                              وقال النووي: (باب النهي عن نشد الضالة في المسجد، وما يقوله من سمع الناشد ) .

                                                                                                                              (حديث الباب ) .

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 54 ج 5 المطبعة المصرية .

                                                                                                                              [عن أبي عبد الله (مولى شداد بن الهاد ) ؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل لا ردها الله عليك. فإن المساجد لم تبن لهذا" ] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح) .

                                                                                                                              قال أهل اللغة: يقال: نشدت الدابة، إذا طلبتها. وأنشدتها إذا عرفتها.

                                                                                                                              [ ص: 259 ] ورواية هذا الحديث "ينشد" بفتح الياء، وضم الشين، من: "نشدت" إذا طلبت.

                                                                                                                              ومثله قوله في الرواية الأخرى: (أن رجلا نشد في المسجد. فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له". ) .

                                                                                                                              أي: لذكر الله، والصلوات، والمذاكرة في الخبر، وتلاوة القرآن، ودراسة الحديث، والتعلم، والتعليم.

                                                                                                                              لا لنشد الضوال، وفقد الأموال، ونحوه من الأعمال والأحوال.

                                                                                                                              "ففيه" النهي عن نشد الضالة في المسجد.

                                                                                                                              قال النووي: ويلحق به ما في معناه من: البيع، والشراء، والإجارة، ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد.

                                                                                                                              قال مالك وجماعة من العلماء: "أي بالعلم وغيره".

                                                                                                                              وأجازه أبو حنيفة بالعلم، والخصومة، وغير ذلك، مما يحتاج إليه الناس. لأنه مجمعهم، ولا بد لهم منه. انتهى.

                                                                                                                              قلت: والقصر على المورد مع الجواز أحسن..

                                                                                                                              قال عياض: "فيه" دليل على منع عمل الصانع في المسجد، كالخياطة وشبهها.

                                                                                                                              والراجح: منع الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس، ويكتسب به. فلا يتخذ المسجد متجرا.

                                                                                                                              [ ص: 260 ] وأما المثاقفة، وإصلاح آلات الجهاد، مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس به.

                                                                                                                              وحكي الاختلاف في تعليم الصبيان فيها.

                                                                                                                              وينبغي للسامع أن يقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وجدت. فإن المساجد لم تبن لهذا".

                                                                                                                              أو يقول: "لا وجدت. إنما بنيت المساجد لما بنيت له" . والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية