الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظلع

                                                          ظلع : الظلع : كالغمز . ظلع الرجل والدابة في مشيه يظلع ظلعا : عرج وغمز في مشيه ; قال مدرك بن محصن :


                                                          رغا صاحبي بعد البكاء ، كما رغت موشمة الأطراف رخص عرينها     من الملح لا تدري أرجل شمالها
                                                          بها الظلع ، لما هرولت ، أم يمينها

                                                          وقال كثير :


                                                          وكنت كذات الظلع ، لما تحاملت     على ظلعها يوم العثار ، استقلت



                                                          وقال أبو ذؤيب يذكر فرسا :


                                                          يعدو به نهش المشاش كأنه     صدع سليم ، رجعه لا يظلع



                                                          النهش المشاش : الخفيف القوائم ، ورجعه : عطف يديه . ودابة ظالع وبرذون ظالع ، بغير هاء فيهما ، إن كان مذكرا فعلى الفعل ، وإن كان مؤنثا فعلى النسب . وقال الجوهري : هو ظالع والأنثى ظالعة . وفي مثل : ارق على ظلعك أن يهاضا ; أي اربع على نفسك وافعل بقدر ما تطيق ولا تحمل عليها أكثر مما تطيق . ابن الأعرابي : يقال : ارق على ظلعك ، فتقول : رقيت رقيا ، ويقال : ارقأ على ظلعك ، بالهمز ، فتقول : رقأت ، ومعناه أصلح أمرك أولا . ويقال : ق على ظلعك ، فتجيبه : وقيت أقي وقيا . وروى ابن هانئ عن أبي زيد : تقول العرب ارقأ على ظلعك أي كف فإني عالم بمساويك . وفي النوادر : فلان يرقأ على ظلعه أي يسكت على دائه وعيبه ، وقيل : معنى قوله : ارق على ظلعك أي تصعد في الجبل وأنت تعلم أنك ظالع لا تجهد نفسك . ويقال : فرس مظلاع ; قال الأجدع الهمداني :


                                                          والخيل تعلم أنني جاريتها     بأجش ، لا ثلب ولا مظلاع

                                                          وقيل : أصل قوله : اربع على ظلعك من ربعت الحجر إذا رفعته أي ارفعه بمقدار طاقتك ، هذا أصله ثم صار المعنى ارفق على نفسك فيما تحاوله . وفي الحديث : فإنه لا يربع على ظلعك من ليس يحزنه أمرك ، الظلع ، بالسكون : العرج ; المعنى لا يقيم عليك في حال ضعفك وعرجك إلا من يهتم لأمرك وشأنك ويحزنه أمرك . وفي حديث الأضاحي : ولا العرجاء البين ظلعها . وفي حديث علي يصف أبا بكر - رضي الله عنهما - : علوت إذ ظلعوا أي انقطعوا وتأخروا لتقصيرهم ، وفي حديثه الآخر : وليستأن بذات النقب والظالع أي بذات الجرب والعرجاء ; قال ابن بري : وقول بغثر بن لقيط :


                                                          لا ظلع لي أرقي عليه ، وإنما     يرقي على رثياته المنكوب



                                                          أي أنا صحيح لا علة بي . والظلاع : داء يأخذ في قوائم الدواب والإبل من غير سير ولا تعب فتظلع منه . وفي الحديث : أعطي قوما أخاف ظلعهم ، هو بفتح اللام ، أي ميلهم عن الحق وضعف إيمانهم ، وقيل : ذنبهم ، وأصله داء في قوائم الدابة تغمز منه . ورجل [ ص: 187 ] ظالع أي مائل مذنب ، وقيل : ضالع بالضاد ، وقد تقدم . وظلع الكلب : أراد السفاد وقد سفد . وروى أبو عبيد عن الأصمعي في باب تأخر الحاجة ثم قضائها في آخر وقتها : من أمثالهم في هذا : إذا نام ظالع الكلاب ، قال : وذلك أن الظالع منها لا يقدر أن يعاظل مع صحاحها لضعفه ، فهو يؤخر ذلك وينتظر فراغ آخرها فلا ينام حتى إذا لم يبق منها شيء سفد حينئذ ثم ينام ، وقيل : من أمثال العرب : لا أفعل ذلك حتى ينام ظالع الكلاب ; قال : والظالع من الكلاب الصارف ; يقال : صرفت الكلبة وظلعت وأجعلت واستعجلت واستطارت إذا اشتهت الفحل . قال : والظالع من الكلاب لا ينام فيضرب مثلا للمهتم بأمره الذي لا ينام عنه ولا يهمله ; وأنشد خالد بن زيد قول الحطيئة يخاطب خيال امرأة طرقه :


                                                          تسديتنا من بعد ما نام ظالع ال     كلاب ، وأخبى ناره كل موقد



                                                          ويروى : وأخفى . وقال بعضهم : ظالع الكلاب الكلبة الصارف . يقال : ظلعت الكلبة وصرفت لأن الذكور يتبعنها ولا يدعنها تنام . والظالع : المتهم ; ومنه قوله : ظالم الرب ظالع ، وهذا بالظاء لا غير ; وقوله :


                                                          وما ذاك من جرم أتيتهم به     ولا حسد مني لهم يتظلع

                                                          قال ابن سيده : عندي أن معناه يقوم في أوهامهم ويسبق إلى أفهامهم . وظلع يظلع ظلعا : مال ; قال النابغة :


                                                          أتوعد عبدا لم يخنك أمانة     وتترك عبدا ظالما ، وهو ظالع ؟



                                                          وظلعت المرأة عينها : كسرتها وأمالتها ; وقول رؤبة :


                                                          فإن تخالجن العيون الظلعا



                                                          إنما أراد المظلوعة فأخرجه على النسب . وظلعت الأرض بأهلها تظلع أي ضاقت بهم من كثرتهم والظلع : جبل لسليم . وفي الحديث : الحمل المضلع والشر الذي لا ينقطع إظهار البدع ; المضلع المثقل ، وقد تقدم في موضعه ; قال ابن الأثير : ولو روي بالظاء من الظلع العرج والغمز لكان وجها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية