الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظلف

                                                          ظلف : الظلف والظلف : ظفر كل ما اجتر ، وهو ظلف البقرة والشاة والظبي وما أشبهها ، والجمع أظلاف . ابن السكيت : يقال : رجل الإنسان وقدمه ، وحافر الفرس ، وخف البعير والنعامة ، وظلف البقرة والشاة ; واستعاره الأخطل في الإنسان فقال :


                                                          إلى ملك أظلافه لم تشقق



                                                          قال ابن بري : استعير للإنسان ; قال عقفان بن قيس بن عاصم :


                                                          سأمنعها أو سوف أجعل أمرها     إلى ملك أظلافه لم تشقق
                                                          سواء عليكم شؤمها وهجانها     وإن كان فيها واضح اللون يبرق



                                                          الشؤم : السود من الإبل ، والهجان : بيضها ; واستعاره عمرو بن معديكرب للأفراس فقال :


                                                          وخيل تطأكم بأظلافها



                                                          ويقال : ظلوف ظلف أي شداد ، وهو توكيد لها ; قال العجاج :

                                                          وإن أصاب عدواء احرورفا     عنها وولاها ظلوفا ظلفا



                                                          وفي حديث الزكاة : فتطؤه بأظلافها ; الظلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخف للبعير ، وقد يطلق الظلف على ذات الظلف أنفسها مجازا . ومنه حديث رقيقة : تتابعت على قريش سنو جدب أقحلت الظلف أي ذات الظلف . ورميت الصيد فظلفته أي أصبت ظلفه ، فهو مظلوف ; وظلف الصيد يظلفه ظلفا . ويقال : أصاب فلان ظلفه أي ما يوافقه ويريده . الفراء : تقول العرب وجدت الدابة ظلفها ; يضرب مثلا للذي يجد ما يوافقه ويكون أراد به من الناس والدواب ، قال : وقد يقال ذلك : لكل دابة وافقت هواها . وبلد من ظلف الغنم أي مما يوافقها . وغنم فلان على ظلف واحد وظلف واحد أي قد ولدت كلها . الفراء : الظلف من الأرض الذي تستحب الخيل العدو فيه . وأرض ظلفة بينة الظلف أي غليظة لا تؤدي أثرا ولا يستبين عليها المشي من لينها . ابن الأعرابي : الظلف ما غلظ من الأرض واشتد ; وأنشد لعوف بن الأحوص :


                                                          ألم أظلف عن الشعراء عرضي     كما ظلف الوسيقة بالكراع ؟



                                                          قال : هذا رجل سل إبلا فأخذ بها في كراع من الأرض لئلا تستبين آثارها فتتبع ، يقول : ألم أمنعهم أن يؤثروا فيها ؟ والوسيقة : الطريدة ، وقوله : ظلف أي أخذ بها في ظلف من الأرض كي لا يقتص أثرها ، وسار والإبل يحملها على أرض صلبة لئلا يرى أثرها ، والكراع من الحرة : ما استطال . قال أبو منصور : جعل الفراء الظلف ما لان من الأرض ، وجعله ابن الأعرابي ما غلظ من الأرض ، والقول قول ابن الأعرابي : الظلف من الأرض ما صلب فلم يؤد أثرا ، ولا وعوثة فيها فيشتد على الماشي المشي فيها ، ولا رمل فترمض فيها النعم ، ولا حجارة فتحتفي فيها ، ولكنها صلبة التربة لا تؤدي أثرا . وقال ابن شميل : الظلفة الأرض التي لا يتبين فيها أثر ، وهي قف غليظ ، وهي الظلف ; قال يزيد بن الحكم يصف جارية :


                                                          تشكو ، إذا ما مشت بالدعص ، أخمصها     كأن ظهر النقا قف لها ظلف

                                                          الفراء : أرض ظلف وظلفة إذا كانت لا تؤدي أثرا كأنها تمنع من ذلك . والأظلوفة من الأرض : القطعة الحزنة الخشنة ، وهي الأظاليف . ومكان ظليف : حزن خشن . والظلفاء : صفاة قد استوت في الأرض ، ممدودة . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : مر على راع فقال له : عليك الظلف من الأرض لا ترمضها ; هو ، بفتح الظاء واللام ، الغليظ الصلب من الأرض مما لا يبين فيه أثر ، وقيل : اللين منها مما لا رمل فيه ولا حجارة ، أمره أن يرعاها في الأرض التي [ ص: 188 ] هذه صفتها لئلا ترمض بحر الرمل وخشونة الحجارة فتتلف أظلافها ، لأن الشاء إذا رعيت في الدهاس وحميت الشمس عليها أرمضتها ، والصياد في البادية يلبس مسماتيه وهما جورباه في الهاجرة الحارة فيثير الوحش عن كنسها ، فإذا مشت في الرمضاء تساقطت أظلافها . ابن سيده : الظلف والظلف من الأرض الغليظ الذي لا يؤدي أثرا . وقد ظلف ظلفا وظلف أثره يظلفه ويظلفه ظلفا وأظلفه إذا مشى في الحزونة حتى لا يرى أثره فيها ، وأنشد بيت عوف بن الأحوص . والظلف : الشدة والغلظ في المعيشة من ذلك . وفي حديث سعد : كان يصيبنا ظلف العيش بمكة أي بؤسه وشدته وخشونته من ظلف الأرض . وفي حديث مصعب بن عمير : لما هاجر أصابه ظلف شديد . وأرض ظلفة بينة الظلف : ناتئة لا تبين أثرا . وظلفهم يظلفهم ظلفا : اتبع أثرهم . ومكان ظليف : خشن فيه رمل كثير . والأظلوفة : أرض صلبة حديدة الحجارة على خلقة الجبل ، والجمع أظاليف ; أنشد ابن بري :


                                                          لمح الصقور علت فوق الأظاليف



                                                          وأظلف القوم : وقعوا في الظلف أو الأظلوفة ، وهو الموضع الصلب . وشر ظليف أي شديد . وظلفه عن الأمر يظلفه ظلفا : منعه ; وأنشد بيت عوف بن الأحوص :


                                                          ألم أظلف عن الشعراء عرضي     كما ظلف الوسيقة بالكراع ؟



                                                          وظلفه ظلفا : منعه عما لا خير فيه . وظلف نفسه عن الشيء : منعها عن هواها ، ورجل ظلف النفس وظليفها من ذلك . الجوهري : ظلف نفسه عن الشيء يظلفها ظلفا أي منعها من أن تفعله أو تأتيه ; قال الشاعر :


                                                          لقد أظلف النفس عن مطعم     إذا ما تهافت ذبانه

                                                          وظلفت نفسي عن كذا ، بالكسر ، تظلف ظلفا أي كفت . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : ظلف الزهد شهواته أي كفها ومنعها . وامرأة ظلفة النفس أي عزيزة عند نفسها . وفي النوادر : أظلفت فلانا عن كذا وكذا وظلفته وشذيته وأشذيته إذا أبعدته عنه ; وكل ما عسر عليك مطلبه ظليف . ويقال : أقامه الله على الظلفات أي على الشدة والضيق ; وقال طفيل :


                                                          هنالك يرويها ضعيفي ولم أقم     على الظلفات ، مقفعل الأنامل



                                                          والظليف : الذليل السيئ الحال في معيشته . ويقال : ذهب به مجانا وظليفا إذا أخذه بغير ثمن ، وقيل : ذهب به ظليفا أي باطلا بغير حق ; قال الشاعر :


                                                          أيأكلها ابن وعلة في ظليف     ويأمن هيثم وابنا سنان ؟



                                                          أي يأكلها بغير ثمن ; قال ابن بري : ومثله قول الآخر :

                                                          فقلت :

                                                          كلوها في ظليف ، فعمكم     هو اليوم أولى منكم بالتكسب



                                                          وذهب دمه ظلفا وظلفا وظليفا ، بالظاء والطاء جميعا ، أي هدرا لم يثأر به . وقيل : كل هين ظلف . وأخذ الشيء بظليفته وظلفته أي بأصله وجميعه ولم يدع منه شيئا . والظلف : الحاجة . والظلف : المتابعة في الشيء . الليث : الظلفة طرف حنو القتب وحنو الإكاف وأشباه ذلك مما يلي الأرض من جوانبها . ابن سيده : والظلفتان ما سفل من حنوي الرحل ، وهو من حنو القتب ما سفل عن العضد . قال : وفي الرحل الظلفات وهي الخشبات الأربع اللواتي يكن على جنبي البعير تصيب أطرافها السفلى الأرض إذا وضعت عليها ، وفي الواسط ظلفتان ، وكذلك في المؤخرة ، وهما ما سفل من الحنوين لأن ما علاهما مما يلي العراقي هما العضدان ، وأما الخشبات المطولة على جنبي البعير فهي الأحناء وواحدتها ظلفة ، وشاهده :


                                                          كأن مواقع الظلفات منه     مواقع مضرحيات بقار



                                                          يريد أن مواقع الظلفات من هذا البعير قد ابيضت كمواقع ذرق النسر . وفي حديث بلال : كان يؤذن على ظلفات أقتاب مغرزة في الجدار ، هو من ذلك . أبو زيد : يقال : لأعلى الظلفتين مما يلي العراقي العضدان وأسفلهما الظلفتان . وهما ما سفل من الحنوين الواسط والمؤخرة . ابن الأعرابي : ذرفت على الستين وظلفت ورمدت وطلثت ورمثت ، كل هذا إذا زدت عليها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية