الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظلم

                                                          ظلم : الظلم : وضع الشيء في غير موضعه . ومن أمثال العرب في الشبه : من أشبه أباه فما ظلم ; قال الأصمعي : ما ظلم أي ما وضع الشبه في غير موضعه . وفي المثل : من استرعى الذئب فقد ظلم . وفي حديث ابن زمل : لزموا الطريق فلم يظلموه أي لم يعدلوا عنه ; يقال : أخذ في طريق فما ظلم يمينا ولا شمالا ; ومنه حديث أم سلمة : أن أبا بكر وعمر ثكما الأمر فما ظلماه أي لم يعدلا عنه ; وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحد ، ومنه حديث الوضوء : فمن زاد أو نقص فقد أساء وظلم أي أساء الأدب بتركه السنة والتأدب بأدب الشرع ، وظلم نفسه بما نقصها من الثواب بترداد المرات في الوضوء . وفي التنزيل العزيز : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ; قال ابن عباس وجماعة أهل التفسير : لم يخلطوا إيمانهم بشرك ، وروي ذلك عن حذيفة وابن مسعود وسلمان ، وتأولوا فيه قول الله عز وجل : إن الشرك لظلم عظيم . والظلم : الميل عن القصد ، والعرب تقول : الزم هذا الصوب ولا تظلم عنه أي لا تجر عنه . وقوله عز وجل : إن الشرك لظلم عظيم ، يعني أن الله تعالى هو المحيي المميت الرزاق المنعم وحده لا شريك له ، فإذا أشرك به غيره فذلك أعظم الظلم ، لأنه جعل النعمة لغير ربها . يقال : ظلمه يظلمه ظلما وظلما ومظلمة ، فالظلم مصدر حقيقي ، والظلم الاسم يقوم مقام المصدر ، وهو ظالم وظلوم ; قال ضيغم الأسدي :


                                                          إذا هو لم يخفني في ابن عمي وإن لم ألقه الرجل الظلوم



                                                          وقوله عز وجل : إن الله لا يظلم مثقال ذرة ; أراد لا يظلمهم مثقال ذرة ، وعداه إلى مفعولين لأنه في معنى يسلبهم ، وقد يكون مثقال ذرة في موضع المصدر أي ظلما حقيرا كمثقال الذرة ; وقوله عز وجل : ( فظلموا بها ) ; أي بالآيات التي جاءتهم ، وعداه بالباء لأنه في معنى كفروا بها ، والظلم الاسم ، وظلمه حقه وتظلمه إياه ; قال أبو زبيد الطائي :


                                                          وأعطي فوق النصف ذو الحق منهم     وأظلم بعضا أو جميعا مؤربا



                                                          وقال :


                                                          تظلم مالي هكذا ولوى يدي     لوى يده الله الذي هو غالبه



                                                          وتظلم منه : شكا من ظلمه . وتظلم الرجل : أحال الظلم على نفسه ; حكاه ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          كانت إذا غضبت علي تظلمت     وإذا طلبت كلامها لم تقبل

                                                          [ ص: 192 ] قال ابن سيده : هذا قول ابن الأعرابي ، قال : ولا أدري كيف ذلك ؟ إنما التظلم هاهنا تشكي الظلم منه ، لأنها إذا غضبت عليه لم يجز أن تنسب الظلم إلى ذاتها . والمتظلم : الذي يشكو رجلا ظلمه . والمتظلم أيضا : الظالم ; ومنه قول الشاعر :


                                                          نقر ونأبى نخوة المتظلم



                                                          أي نأبى كبر الظالم . وتظلمني فلان أي ظلمني مالي ; قال ابن بري : شاهده قول الجعدي :


                                                          وما يشعر الرمح الأصم كعوبه     بثروة رهط الأعيط المتظلم



                                                          قال : وقال رافع بن هريم ، وقيل : هريم بن رافع ، والأول أصح :


                                                          فهلا غير عمكم ظلمتم     إذا ما كنتم متظلمينا



                                                          أي ظالمين . ويقال : تظلم فلان إلى الحاكم من فلان فظلمه تظليما أي أنصفه من ظالمه وأعانه عليه ; ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشد عنه :


                                                          إذا نفحات الجود أفنين ماله     تظلم حتى يخذل المتظلم

                                                          قال : أي أغار على الناس حتى يكثر ماله . قال أبو منصور : جعل التظلم ظلما لأنه إذا أغار على الناس فقد ظلمهم ; قال : وأنشدنا لجابر الثعلبي :


                                                          وعمرو بن همام صقعنا جبينه     بشنعاء تنهى نخوة المتظلم



                                                          قال أبو منصور : يريد نخوة الظالم . والظلمة : المانعون أهل الحقوق حقوقهم ; يقال : ما ظلمك عن كذا ، أي ما منعك ، وقيل : الظلمة في المعاملة . قال المؤرج : سمعت أعرابيا يقول لصاحبه : أظلمي وأظلمك فعل الله به أي الأظلم منا . ويقال : ظلمته فتظلم أي صبر على الظلم ; قال كثير :


                                                          مسائل إن توجد لديك تجد بها     يداك ، وإن تظلم بها تتظلم

                                                          واظلم وانظلم : احتمل الظلم . وظلمه : أنبأه أنه ظالم أو نسبه إلى الظلم ; قال :


                                                          أمست تظلمني ، ولست بظالم     وتنبهني نبها ، ولست بنائم



                                                          والظلامة : ما تظلمه ، وهي المظلمة . قال سيبويه : أما المظلمة فهي اسم ما أخذ منك . وأردت ظلامه ومظالمته أي ظلمه ; قال :


                                                          ولو أني أموت أصاب ذلا     وسامته عشيرته الظلاما

                                                          والظلامة والظليمة والمظلمة : ما تطلبه عند الظالم ، وهو اسم ما أخذ منك . التهذيب : الظلامة اسم مظلمتك التي تطلبها عند الظالم ; يقال : أخذها منه ظلامة . ويقال : ظلم فلان فاظلم ، معناه أنه احتمل الظلم بطيب نفسه وهو قادر على الامتناع منه ، وهو افتعال ، وأصله اظتلم فقلبت التاء طاء ثم أدغمت الظاء فيها ; وأنشد ابن بري لمالك بن حريم :


                                                          متى تجمع القلب الذكي وصارما     وأنفا حميا ، تجتنبك المظالم

                                                          وتظالم القوم : ظلم بعضهم بعضا . ويقال : أظلم من حية لأنها تأتي الجحر لم تحتفره فتسكنه . ويقولون : ما ظلمك أن تفعل ; وقال رجل لأبي الجراح : أكلت طعاما فاتخمته ، فقال أبو الجراح : ما ظلمك أن تقيء ; وقول الشاعر :


                                                          قالت له : مي بأعلى ذي سلم :     ألا تزورنا ، إن الشعب ألم ؟
                                                          قال : بلى يا مي واليوم ظلم



                                                          قال الفراء : هم يقولون معنى قوله : " واليوم ظلم " أي حقا ، وهو مثل ; قال : ورأيت أنه لا يمنعني يوم فيه علة تمنع . قال أبو منصور : وكان ابن الأعرابي يقول : في قوله : واليوم ظلم حقا يقينا ، قال : وأراه قول المفضل ، قال : وهو شبيه بقول من قال : في لا جرم أي حقا يقيمه مقام اليمين ، وللعرب ألفاظ تشبهها وذلك في الأيمان كقولهم : عوض لا أفعل ذلك ، وجير لا أفعل ذلك ، وقوله عز وجل : آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا ; أي لم تنقص منه شيئا . وقال الفراء في قوله عز وجل : وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ; قال : ما نقصونا شيئا بما فعلوا ولكن نقصوا أنفسهم . والظليم بالتشديد : الكثير الظلم . وتظالمت المعزى : تناطحت مما سمنت وأخصبت ; ومنه قول الساجع : وتظالمت معزاها . ووجدنا أرضا تظالم معزاها أي تتناطح من النشاط والشبع . والظليمة والظليم : اللبن يشرب منه قبل أن يروب ويخرج زبده ; قال :


                                                          وقائلة : ظلمت لكم سقائي     وهل يخفى على العكد الظليم ؟



                                                          وفي المثل : أهون مظلوم سقاء مروب ; وأنشد ثعلب :


                                                          وصاحب صدق لم تربني شكاته     ظلمت ، وفي ظلمي له عامدا أجر



                                                          قال : هذا سقاء سقى منه قبل أن يخرج زبده . وظلم وطبه ظلما إذا سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده . وظلمت سقائي : سقيتهم إياه قبل أن يروب ; وأنشد البيت الذي أنشده ثعلب :


                                                          ظلمت ، وفي ظلمي له عامدا أجر



                                                          قال الأزهري : هكذا سمعت العرب تنشده : وفي ظلمي ، بنصب الظاء ، قال : والظلم الاسم والظلم العمل . وظلم القوم : سقاهم الظليمة . وقالوا : امرأة لزوم للفناء ، ظلوم للسقاء ، مكرمة للأحماء . التهذيب : العرب تقول ظلم فلان سقاءه إذا سقاه قبل أن يخرج زبده ; وقال أبو عبيد : إذا شرب لبن السقاء قبل أن يبلغ الرءوب فهو المظلوم والظليمة ، قال : ويقال ظلمت القوم إذا سقاهم اللبن قبل إدراكه ; قال أبو منصور : هكذا روي لنا هذا الحرف عن أبي عبيد ظلمت القوم ، وهو وهم . وروى المنذري عن [ ص: 193 ] أبي الهيثم وأبي العباس أحمد بن يحيى أنهما قالا : يقال : ظلمت السقاء وظلمت اللبن إذا شربته أو سقيته قبل إدراكه وإخراج زبدته . وقال ابن السكيت : ظلمت وطبي القوم أي سقيته قبل رءوبه . والمظلوم : اللبن يشرب قبل أن يبلغ الرءوب . الفراء : يقال : ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعا لم يكن ناله فيما خلا ولا بلغه قبل ذلك ; قال : وأنشدني بعضهم يصف سيلا :


                                                          يكاد يطلع ظلما ثم يمنعه     عن الشواهق فالوادي به شرق



                                                          وقال ابن السكيت في قول النابغة يصف سيلا :


                                                          إلا الأواري لأيا ما أبينها     والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد



                                                          قال : النؤي الحاجز حول البيت من تراب ، فشبه داخل الحاجز بالحوض بالمظلومة ، ويعني أرضا مروا بها في برية فتحوضوا حوضا سقوا فيه إبلهم وليست بموضع تحويض . يقال : ظلمت الحوض إذا عملته في موضع لا تعمل فيه الحياض . قال : وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه ; ومنه قول ابن مقبل :

                                                          عاد الأذلة في دار ، وكان بها هرت الشقاشق ، ظلامون للجزر

                                                          أي وضعوا النحر في غير موضعه . وظلمت الناقة : نحرت عن غير علة أو ضبعت على غير ضبعة . وكل ما أعجلته عن أوانه فقد ظلمته ، وأنشد بيت ابن مقبل :

                                                          هرت الشقاشق ، ظلامون للجزر وظلم الحمار الأتان إذا كامها وقد حملت ، فهو يظلمها ظلما ; وأنشد أبو عمرو يصف أتنا :


                                                          أبن عقاقا ثم يرمحن ظلمة     إباء ، وفيه صولة وذميل



                                                          وظلم الأرض : حفرها ولم تكن حفرت قبل ذلك ، وقيل : هو أن يحفرها في غير موضع الحفر ; قال يصف رجلا قتل في موضع قفر فحفر له في غير موضع حفر :


                                                          ألا لله من مردى حروب     حواه بين حضنيه الظليم !



                                                          أي الموضع المظلوم . وظلم السيل الأرض إذا خدد فيها في غير موضع تخديد ; وأنشد للحويدرة :


                                                          ظلم البطاح بها انهلال حريصة     فصفا النطاف بها بعيد المقلع



                                                          مصدر بمعنى الإقلاع ، مفعل بمعنى الإفعال ، قال : ومثله كثير مقام بمعنى الإقامة . وقال الباهلي في كتابه . وأرض مظلومة إذا لم تمطر . وفي الحديث : إذا أتيتم على مظلوم فأغذوا السير . قال أبو منصور : المظلوم البلد الذي لم يصبه الغيث ولا رعي فيه للركاب ، والإغذاذ الإسراع . والأرض المظلومة : التي لم تحفر قط ثم حفرت ، وذلك التراب الظليم ، وسمي تراب لحد القبر ظليما لهذا المعنى ; وأنشد :


                                                          فأصبح في غبراء بعد إشاحة     على العيش ، مردود عليها ظليمها



                                                          يعني حفرة القبر يرد ترابها عليه بعد دفن الميت فيها . وقالوا : لا تظلم وضح الطريق أي احذر أن تحيد عنه وتجور فتظلمه . والسخي يظلم إذا كلف فوق ما في طوقه ، أو طلب منه ما لا يجده ، أو سئل ما لا يسأل مثله ، فهو مظلم وهو يظلم وينظلم ; أنشد سيبويه قول زهير :


                                                          هو الجواد الذي يعطيك نائله     عفوا ، ويظلم أحيانا فيظلم



                                                          أي يطلب منه في غير موضع الطلب ، وهو عنده يفتعل ، ويروى يظطلم ، ورواه الأصمعي ينظلم . الجوهري : ظلمت فلانا تظليما إذا نسبته إلى الظلم فانظلم أي احتمل الظلم ; وأنشد بيت زهير :


                                                          ويظلم أحيانا فينظلم



                                                          ويروى فيظلم أي يتكلف ، وفي افتعل من ظلم ثلاث لغات : من العرب من يقلب التاء طاء ثم يظهر الطاء والظاء جميعا فيقول اظطلم ، ومنهم من يدغم الظاء في الطاء فيقول اطلم وهو أكثر اللغات ، ومنهم من يكره أن يدغم الأصلي في الزائد فيقول اظلم ، قال : وأما اضطجع ففيه لغتان مذكورتان في موضعهما . قال ابن بري : جعل الجوهري انظلم مطاوع ظلمته ، بالتشديد وهم ، وإنما انظلم مطاوع ظلمته ، بالتخفيف كما قال زهير :


                                                          ويظلم أحيانا فينظلم

                                                          قال : وأما ظلمته ، بالتشديد ، فمطاوعه تظلم مثل كسرته فتكسر ، وظلم حقه يتعدى إلى مفعول واحد ، وإنما يتعدى إلى مفعولين في مثل ظلمني حقي حملا على معنى سلبني حقي ; ومثله قوله تعالى : ولا يظلمون فتيلا ; ويجوز أن يكون فتيلا واقعا موقع المصدر أي ظلما مقدار فتيل . وبيت مظلم : مزوق كأن النصارى وضعت فيه أشياء في غير مواضعها . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - دعي إلى طعام فإذا البيت مظلم فانصرف - صلى الله عليه وسلم - ولم يدخل ; حكاه الهروي في الغريبين ; قال ابن الأثير : هو المزوق ، وقيل : هو المموه بالذهب والفضة ، قال : وقال الهروي أنكره الأزهري بهذا المعنى ، وقال الزمخشري : هو من الظلم وهو موهة الذهب ، ومنه قيل للماء الجاري على الثغر : ظلم . ويقال : أظلم الثغر إذا تلألأ عليه كالماء الرقيق من شدة بريقه ; ومنه قول الشاعر :


                                                          إذا ما اجتلى الراني إليها بطرفه     غروب ثناياها أضاء وأظلما



                                                          قال : أضاء أي أصاب ضوءا ، وأظلم أصاب ظلما . والظلمة والظلمة ، بضم اللام : ذهاب النور ، وهي خلاف النور ، وجمع الظلمة ظلم وظلمات وظلمات وظلمات ; قال الراجز :


                                                          يجلو بعينيه دجى الظلمات

                                                          قال ابن بري : ظلم جمع ظلمة ، بإسكان اللام ، فأما ظلمة فإنما يكون جمعها بالألف والتاء ، ورأيت هنا حاشية بخط سيدنا رضي الدين الشاطبي - رحمه الله - قال : قال الخطيب أبو زكريا : المهجة خالص [ ص: 194 ] النفس ، ويقال في جمعها مهجات كظلمات ، ويجوز مهجات ، بالفتح ، ومهجات بالتسكين ، وهو أضعفها ; قال : والناس يألفون مهجات ، بالفتح ، كأنهم يجعلونه جمع مهج ، فيكون الفتح عندهم أحسن من الضم . والظلماء : الظلمة ربما وصف بها فيقال ليلة ظلماء أي مظلمة . والظلام : اسم يجمع ذلك كالسواد ولا يجمع ، يجري مجرى المصدر ، كما لا تجمع نظائره نحو السواد والبياض ، وتجمع الظلمة ظلما وظلمات . ابن سيده : وقيل الظلام أول الليل وإن كان مقمرا ، يقال : أتيته ظلاما أي ليلا ; قال سيبويه : لا يستعمل إلا ظرفا . وأتيته مع الظلام أي عند الليل . وليلة ظلمة ، على طرح الزائد ، وظلماء كلتاهما : شديدة الظلمة . وحكى ابن الأعرابي : ليل ظلماء ; وقال ابن سيده : وهو غريب وعندي أنه وضع الليل موضع الليلة ، كما حكى ليل قمراء أي ليلة ، قال : وظلماء أسهل من قمراء . وأظلم الليل : اسود . وقالوا : ما أظلمه وما أضوأه ، وهو شاذ . وظلم الليل ، بالكسر ، وأظلم بمعنى ; عن الفراء . وفي التنزيل العزيز : وإذا أظلم عليهم قاموا . وظلم وأظلم ; حكاهما أبو إسحاق وقال الفراء : فيه لغتان أظلم وظلم ، بغير ألف . والثلاث الظلم : أول الشهر بعد الليالي الدرع ; قال أبو عبيد : في ليالي الشهر بعد الثلاث البيض ثلاث درع وثلاث ظلم ، قال : والواحدة من الدرع والظلم درعاء وظلماء . وقال أبو الهيثم وأبو العباس المبرد : واحدة الدرع والظلم درعة وظلمة ; قال أبو منصور : وهذا الذي قالاه : هو القياس الصحيح : الجوهري : يقال : لثلاث ليال من ليالي الشهر اللائي يلين الدرع ظلم لإظلامها على غير قياس ؛ لأن قياسه ظلم ، بالتسكين ؛ لأن واحدتها ظلماء . وأظلم القوم : دخلوا في الظلام ، وفي التنزيل العزيز : فإذا هم مظلمون . وقوله عز وجل : يخرجهم من الظلمات إلى النور ; أي يخرجهم من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى ؛ لأن أمر الضلالة مظلم غير بين . وليلة ظلماء ، ويوم مظلم : شديد الشر ; أنشد سيبويه :


                                                          فأقسم أن لو التقينا وأنتم     لكان لكم يوم من الشر مظلم



                                                          وأمر مظلم : لا يدرى من أين يؤتى له ; عن أبي زيد . وحكى اللحياني : أمر مظلام ويوم مظلام في هذا المعنى ; وأنشد :


                                                          أولمت ، يا خنوت ، شر إيلام     في يوم نحس ذي عجاج مظلام



                                                          والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة يوم مظلم ، حتى إنهم ليقولون يوم ذو كواكب أي اشتدت ظلمته حتى صار كالليل ; قال :


                                                          بني أسد ، هل تعلمون بلاءنا     إذا كان يوم ذو كواكب أشهب ؟



                                                          وظلمات البحر : شدائده . وشعر مظلم : شديد السواد . ونبت مظلم : ناضر يضرب إلى السواد من خضرته ; قال :


                                                          فصبحت أرعل كالنفال     ومظلما ليس على دمال



                                                          وتكلم فأظلم علينا البيت أي سمعنا ما نكره ، وفي التهذيب : وأظلم فلان علينا البيت إذا أسمعنا ما نكره . قال أبو منصور : أظلم يكون لازما وواقعا ، قال : وكذلك أضاء يكون بالمعنيين : أضاء السراج بنفسه إضاءة ، وأضاء للناس بمعنى ضاء ، وأضأت السراج للناس فضاء وأضاء . ولقيته أدنى ظلم ، بالتحريك ، يعني حين اختلط الظلام ، وقيل : معناه لقيته أول كل شيء ، وقيل : أدنى ظلم القريب ، وقال ثعلب : هو منك أدنى ذي ظلم ، ورأيته أدنى ظلم الشخص ، قال : وإنه لأول ظلم لقيته إذا كان أول شيء سد بصرك بليل أو نهار ، قال : ومثله لقيته أول وهلة وأول صوك وبوك ، الجوهري : لقيته أول ذي ظلمة أي أول شيء يسد بصرك في الرؤية ، قال : ولا يشتق منه فعل . والظلم : الجبل ، وجمعه ظلوم ; قال المخبل السعدي :


                                                          تعامس حتى يحسب الناس أنها     إذا ما استحقت بالسيوف ، ظلوم



                                                          وقدم فلان واليوم ظلم ; عن كراع ، أي قدم حقا ; قال :


                                                          إن الفراق اليوم واليوم ظلم



                                                          وقيل : معناه واليوم ظلمنا ، وقيل : " ظلم " هاهنا وضع الشيء في غير موضعه . والظلم : الثلج . والظلم : الماء الذي يجري ويظهر على الأسنان من صفاء اللون لا من الريق كالفرند ، حتى يتخيل لك فيه سواد من شدة البريق والصفاء ; قال كعب بن زهير :


                                                          تجلو غوارب ذي ظلم ، إذا ابتسمت     كأنه منهل بالراح معلول



                                                          وقال الآخر :


                                                          إلى شنباء مشربة الثنايا     بماء الظلم ، طيبة الرضاب



                                                          قال : يحتمل أن يكون المعنى بماء الثلج . قال شمر : الظلم بياض الأسنان كأنه يعلوه سواد ، والغروب ماء الأسنان . الجوهري : الظلم ، بالفتح ، ماء الأسنان وبريقها ، وهو كالسواد داخل عظم السن من شدة البياض كفرند السيف ، قال يزيد بن ضبة :


                                                          بوجه مشرق صاف     وثغر نائر الظلم



                                                          وقيل : الظلم رقة الأسنان وشدة بياضها ، والجمع ظلوم ; قال :


                                                          إذا ضحكت لم تنبهر ، وتبسمت     ثنايا لها كالبرق ، غر ظلومها



                                                          وأظلم : نظر إلى الأسنان فرأى الظلم ، قال :


                                                          إذا ما اجتلى الراني إليها بعينه     غروب ثناياها ، أنار وأظلما



                                                          والظليم : الذكر من النعام ، والجمع أظلمة وظلمان وظلمان ، قيل : سمي به لأنه ذكر الأرض فيدحي في غير موضع تدحية ; حكاه ابن دريد ، قال : وهذا ما لا يؤخذ . وفي حديث قس : ومهمه فيه ظلمان ; هو جمع ظليم . والظليمان : نجمان . والمظلم من الطير : الرخم ، والغربان ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :

                                                          [ ص: 195 ]


                                                          حمته عتاق الطير كل مظلم     من الطير ، حوام المقام رموق



                                                          والظلام : عشبة ترعى ; أنشد أبو حنيفة :


                                                          رعت بقرار الحزن روضا مواصلا     عميما من الظلام ، والهيثم الجعد



                                                          ابن الأعرابي : ومن غريب الشجر الظلم ، واحدتها ظلمة ، وهو الظلام والظلام والظالم ; قال الأصمعي : هو شجر له عساليج طوال وتنبسط حتى تجوز حد أصل شجرها فمنها سميت ظلاما . وأظلم : موضع ; قال ابن بري : أظلم اسم جبل ; قال أبو وجزة :


                                                          يزيف يمانيه لأجراع بيشة     ويعلو شآميه شرورى وأظلما



                                                          وكهف الظلم : رجل معروف من العرب . وظليم ونعامة : موضعان بنجد . وظلم : موضع . والظليم : فرس فضالة بن هند بن شريك الأسدي ، وفيه يقول :


                                                          نصبت لهم صدر الظليم وصعدة     شراعية في كف حران ثائر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية