الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم دل على ذلك بقوله معجبا ممن يتوقف فيه أدنى توقف ومنكرا عليهم بإثبات العلم ونفى ضده على أبلغ وجه: ألا يعلم أي وكل ما يمكن أن يعلم، وحذف المفعول للتعميم، ثم ذكر الفاعل واصفا له بما يقرب المخبر [ به -] للإفهام فقال: من خلق أي الذي أوجد الخلق من القلوب الحاوية للأسرار والأبدان وغير ذلك، وطبع في كل شيء من ذلك ما طبع مما قدره بعلمه وأتقنه بحكمته، فإن كل صانع أدرى بما صنعه، ويجوز - وهو أحسن - أن يكون "من" مفعولا والفاعل مستترا، أي ألا يعلم الله مخلوقه على الإطلاق وله صفتا اللطف والخبر اللتان شأنهما إدراك البواطن إدراكا لا يكون مثله لأن الغرض إثبات العلم لما أخفوه لظنهم أنهم إذا أسروا يخفى، لا إثبات مطلق العلم فإنهم [ ص: 244 ] لم ينكروه وهو أي والحال أنه هو اللطيف [ أي -] الذي يعلم ما بثه في القلوب لأنه يصل إلى الأشياء بأضدادها فكيف بغير ذلك الخبير أي بالغ العلم بالظواهر والبواطن فكيف يخفى عليه شيء من الأشياء، وهو أعظم تهديد يكون; فإن من علم أن من يعصيه عالما به وهو قادر عليه لا يعصيه أبدا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية