الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        184 - الحديث السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل . فقال : يا رسول الله ، هلكت . قال : ما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم - وفي رواية : أصبت أهلي في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث [ ص: 397 ] النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر - والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدق به . فقال الرجل : على أفقر مني : يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه . ثم قال : أطعمه أهلك } .

                                        التالي السابق


                                        " الحرة " أرض تركبها حجارة سود . يتعلق بالحديث مسائل .

                                        المسألة الأولى : استدل به على أن من ارتكب معصية لا حد فيها . وجاء مستفتيا : أنه لا يعاقب ; لأن النبي لم يعاقبه ، مع اعترافه بالمعصية . ومن جهة المعنى : أن مجيئه مستفتيا يقتضي الندم والتوبة ، والتعزير استصلاح . ولا استصلاح مع الصلاح ، ولأن معاقبة المستفتي تكون سببا لترك الاستفتاء من الناس عند وقوعهم في مثل ذلك ، وهذه مفسدة عظيمة يجب دفعها .



                                        المسألة الثانية : جمهور الأمة على إيجاب الكفارة بإفطار المجامع عامدا ، ونقل عن بعض الناس : أنها لا تجب ، وهو شاذ جدا . وتقريره - على شذوذه - أن يقال : لو وجبت الكفارة بالجماع ، لما سقطت عند مقارنة الإعسار له ، لكن سقطت . فلا تجب . أما بيان الملازمة : فلأن القياس والأصل : أن سبب وجوب المال إذا وجد لم يسقط بالإعسار . فإن الأسباب تعمل إلا مع ما يعارضها مما هو أقوى منها . والإعسار إنما يعارض وجوب الإخراج في الحال ; لاستحالته ، أو مشقته فيقدم على السبب في وجوب الإخراج في الحال . أما ترتبه في الذمة إلى وقت القدرة : فلا يعارضه الإعسار في وقت السبب . فالقول برفع مقتضى السبب [ ص: 398 ] من غير معارض : غير سائغ . وأما أنها سقطت بمقارنة الإعسار : فلأنها لم تؤد ، ولا أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أنها مرتبة في الذمة . ولو ترتبت لأعلمه .

                                        وجواب هذا : إما بمنع الملازمة على مذهب من يرى أنها تسقط بمقارنة الإعسار . ويجيب عن الدليل المذكور ، وإما بأن يسلم بالملازمة ، ويمنع كون الكفارة لم تؤد ويعتذر عن قوله عليه السلام " كله وأطعمه أهلك " وإما أن يقال : بأنها لم تؤد ، ويعتذر عن السكوت عن بيان ذلك . وسيأتي تفصيل هذه الاعتذارات إن شاء الله تعالى .



                                        المسألة الثالثة : اختلفوا في جماع الناسي ، هل يقتضي الكفارة ؟ ولأصحاب مالك قولان . ويحتج من يوجبها بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها عند السؤال من غير استفصال بين كون الجماع على وجه العمد أو النسيان ، والحكم من الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ورد عقيب ذكر واقعة محتملة لأحوال مختلفة الحكم ، من غير استفصال : يتنزل منزلة العموم . وجوابه : أن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع ، ومحاولة مقدماته ، وطول زمانه ، وعدم اعتباره في كل وقت : مما يبعد جريانه في حالة النسيان ، فلا يحتاج إلى الاستفصال بناء على الظاهر ، لا سيما وقد قال الأعرابي " هلكت " فإنه يشعر بتعمده ظاهرا ، ومعرفته بالتحريم .



                                        المسألة الرابعة : الحديث دليل على جريان الخصال الثلاث في كفارة الجماع . أعني : العتق ، والصوم ، والإطعام . وقد وقع في كتاب المدونة من قول ابن القاسم " ولا يعرف مالك غير الإطعام " فإن أخذ على ظاهره - من عدم جريان العتق والصوم في كفارة المفطر - فهي معضلة زباء ذات وبر . لا يهتدى إلى توجيهها ، مع مخالفة الحديث ، غير أن بعض المحققين من أصحابه حمل هذا اللفظ . وتأوله على الاستحباب في تقديم الإطعام على غيره من الخصال

                                        وذكروا وجوها في ترجيح الطعام على غيره :

                                        منها : أن الله تعالى قد ذكره في القرآن رخصة للقادر . ونسخ هذا الحكم لا يلزم منه نسخ الفضيلة بالذكر والتعيين للإطعام ; لاختيار الله تعالى له في حق المفطر :

                                        ومنها : بقاء حكمه في حق المفطر للعذر ، كالكبر والحمل والإرضاع :

                                        ومنها : جريان حكمه في حق من أخر قضاء رمضان ، حتى دخل رمضان ثان .

                                        ومنها : مناسبة إيجاب الإطعام لجبر فوات الصوم الذي هو [ ص: 399 ] إمساك عن الطعام والشراب . وهذه الوجوه لا تقاوم ما دل عليه الحديث من البداءة بالعتق ، ثم بالصوم ، ثم بالإطعام . فإن هذه البداءة إن لم تقتض وجوب الترتيب فلا أقل من أن تقتضي استحبابه . وقد وافق بعض أصحاب مالك على استحباب الترتيب على ما جاء في الحديث . وبعضهم قال : إن الكفارة تختلف باختلاف الأوقات . ففي وقت الشدائد تكون بالإطعام . وبعضهم فرق بين الإفطار بالجماع ، والإفطار بغيره . وجعل الإفطار بغيره : يكفر بالإطعام لا غير . وهذا أقرب في مخالفة النص من الأول .



                                        المسألة الخامسة : إذا ثبت جريان الخصال الثلاثة - أعني العتق والصيام والإطعام في هذه الكفارة - فهل هي على الترتيب ، أو على التخيير ؟ اختلفوا فيه فمذهب مالك : أنها على التخيير . ومذهب الشافعي : أنها على الترتيب . وهو مذهب بعض أصحاب مالك . واستدل على الترتيب في الوجوب بالترتيب في السؤال ، وقوله أولا " هل تجد رقبة تعتقها ؟ " ثم رتب الصوم بعد العتق ، ثم الإطعام بعد الصوم ، ونازع القاضي عياض في ظهور دلالة الترتيب في السؤال على ذلك

                                        وقال : إن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير ، هذا أو معناه وجعله يدل على الأولوية مع التخيير . ومما يقوي هذا الذي ذكره القاضي : ما جاء في حديث كعب بن عجرة من قول النبي صلى الله عليه وسلم { أتجد شاة ؟ فقال : لا . قال : فصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين } ولا ترتيب بين الشاة والصوم والإطعام ، والتخيير في الفدية ثابت بنص القرآن .



                                        المسألة السادسة : قوله " هل تجد رقبة تعتقها ؟ " يستدل به من يجيز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة ، لأجل الإطلاق . ومن يشترط الإيمان : يقيد الإطلاق ههنا بالتقييد في كفارة القتل

                                        وهو ينبني على أن السبب إذا اختلف واتحد الحكم ، هل يقيد المطلق أم لا ؟ وإذا قيد ، فهل هو بالقياس أم لا ؟ والمسألة مشهورة في أصول الفقه . والأقرب : أنه إن قيد فبالقياس . والله أعلم .



                                        المسألة السابعة : قوله " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا " لا إشكال في هذه الرواية على الانتقال من الصوم إلى الإطعام ; لأن الأعرابي نفى [ ص: 400 ] الاستطاعة . وعند عدم الاستطاعة ينتقل إلى الصوم . لكن في بعض الروايات أنه قال " وهل أتيت إلا من الصوم ؟ " فاقتضى ذلك عدم استطاعته ، بسبب شدة الشبق وعدم الصبر في الصوم عن الوقاع : فنشأ لأصحاب الشافعي نظر في أن هذا : هل يكون عذرا مرخصا في الانتقال إلى الإطعام في حق من هو كذلك ، أعني شديد الشبق ؟ قال بذلك بعضهم .



                                        المسألة الثامنة : قوله " فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ " يدل على وجوب إطعام هذا العدد . ومن قال بأن الواجب إطعام ستين مسكينا فهذا الحديث يرد عليه من وجهين :

                                        أحدهما : أنه أضاف " الإطعام " الذي هو مصدر " أطعم " إلى ستين . ولا يكون ذلك موجودا في حق من أطعم عشرين مسكينا ثلاثة أيام . الثاني : أن القول بإجزاء ذلك عمل بعلة مستنبطة تعود على ظاهر النص بالإبطال وقد عرف ما في ذلك في أصول الفقه .



                                        المسألة التاسعة : " العرق " بفتح العين والراء معا : المكتل من الخوص . واحده " عرقة " وهي ضفيرة تجمع إلى غيرها . فيكون مكتلا . وقد روي " عرق " بإسكان الراء . وقد قيل : إن العرق يسع خمسة عشر صاعا فأخذ من ذلك : أن إطعام كل مسكين مد ; لأن الصاع أربعة أمداد . وقد صرفت هذه الخمسة عشر صاعا إلى ستين مدا . وقسمة خمسة عشر إلى ستين بربع . فلكل مسكين ربع صاع . وهو مد .



                                        المسألة العاشرة : " اللابة " الحرة . والمدينة تكتنفها حرتان . والحرة حجارة سود .

                                        وقيل في ضحك النبي صلى الله عليه وسلم : إنه يحتمل أن يكون لتباين حال الأعرابي ، حيث كان في الابتداء متحرقا متلهفا حاكما على نفسه بالهلاك . ثم انتقل إلى طلب الطعام لنفسه . وقيل : وقد يكون من رحمة الله تعالى ، وتوسعته عليه ، وإطعامه له هذا الطعام ، وإحلاله له بعد أن كلف إخراجه . .



                                        المسألة الحادية عشر : قوله عليه السلام " أطعمه أهلك " تباينت المذاهب فيه .

                                        فمن قائل يقول : هو دليل على إسقاط الكفارة عنه ، لأنه لا يمكن أن يصرف كفارته إلى أهله ونفسه . وإذا تعذر أن تقع كفارة ، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم له استقرار الكفارة في ذمته إلى حين اليسار : لزم من مجموع ذلك سقوط الكفارة بالإعسار [ ص: 401 ] المقارن لسبب وجوبها وربما قرر ذلك بالاستشهاد بصدقة الفطر ، حيث تسقط بالإعسار المقارن لاستهلال الهلال . وهذا قول للشافعي ، أعني سقوط هذه الكفارة بهذا الإعسار المقارن . ومن قائل يقول : لا تسقط الكفارة بالإعسار المقارن .

                                        وهو مذهب مالك . والصحيح من مذهب الشافعي أيضا . وبعد القول بهذا المذهب فههنا طريقان :

                                        أحدهما : منع أن لا تكون الكفارة أخرجت في هذه الواقعة .

                                        وأما قوله عليه السلام " أطعمه أهلك " ففيه وجوه :

                                        منها : ادعاء بعضهم أنه خاص بهذا الرجل ، أي يجزئه أن يأكل من صدقة نفسه لفقره . فسوغها له النبي .

                                        ومنها : ادعاء أنه منسوخ . وهذان ضعيفان . إذ لا دليل على التخصيص ولا على النسخ .

                                        ومنها : أن تكون صرفت إلى أهله ; لأنه فقير عاجز لا يجب عليه النفقة لعسره . وهم فقراء أيضا . فجاز إعطاء الكفارة عن نفسه لهم . وقد جوز بعض أصحاب الشافعي لمن لزمته الكفارة مع الفقر أن يصرفها إلى أهله وأولاده . وهذا لا يتم على رواية من روى " كله وأطعمه أهلك " .

                                        ومنها : ما حكاه القاضي أنه قيل : لما ملكه إياه النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتاج جاز له أكلها وإطعامها أهله للحاجة . وهذا ليس فيه تخصيص ; لأنه إن جعل عاما فليس الحكم عليه . وإن جعل خاصا فهو القول المحكي أولا .

                                        الطريق الثاني : وهو - الأقرب - أن يجعل إعطاؤه إياها لا عن جهة الكفارة . وتكون الكفارة مرتبة في الذمة لما ثبت وجوبها في أول الحديث . والسكوت لتقدم العلم بالوجوب . فإما أن يجعل ذلك مع استقرار أن ما ثبت في الذمة يتأخر للإعسار ، ولا يسقط ، للقاعدة الكلية والنظائر ، أو يؤخذ الاستقرار من دليل يدل عليه أقوى من السكوت . .



                                        المسألة الثانية عشر : جمهور الأمة على وجوب القضاء على مفسد الصوم بالجماع .

                                        وذهب بعضهم إلى عدم وجوبه ، لسكوته عليه السلام عن ذكره . وبعضهم ذهب إلى أنه إن كفر بالصيام أجزأه الشهران . وإن كفر بغيره قضى يوما . والصحيح : وجوب القضاء .

                                        والسكوت عنه لتقرره وظهوره . وقد روي أنه ذكر في حديث عمرو بن شعيب . وفي حديث سعيد بن المسيب - أعني القضاء - والخلاف في وجوب القضاء موجود في مذهب الشافعي . ولأصحابه ثلاثة أوجه . وهي [ ص: 402 ] المذاهب التي حكيناها . وهذا الخلاف في الرجل . فأما المرأة فيجب عليها القضاء من غير خلاف عندهم ، إذ لم يوجب عليها الكفارة .



                                        المسألة الثالثة عشرة : اختلفوا في وجوب الكفارة على المرأة إذا مكنت طائعة فوطئها الزوج : هل تجب عليها الكفارة أم لا ؟ وللشافعي قولان :

                                        أحدهما : الوجوب . وهو مذهب مالك وأبي حنيفة . وأصح الروايتين عن أحمد .

                                        الثاني : عدم الوجوب عليها . واختصاص الزوج بلزوم الكفارة . وهو المنصوص عند أصحاب الشافعي من قوليه .

                                        ثم اختلفوا : هل هي واجبة على الزوج لا تلاقي المرأة ، أو هي كفارة واحدة تقوم عنهما جميعا ؟ وفيه قولان مخرجان من كلام الشافعي . واحتج الذين لم يوجبوا عليها الكفارة بأمور :

                                        منها : ما لا يتعلق بالحديث . فلا حاجة بنا إلى ذكره .

                                        والذي يتعلق بالحديث من استدلالهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم المرأة بوجوب الكفارة عليها ، مع الحاجة إلى الإعلام . ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . { وقد أمر رسول الله أنيسا أن يغدو على امرأة صاحب العسيف . فإن اعترفت رجمها } .

                                        فلو وجبت الكفارة على المرأة لأعلمها النبي بذلك ، كما في حديث أنيس . والذين أوجبوا الكفارة أجابوا بوجوه :

                                        أحدها : أنا لا نسلم الحاجة إلى إعلامها . فإنها لم تعترف بسبب الكفارة . وإقرار الرجل عليها لا يوجب عليها حكما . وإنما تمس الحاجة إلى إعلامها إذا ثبت الوجوب في حقها ولم يثبت على ما بيناه .

                                        وثانيها : أنها قضية حال . يتطرق إليها الاحتمال . ولا عموم لها . وهذه المرأة يجوز أن لا تكون ممن تجب عليها الكفارة بهذا الوطء : إما لصغرها ، أو جنونها ، أو كفرها ، أو حيضها ، أو طهارتها من الحيض في أثناء اليوم .

                                        واعترض على هذا بأن علم النبي صلى الله عليه وسلم بحيض امرأة أعرابي لم يعلم عسره حتى أخبره به مستحيل . وأما العذر بالصغر والجنون والكفر والطهارة من الحيض : فكلها أعذار تنافي التحريم على المرأة . وينافيها قوله فيما رووه " هلكت وأهلكت " وجودة هذا الاعتراض موقوفة على صحة هذه الرواية . [ ص: 403 ]

                                        وثالثها : لا نسلم بعدم بيان الحكم . فإن بيانه في حق الرجل بيان له في حق المرأة . لاستوائهما في تحريم الفطر ، وانتهاك حرمة الصوم ، مع العلم بأن سبب إيجاب الكفارة هو ذاك . والتنصيص على الحكم في بعض المكلفين : كاف عن ذكره في حق الباقين . وهذا كما أنه عليه السلام لم يذكر إيجاب الكفارة على سائر الناس غير الأعرابي ، لعلمهم بالاستواء في الحكم . وهذا وجه قوي .

                                        وإنما حاولوا التعليل عليه بأن بينوا في المرأة معنى يمكن أن يظن بسببه اختلاف حكمها مع حكم الرجل ، بخلاف غير الأعرابي من الناس . فإنه لا معنى يوجب اختلاف حكمهم مع حكمه . وذلك المعنى الذي أبدوه في حق المرأة : هو أن مؤن النكاح لازمة للزوج ، كالمهر وثمن ماء الغسل عن جماعه . فيمكن أن يكون هذا منه .

                                        وأيضا : فجعلوا الزوج في الوطء هو الفاعل المنسوب إليه الفعل . والمرأة محل . فيمكن أن يقال : الحكم مضاف إلى من ينسب إليه الفعل . فيقال واطئ ومواقع . ولا يقال للمرأة ذلك ، وليس هذان بقويين ، فإن المرأة يحرم عليها التمكين ، وتأثم به إثم مرتكب الكبائر ، كما في الرجل . وقد أضيف اسم الزنا إليها في كتاب الله تعالى . ومدار إيجاب الكفارة على هذا المعنى .



                                        المسألة الرابعة عشرة : دل الحديث بنصه على إيجاب التتابع في صيام الشهرين . وعن بعض المتقدمين : أنه خالف فيه .



                                        المسألة الخامسة عشرة : دل الحديث على أنه لا مدخل لغير هذه الخصال في هذه الكفارة . وعن بعض المتقدمين : أنه أدخل البدنة فيها عند تعذر الرقبة وورد ذلك في رواية عطاء عن سعيد . وقيل : إن سعيدا أنكر روايته عنه . باب الصوم في السفر .




                                        الخدمات العلمية