الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبث ]

                                                          عبث : عبث به بالكسر عبثا : لعب ، فهو عابث : لاعب بما لا يعنيه ، وليس من باله ، والعبث : أن تعبث بالشيء ، ورجل عبيث : عابث ، والعبثة بالتسكين : المرة الواحدة ، والعبث : اللعب ، قال الله عز وجل : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ، قال الأزهري : نصب عبثا ; لأنه مفعول له بمعنى خلقناكم للعبث ، وفي الحديث : من قتل عصفورا عبثا ، العبث : اللعب ، والمراد أن يقتل الحيوان لعبا لغير قصد الأكل ولا على جهة التصيد للانتفاع ، وفي الحديث : أنه عبث في منامه ، أي : حرك يديه كالدافع أو الآخذ ، وعبث الأقط يعبثه عبثا : جففه في الشمس ، وقيل : فرغه على اليابس ; ليحمل يابسه رطبه حتى يطبخ ، وقيل : عبث الأقط يعبثه عبثا : خلطه بالسمن وهي العبيثة ، وعبثت الأقط أعبثه عبثا ، ومثته ودفته : مثله ، وغبثته بالغين : لغة فيه ، والعبيثة والعبيث أيضا : الأقط يدق مع التمر فيؤكل ويشرب ، والعبيثة أيضا : طعام يطبخ ، [ ص: 8 ] ويجعل فيه جراد ، والعبيثة : البر والشعير يخلطان معا ، والعبيثة : الغنم المختلطة ، يقال : مررنا على غنم بني فلان عبيثة واحدة ، أي : اختلط بعضها ببعض ، والعبيثة : أخلاط الناس ، ليسوا من أب واحد قال :


                                                          عبيثة من جشم وبكر



                                                          ويروى : من جشم وجرم ، كل ذلك مشتق من العبث ، ورجل عبيثة مؤتشب ، وهو من ذلك أيضا ، قال أبو عبيدة : في نسب بني فلان عبيثة ، أي : مؤتشب ، كما يقال : جاء بعبيثة في وعائه ، أي : بر وشعير قد خلطا ، والعبيث في لغة : المصل ، والعبث : الخلط ، وهو بالفارسية ترف ترين ، قال : وتقول إن فلانا لفي عبيثة من الناس ، ولويثة من الناس ، وهم الذين ليسوا من أب واحد ، تهبشوا من أماكن شتى ، والعبث : الخلط ، والعبث : اتخاذ العبيثة ، قال أبو صاعد الكلابي : العبيثة الأقط يفرغ رطبه حين يطبخ على جافه فيخلط به ، يقال : عبثت المرأة أقطها إذا فرغته على المشر اليابس ; ليحمل يابسه رطبه ، يقال : ابكلي واعبثي ، قال رؤبة :


                                                          وطاحت الألبان والعبائث



                                                          وظلت الغنم عبيثة واحدة ، وبكيلة واحدة : وهو أن الغنم إذا لقيت غنما أخرى فدخلت فيها اختلط بعضها ببعض ، وهو مثل ، وأصله من الأقط والسويق ، يبكل بالسمن فيؤكل ، وأما قول السعدي :


                                                          إذا ما الخصيف العوبثاني ساءنا     تركناه واخترنا السديف المسرهدا



                                                          فيقال : إن العوبثاني دقيق وسمن وتمر يخلط باللبن الحليب ، قال ابن بري : هذا البيت لناشرة بن مالك يرد على المخبل السعدي ، وكان المخبل قد عيره باللبن ، والخصيف : اللبن الحليب ، يصب عليه الرائب وقبله :


                                                          وقد عيرونا المحض لا در درهم     وذلك عار خلته كان أمجدا
                                                          فأسقى الإله المحض من كان أهله     وأسقى بني سعد سمارا مصردا

                                                          !

                                                          السمار : اللبن المخلوط بالماء ، والمصرد : المقلل ، والعوبث : موضع ، قال رؤبة :


                                                          بشعب تنبوك وشعب العوبث



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية