الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل وإن نقص المغصوب بيد الغاصب أو غيره ( لزمه ) أي الغاصب ( ضمانه ) أي النقص ( بقيمته ) أي النقص فيقوم صحيحا وناقصا وبغرم الغاصب ما بينهما لأنه ضمان مال من غير جناية فكان الواجب ما نقص ، إذ القصد بالضمان جبر حق المالك بإيجاب قدر ما فوت عليه ولأنه لو فات الجميع لوجبت قيمته فإذا فات منه شيء وجب قدره من القيمة .

                                                                                                                      ( ولو ) كان ما نقص ( رقيقا أو بعضه ) بأن عمي أو خرس ونحوه ، أو ذهبت يده أو رجله ونحوهما بنحو أكلة و ( لا ) يضمن ما ذهب من الرقيق ( بمقدر من الحر كيده ) فلا يجب فيهما نصف القيمة ولا تجب القيمة في ذهاب نحو بصره أيضا ( إذا لم يجن ) بالبناء للمفعول ( عليه ) أي الرقيق .

                                                                                                                      ( وإن جني عليه ) أي الرقيق المغصوب من الغاصب أو غيره ( ضمنه ) أي ضمن الغاصب الذاهب بالجناية ( بأكثر الأمرين ) من أرش نقص قيمة المجني عليه ، أو دية المقطوع لأن سبب كل واحد منهما وجد فوجب أكثرهما ودخل الآخر فيه فإن الجناية واليد وجدا فيه جميعا فلو غصب عبدا قيمته ألف فزادت قيمته عنده إلى ألفين ، ثم قطع يده فصار يساوي ألفا وخمسمائة كان عليه مع رده ألف وإن كان القاطع ليده غير الغاصب .

                                                                                                                      وقد نقصت قيمته مائتين [ ص: 91 ] قبل وصار بعد القطع يساوي أربعمائة كان على الجاني أربعمائة لأن جنايته مضمونة بنصف القيمة وهي حين القطع ثمانمائة وعلى الغاصب مائتان لأنها نقصت من قيمة العبد في يده وللمالك تضمين الغاصب ما عليه وعلى الجاني لأن ما وجد في يده في حكم الموجود منه .

                                                                                                                      ( ويرجع غاصب غرم ) الجميع لمالك ( على جان بأرش جناية فقط ) لاستقرار ضمانه عليه لأنه أرش جنايته فلا يجب عليه أكثر منه وللمالك تضمين الجاني أرش الجناية ولا يرجع به على أحد لأنه لم يضمنه أكثر مما وجب عليه ويضمن الغاصب ما بقي من النقص ولا يرجع به على أحد ( فإن خصاه ) أي خصى الغاصب أو غيره العبد المغصوب .

                                                                                                                      ( ولو زادت قيمته ) بالخصاء ( أو قطع ) الغاصب أو غيره ( منه ) أي المغصوب ( ما تجب فيه دية كاملة من الحر ) كأنفه أو ذكره أو يديه .

                                                                                                                      ( لزمه رده ورد قيمته ولا يملكه الجاني ) لأن المتلف البعض فلا يقف ضمانه على زوال الملك ، كقطع خصيتي ذكر مدبر ولأن المضمون هو المفوت فلا يزول الملك عن غيره ، بضمانه كما لو قطع تسع أصابع .

                                                                                                                      ( وإن كان ) المغصوب ( دابة ) ونقصت بجناية أو غيرها ( ضمن ) الغاصب ( ما نقص من قيمتها ولو ) كان النقص ( بتلف إحدى عينيها ) أي الدابة فيغرم أرش نقصها فقط لأنه الذي فوته على المالك وما روى زيد بن ثابت { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع قيمتها } وروي عن عمر قال في المبدع : لا نعرف صحته ، بدليل احتجاج أحمد بقول عمر دونه ، مع أن قول ; عمر محمول على أن ذلك كان قدر نقصها ولو كان تقدير الواجب في العين نصف الدية ، كعين الآدمي .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية