الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبل ]

                                                          عبل : العبل : الضخم من كل شيء ، وفي صفة سعد بن معاذ : كان عبلا من الرجال ، أي : ضخما ، والأنثى عبلة ، وجمعها عبال ، وقد عبل بالضم عبالة فهو أعبل : غلظ وابيض ، وأصله في الذراعين وجارية عبلة والجمع عبلات ; لأنها نعت ، ورجل عبل الذراعين ، أي : ضخمهما ، وفرس عبل الشوى ، أي : غليظ القوائم ، وامرأة عبلة ، أي : تامة الخلق والجمع عبلات وعبال مثل ضخمات وضخام ، الأصمعي : الأعبل والعبلاء حجارة بيض ، وأنشد في صفة ناب الذئب :


                                                          يبرق نابه كالأعبل



                                                          أي : كحجر أبيض من حجارة المرو ، قال ابن بري : قال الجوهري : الأعبل حجارة بيض ، وصوابه الأعبل حجر أبيض ; لأن أفعل من صفة الواحد المذكر قال أبو كبير :


                                                          لون السحاب بها كلون الأعبل



                                                          قال : ويجوز أن يريد بالأعبل الجنس ، كما قال :


                                                          والضرب في أقبال ملمومة     كأنما لأمتها الأعبل



                                                          وأقبال : جمع قبل لما قابلك من جبل ونحوه ، وجمع الأعبل أعبلة على غير الواحد ، وفي الحديث : أن المسلمين وجدوا أعبلة في الخندق ، والعبلاء : الطريدة في سواء الأرض حجارتها بيض ، كأنها حجارة القداح وربما قدحوا ببعضها ، وليس بالمرو كأنها البلور ، والأعبل : حجر أخشن غليظ يكون أحمر ، ويكون أبيض ، ويكون أسود كل يكون جبل غليظ في السماء ، وجبل أعبل ، وصخرة عبلاء : بيضاء صلبة ، وقيل : العبلاء الصخرة من غير أن تخص بصفة ، فأما ثعلب فقال : لا يكون الأعبل والعبلاء إلا أبيضين ، وقول أبي كبير الهذلي :


                                                          صديان أجري الطرف في ملمومة     لون السحاب بها كلون الأعبل



                                                          عنى بالأعبل المكان ذا الحجارة البيض ، والعبنبل : الضخم الشديد مشتق من ذلك قالت امرأة :


                                                          كنت أحب ناشئا عبنبلا     يهوى النساء ويحب الغزلا



                                                          وغلام عابل : سمين وجمعه عبل ، وامرأة عبول : ثكول ، وجمعها عبل ، والعبل بالتحريك : الهدب وهو كل ورق مفتول غير منبسط كورق الأرطى والأثل والطرفاء ، وأشباه ذلك ومنه قول الراجز :


                                                          أودى بليلى كل نياف شول     صاحب علقى ومضاض وعبل



                                                          وقيل : هو ثمر الأرطى ، وقيل : هو هدبه إذا غلظ في القيظ واحمر وصلح أن يدبغ به ، قال ابن السكيت : أعبل الأرطى إذا غلظ هدبه في القيظ ، وقيل : العبل الورق الدقيق ، وقيل : العبل مثل الورق ، وليس بورق والعبل : الورق الساقط والطالع ضد وقد أعبل فيهما ، قال الأزهري : سمعت غير واحد من العرب يقول : غضا معبل وأرطى معبل إذا طلع ورقه ، قال : وهذا هو الصحيح ومنه قول ذي الرمة :


                                                          إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها     بأفنان مربوع الصريمة معبل



                                                          وإنما يتقي الوحشي حر الشمس بأفنان الأرطاة التي طلع ورقها ، وذلك حين يكنس في حمراء القيظ ، وإنما يسقط ورقها إذا برد الزمان ولا يكنس الوحش حينئذ ، ولا يتقي حر الشمس ، وقال النضر : أعبلت الأرطاة إذا نبت ورقها ، وأعبلت إذا سقط ورقها فهي معبل ، قال الأزهري : جعل ابن شميل أعبلت الشجرة من الأضداد ، ولو لم يحفظه عن العرب ما قاله ; لأنه ثقة مأمون ، وحكى ابن سيده عن أبي حنيفة : أعبل الشجر إذا خرج ثمره ، قال : وقال لم أجد ذلك معروفا ، قال الأزهري : عبل الشجر إذا طلع ورقه ، وعبل الشجر يعبله عبلا : حت عنه ورقه ، وألقى عليه عبالته بالتشديد ، أي : ثقله ، والتخفيف فيها لغة عن اللحياني ، وفي الحديث : أن ابن عمر - رضي الله عنه - قال لرجل : إذا أتيت منى فانتهيت إلى موضع كذا وكذا فإن هناك سرحة لم تعبل ، ولم تجرد ، ولم تسرف ، سر تحتها سبعون نبيا فانزل تحتها ، قال أبو عبيد : لم تعبل لم يسقط ورقها ، والسرو والنخل لا يعبلان ، وكل شجر نبت ورقه شتاء وصيفا فهو لا يعبل ، وقوله لم تجرد ، أي : لم يأكلها الجراد ، والمعبلة : نصل طويل عريض ، والجمع معابل ، وقال عنترة :


                                                          وفي البجلي معبلة وقيع



                                                          وقال الأصمعي : من النصال المعبلة وهو أن يعرض النصل ويطول ، وقال أبو حنيفة : هي حديدة مصفحة لا عير لها ، وعبل السهم : [ ص: 20 ] جعل فيه معبلة ، ومنه حديث علي رضوان الله عليه : تكنفتكم غوائله وأصدتكم معابله ، وفي حديث عاصم بن ثابت : تزل عن صفحتي المعابل ، والعبول : المنية ، وعبلته عبول : كقولهم : غالته غول قال المرار الفقعسي :


                                                          وإن المال مقتسم وإني     ببعض الأرض عابلتي عبول



                                                          ويقال للرجل إذا مات : عبلته عبول مثل اشتعبته شعوب ، قال الأزهري : وأصل العبل القطع المستأصل وأنشد : عابلتي عبول ، وما عبلك أي : ما شغلك وحبسك ، والعبال : الجبلي من الورد ، وهو يغلظ ويعظم حتى تقطع منه العصي ؛ حكاه أبو حنيفة قال : ويزعمون أن عصا موسى - عليه السلام - كانت منه ، وبنو عبيل : قبيلة قد انقرضوا ، وعبلة : اسم ، وقال الجوهري : اسم جارية ، والعبلات بالتحريك : بطن من بني أمية الصغرى من قريش نسبوا إلى أمهم عبلة إحدى نساء بني تميم حركوا ثانيه على من قال في التسمية حارث ، قال سيبويه : النسب إليه عبلي بالسكون على ما يجب في الجمع الذي له واحد من لفظه قال الجوهري : ترده إلى الواحد ; لأن أمهم اسمها عبلة ، وفي حديث الحديبية : وجاء عامر برجل من العبلات ، أبو عمرو : العبلاء معدن الصفر في بلاد قيس ، والعبلاء : موضع ، وعوبل : اسم ، ويقال : عبلته إذا رددته وأنشد :


                                                          ها إن رميي عنهم لمعبول     فلا صريخ اليوم إلا المصقول



                                                          كان يرمي عدوه فلا يغني الرمي شيئا فقاتل بالسيف ، وقال هذا الرجز ، والمعبول : المردود .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية