الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون [ ص: 633 ] حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم

                                                                                                                                                                                                                                        الآيات السابقات في ذكر عقد الموالاة بين المؤمنين من المهاجرين والأنصار.

                                                                                                                                                                                                                                        وهذه الآيات في بيان مدحهم وثوابهم.

                                                                                                                                                                                                                                        (74) فقال: والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون من المهاجرين والأنصار، هم المؤمنون حقا لأنهم صدقوا إيمانهم بما قاموا به من الهجرة والنصرة والموالاة بعضهم لبعض، وجهادهم لأعدائهم من الكفار والمنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                        لهم مغفرة من الله تمحى بها سيئاتهم، وتضمحل بها زلاتهم، ( و ) لهم " رزق كريم " أي: خير كثير من الرب الكريم في جنات النعيم.

                                                                                                                                                                                                                                        وربما حصل لهم من الثواب المعجل ما تقر به أعينهم، وتطمئن به قلوبهم.

                                                                                                                                                                                                                                        (75) وكذلك من جاء بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار، ممن اتبعهم بإحسان فآمن وهاجر وجاهد في سبيل الله. فأولئك منكم لهم ما لكم وعليهم ما عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                        فهذه الموالاة الإيمانية - وقد كانت في أول الإسلام - لها وقع كبير وشأن عظيم، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار أخوة خاصة، غير الأخوة الإيمانية العامة، وحتى كانوا يتوارثون بها، فأنزل الله وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فلا يرثه إلا أقاربه من العصبات وأصحاب الفروض، فإن لم يكونوا، فأقرب قراباته من ذوي الأرحام، كما دل عليه عموم هذه الآية الكريمة، وقوله: في كتاب الله أي: في حكمه وشرعه.

                                                                                                                                                                                                                                        إن الله بكل شيء عليم ومنه ما يعلمه من أحوالكم التي يجري من شرائعه الدينية عليكم ما يناسبها.

                                                                                                                                                                                                                                        تم تفسير سورة الأنفال ولله الحمد والمنة.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 634 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية