الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 292 ] ( باب تارك الصلاة )

809 - ( 1 ) - حديث : { خمس صلوات كتبهن الله عليكم في اليوم والليلة } - الحديث - مالك في الموطأ ، وأحمد ، وأصحاب السنن ، وابن حبان ، وابن السكن من طريق ابن محيريز : أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي ، أخبره أنه سمع رجلا بالشام يكنى أبا محمد يقول : إن الوتر واجب ، قال المخدجي : فرحت إلى عبادة فأخبرته ، فقال : كذب أبو محمد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { خمس صلوات كتبهن الله على العباد } - الحديث - قال ابن عبد البر : هو صحيح ثابت لم يختلف عن مالك فيه ، ثم قال : والمخدجي مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث ، قال الشيخ تقي الدين القشيري في الإمام : انظر إلى تصحيحه لحديثه ، مع حكمه بأنه مجهول ، وقيل : إن اسمه رفيع ، وليس المخدجي بنسب ، وإنما هو لقب قاله مالك ، انتهى . وذكره ابن حبان على قاعدته في الثقات فقال : أبو رفيع المخدجي من بني كنانة ، وأما أبو محمد فقال ابن عبد البر : يقال : إن اسمه مسعود بن أوس ، ويقال : سعيد بن أوس ، ويقال : إنه بدري ، وقال ابن حبان : في الصحابة مسعود بن زيد بن سبيع الأنصاري من بني دينار بن النجار ، له صحبة ، سكن الشام ، وقول عبادة بن الصامت : كذب أبو محمد ، أراد أخطأ ، وهذه لفظة مستعملة لأهل الحجاز إذا أخطأ أحدهم يقال له : كذب ، ويدل عليه أن ذلك كان في الفتوى ولا يقال لمن أخطأ في فتواه : كذب ، إنما يقال له : أخطأ ، ووافق الخطابي ابن حبان على تسميته ، وتعقبه ابن الجوزي ، وله شاهد من حديث أبي قتادة رواه ابن ماجه ، وآخر من حديث كعب بن عجرة رواه أحمد . [ ص: 293 ]

810 - ( 2 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { من ترك الصلاة فقد برئت منه الذمة }. ابن ماجه من حديث أبي الدرداء قال : { أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم ، أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت وأن لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر }. وفي إسناده ضعف ، ورواه الحاكم في المستدرك من طريق جبير بن نفير ، عن أميمة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : { بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ دخل عليه رجل ، فقال : إني أريد الرجوع إلى أهلي فأوصني }. فذكر نحوه ، مطولا ، ورواه أحمد ، والبيهقي من حديث مكحول ، عن أم أيمن ، وفيه انقطاع ، وفي مسند عبد بن حميد أن الموصى بذلك ثوبان ، ورواه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت ، ومن حديث معاذ بن جبل ، وإسنادهما ضعيفان .

811 - ( 3 ) - حديث : { من ترك صلاة متعمدا فقد كفر }. البزار من حديث أبي الدرداء بهذا اللفظ ، ساقه من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه باللفظ السابق ، وله شاهد من حديث الربيع بن أنس ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ترك الصلاة متعمدا لقد كفر جهارا }. سئل الدارقطني في العلل عنه ، فقال : رواه أبو النضر ، عن أبي جعفر ، عن الربيع موصولا ، وخالفه علي بن الجعد فرواه عن أبي جعفر ، عن الربيع مرسلا وهو أشبه بالصواب .

وفي الباب عن أبي هريرة رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أحمد بن موسى ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة عنه رفعه : { تارك الصلاة كافر }. واستنكره ، ورواه أبو نعيم من طريق إسماعيل بن يحيى ، عن مسعر ، عن عطية ، عن أبي سعيد مثل حديث أنس ، وعطية ضعيف ، وإسماعيل أضعف منه ، وأصح ما فيه [ ص: 294 ] حديث جابر ، بلفظ : { بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة }. رواه مسلم والترمذي ، والنسائي ، وابن حبان ، ورواه ابن حبان ، والحاكم من حديث بريدة بن الحصيب نحوه .

وروى الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق العقيلي قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة . ورواه الحاكم من هذا الوجه ، فقال عن عبد الله بن شقيق ، عن أبي هريرة ، وصححه على شرطهما .

( فائدة ) :

أول ابن حبان الأحاديث المذكورة فقال : إذا اعتاد المرء ترك الصلاة ارتقى إلى ترك غيرها من الفرائض ، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد ، قال : فأطلق اسم النهاية التي هي آخر شعب الكفر على البداية التي هي أولها .

حديث : النوم عن الصلاة في الوادي . تقدم في الصلاة

التالي السابق


الخدمات العلمية