الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويسن أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب ويشاورهم فيما يشكل عليه قال أحمد : ما أحسنه لو فعله ، الحكام يشاورون وينتظرون ، ويحرم تقليد غيره مطلقا ، ونقل ابن الحكم : عليه أن يجتهد ، قال عمر : والله ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأ . ولو كان حكم بحكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا .

                                                                                                          ونقل أبو الحارث : لا تقلد أمرك أحدا ، وعليك بالأثر ، وقال الفضل بن زياد : لا تقلد دينك الرجال فإنهم لم يسلموا أن يغلطوا ، قال أبو الخطاب : وحكى أبو إسحاق الشيرازي أن مذهبنا جواز تقليد العالم للعالم ، وهذا لا نعرفه عن أصحابنا ، وأجاز أبو الخطاب إن كانت العبادة مما لا يجوز تأخيرها كالصلاة فعلها بحسب حاله ، ويعيد إذا قدر ، كمن عدم الماء والتراب ، فلا ضرورة إلى التقليد ، ولأن العامي لا يسقط عنه فرضه وهو التقليد بخوف فوت الوقت ،

                                                                                                          ومن العجب ما رواه البيهقي في كتاب المدخل إلى السنن عن المروذي ، قال أحمد : إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي ، لأنه إمام عالم من قريش ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { عالم قريش يملأ الأرض علما } وذكر في الخبر { أن الله يقيض في رأس كل مائة سنة رجلا يعلم الناس دينهم } ، فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز [ ص: 446 ] وفي الثانية الشافعي ، وهذه الحكاية في إسنادها أحمد بن محمد بن ياسين أبو إسحاق الهروي ، كذبه الدارقطني .

                                                                                                          وقال الإدريسي : سمعت أهل بلده يطعنون فيه ولا يرضونه ، والخبر الأول رواه البيهقي من حديث ابن مسعود بإسناد لا يحتج به ، ثم قال : وقد روي عن ابن عباس وعلي وأبي هريرة مرفوعا ، وفي إسنادها ضعف . وأما الخبر الثاني فروى أبو داود عن سليمان بن داود المهري عن ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها } قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ، لم يخبر به شراحيل ، كلهم ثقات ،

                                                                                                          وظهر مما سبق أنه لا يجوز أن يدع ما عنده من الشرع لقول أحد ، وفي الصحيحين عن أبي موسى أنه كان يفتي الناس بالمتعة ، زاد مسلم : فقال رجل لأبي موسى : رويدك بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، فقال : يا أيها الناس ، من كنا أفتيناه فتيا فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فيه ، فأتموا : قال فقدم عمر ، فذكرت ذلك له ، فقال : أن تأخذ بكتاب الله فإن الله تعالى قال { وأتموا الحج والعمرة لله } وأن تأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله [ ص: 447 ] صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي ، ولمسلم أيضا أن عمر قال له : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابه ، ولكني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رءوسهم ، قال ابن هبيرة فيه : إنه يتعين على العالم إذا كان يفتي بما كان الإمام على خلافه مما يسوغ فيه الاجتهاد في مثل هذه المسألة وذلك الموطن أن يترك ما كان عليه ويصير إلى ما عليه الإمام ، قال : وفيه جواز الاستحسان .

                                                                                                          وإن حكم ولم يجتهد ثم بان له أنه قد حكم بالحق لم يصح ، ذكره ابن عقيل في القصر من الفصول ، ولا يحكم مع ما يشغل فهمه ، كغضب كثير وجوع وألم ، وصرح في الانتصار : يحرم ، فإن حكم نفذ ، في الأصح ، وقيل : إن عرض بعد فهم الحكم .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية