الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء في قسمة الزرع الأخضر قبل أن يبدو صلاحه قلت : فهل تقسم الورثة الزرع في قول مالك من قبل أن يبدو صلاحه على أن يحصد كل واحد منهم حصته مكانه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إذا كان ذلك يستطاع أن يعدل بينهما بالتحري في القسم جاز ذلك بينهما ، بمنزلة غيره من الأشياء التي تقسم على التحري .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اقتسماه على أن يحصداه فحصد أحدهما وترك الآخر نصيبه حتى صار حبا قال : تنتقض القسمة فيما بينهما ، ويكون على الذي حصده قيمة ما حصد من الزرع ، ويكون هذا الزرع الذي استحصد بينهما يقتسمانه بينهما حبا ويقتسمان أيضا القيمة بينهما .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما قال مالك : في القصب والتبن إذا قسم على التحري فذلك جائز فرأيت قسمة هذا الذي ذكرت لك على التحري جائزا في رأيي . [ ص: 271 ] فإذا ترك أحدهما نصيبه حتى يصير حبا فقد فسدت القسمة بينهما ; لأن القسمة ههنا بيع من البيوع ، ولا يصلح لأحدهما أن يبيع حصته من هذا الزرع قبل أن ييبس على أن يتركه مشتريه حتى يصير حبا ، فلما كان هذا في البيع لا يجوز عند مالك ، كان أيضا في القسمة غير جائز . وكذلك إن اقتسماه على التحري على أن يحصداه وهو بقل ثم تركاه جميعا حتى صار حبا ، فإن القسمة تنتقض ويصير جميع ذلك بينهما يقتسمانه كيلا ، وهذا رأيي مثل ما قال مالك في البيوع .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية