الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( يقول يا ليتني قدمت لحياتي )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم شرح تعالى ما يقوله هذا الإنسان فقال تعالى : ( يقول ياليتني قدمت لحياتي ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : للآية تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : ( ياليتني قدمت ) في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة ، وإنما قال : ( لحياتي ) ولم يقل : " لهذه الحياة " على معنى أن الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة ، قال تعالى : ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) [ العنكبوت : 64 ] أي لهي الحياة .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنه تعالى قال في حق الكافر : ( ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ) [ إبراهيم : 17 ] وقال : ( فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ طه : 74 ] وقال : ( ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ الأعلى : 13 ] فهذه الآية دلت على أن أهل النار في الآخرة كأنه لا حياة لهم ، والمعنى فيا ليتني قدمت عملا يوجب نجاتي من النار حتى أكون من الأحياء .

                                                                                                                                                                                                                                            .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن يكون المعنى : فيا ليتني قدمت وقت حياتي في الدنيا ، كقولك جئته لعشر ليال خلون من رجب .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقا بقصدهم وإرادتهم وأنهم ما كانوا محجوبين عن الطاعات مجترئين على المعاصي ، وجوابه : أن فعلهم كان معلقا بقصدهم ، فقصدهم إن كان معلقا بقصد آخر لزم التسلسل ، وإن كان معلقا بقصد الله فقد بطل الاعتزال .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية