الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: الفرق بين الهبة، والصدقة:

        الفرق بين الهبة والصدقة من وجوه:

        الأول: أن الصدقة يقصد بها ثواب الآخرة ومحض التقرب إلى الله تعالى، وأما الهبة فيقصد بها نفع الموهوب له.

        قال شيخ الإسلام: "الصدقة: ما يعطى لوجه الله عبادة محضة من غير قصد في شخص معين، ولا طلب غرض من جهته، لكن يوضع في مواضع الصدقة كأهل الحاجات، وأما الهدية فيقصد بها إكرام شخص معين إما لمحبة، وإما لصداقة، وإما لطلب حاجة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها، فلا يكون لأحد عليه منة، ولا يأكل أوساخ الناس التي يتطهرون بها من ذنوبهم وهي الصدقات، ولم يكن يأكل الصدقة لذلك وغيره".

        الثاني: أن الصدقة أفضل إلا أن يكون في الهبة معنى يقتضي تفضيلها كالإهداء له صلى الله عليه وسلم محبة، وللقريب ففيها معنى الصلة للرحم، ونحو ذلك.

        قال شيخ الإسلام: "فالصدقة أفضل إلا أن يكون في الهدية معنى تكون به أفضل من الصدقة، مثل الإهداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبة له، ومثل الإهداء لقريب يصل به رحمه، وأخ له في الله، فهذا قد يكون أفضل من الصدقة".

        [ ص: 50 ] الثالث: أن الهبة تجوز لآل النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الصدقة، فالجمهور على جواز الصدقة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لكن يكره ذلك على المعتمد عند المالكية.

        الرابع: قال في الشرح الممتع: "والفرق بين الهدية والصدقة: أن ما قصد به التودد والألفة فهو هدية; لما جاء في الحديث: "تهادوا تحابوا"، وما قصد به التقرب إلى الله فهو صدقة، وعلى هذا فتكون الصدقة للمحتاج، والهدية للغني".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية