الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عجل ]

                                                          عجل : العجل والعجلة : السرعة خلاف البطء ، ورجل عجل وعجل وعجلان وعاجل وعجيل من قوم عجالى وعجالى وعجال وهذا كله جمع عجلان ، وأما عجل وعجل فلا يكسر عند سيبويه ، وعجل أقرب إلى حد التكسير منه ; لأن فعلا في الصفة أكثر من فعل على أن السلامة في فعل أكثر أيضا لقلته ، وإن زاد على فعل ولا يجمع عجلان بالواو والنون ; لأن مؤنثه لا تلحقه الهاء ، وامرأة عجلى مثال رجلى ونسوة عجالى كما قالوا : رجالى ، وعجال أيضا كما قالوا رجال ، والاستعجال والإعجال والتعجل واحد : بمعنى الاستحثاث وطلب العجلة ، وأعجله وعجله تعجيلا إذا استحثه ، وقد عجل عجلا وعجل وتعجل ، واستعجل الرجل : حثه وأمره أن يعجل في الأمر ، ومر يستعجل ، أي : مر طالبا ذلك من نفسه متكلفا إياه حكاه سيبويه ، ووضع فيه الضمير المنفصل مكان المتصل ، وقوله تعالى : وما أعجلك عن قومك ، أي : كيف سبقتهم ، يقال : أعجلني فعجلت له ، واستعجلته ، أي : تقدمته فحملته على العجلة ، واستعجلته : طلبت عجلته قال القطامي :


                                                          فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعجل فراط لوراد



                                                          وعاجله بذنبه إذا أخذه به ولم يمهله ، والعجلان : شعبان لسرعة نفاد أيامه ، قال ابن سيده : وهذا القول ليس بقوي ; لأن شعبان إن كان في زمن طول الأيام فأيامه طوال وإن كان في زمن قصر الأيام فأيامه قصار وهذا الذي انتقده ابن سيده ليس بشيء ; لأن شعبان قد ثبت في الأذهان أنه شهر قصير سريع الانقضاء في أي زمان كان ; لأن الصوم يفجأ في آخره فلذلك سمي العجلان والله أعلم ، وقوس عجلى : سريعة السهم حكاه أبو حنيفة ، والعاجل والعاجلة : نقيض الآجل والآجلة عام في كل شيء ، وقوله عز وجل : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ، العاجلة : الدنيا والآجلة الآخرة ، وعجله : سبقه ، وأعجله : استعجله ، وفي التنزيل العزيز : أعجلتم أمر ربكم ، أي : أسبقتم ، قال الفراء : تقول عجلت الشيء ، أي : سبقته وأعجلته استحثثته ، وأما قوله عز وجل : ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم ، فمعناه لو أجيب الناس في دعاء أحدهما على ابنه وشبيهه في قوله : لعنك الله وأخزاك الله وشبهه لهلكوا ، قال : ونصب قوله " استعجالهم " بوقوع الفعل وهو يعجل ، وقيل : نصب " استعجالهم " على معنى : مثل استعجالهم على نعت مصدر محذوف والمعنى : ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم ، وقيل : معناه لو عجل الله للناس الشر إذا دعوا به على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأولادهم واستعجلوا به كما يستعجلون بالخير فيسألونه الخير والرحمة لقضي إليهم أجلهم ، أي : ماتوا وقال الأزهري : معناه ولو يعجل الله للناس الشر في الدعاء كتعجيله استعجالهم بالخير إذا دعوه بالخير لهلكوا ، وأعجلت الناقة : ألقت ولدها لغير تمام وقوله أنشده ثعلب :


                                                          قياما عجلن عليه النبا     ت ينسفنه بالظلوف انتسافا



                                                          عجلن عليه : على هذا الموضع ينسفنه : ينسفن هذا النبات يقلعنه بأرجلهن وقوله :


                                                          فوردت تعجل عن أحلامها



                                                          معناه تذهب عقولها وعدى تعجل بعن ; لأنها في معنى تزيغ ؛ وتزيغ متعدية بعن ، والمعجل والمعجل والمعجال من الإبل : التي تنتج قبل أن تستكمل الحول فيعيش ولدها والولد معجل قال الأخطل :


                                                          إذا معجلا غادرنه عند منزل     أتيح لجواب الفلاة كسوب



                                                          يعني الذئب ، والمعجال من الحوامل التي تضع ولدها قبل إناه ، وقد أعجلت فهي معجلة ، والولد معجل ، والإعجال في السير : أن يثب البعير إذا ركبه الراكب قبل استوائه عليه ، والمعجال : التي إذا ألقى [ ص: 47 ] الرجل رجله في غرزها قامت ووثبت ، يقال : جمل معجال وناقة معجال ولقي أبو عمرو بن العلاء ذا الرمة فقال أنشدني :


                                                          ما بال عينك منها الماء ينسكب



                                                          فأنشده حتى انتهى إلى قوله :


                                                          حتى إذا ما استوى في غرزها تثب



                                                          فقال له : عمك الراعي أحسن منك وصفا حين يقول :


                                                          وهي إذا قام في غرزها     كمثل السفينة أو أوقر
                                                          ولا تعجل المرء عند الورو     ك وهي بركبته أبصر



                                                          فقال : وصف بذلك ناقة ملك وأنا أصف لك ناقة سوقة ، ونخلة معجال : مدركة في أول الحمل ، والمعجل والمتعجل : الذي يأتي أهله بالإعجالة ، والمعجل من الرعاء : الذي يحلب الإبل حلبة وهي في الرعي كأنه يعجلها عن إتمام الرعي فيأتي بها أهله وذلك اللبن الإعجالة ، والإعجالة : ما يعجله الراعي من اللبن إلى أهله قبل الحلب ؛ قال امرؤ القيس يصف سيلان الدمع :


                                                          كأنهما مزادتا متعجل     فريان لما تسلقا بدهان



                                                          والعجالة ، وقيل : الإعجالة : أن يعجل الراعي بلبن إبله إذا صدرت عن الماء ، قال : وجمعها الإعجالات ، قال الكميت :


                                                          أتتكم بإعجالاتها وهي حفل     تمج لكم قبل احتلاب ثمالها



                                                          يخاطب اليمن يقول : أتتكم مودة معد بإعجالاتها ، والثمال : الرغوة يقول لكم عندنا الصريح لا الرغوة ، والذي يجيء بالإعجالة من الإبل من العزيب يقال له : المعجل ؛ قال الكميت :


                                                          لم يقتعدها المعجلون ولم     يمسخ مطاها الوسوق والحقب



                                                          وفي حديث خزيمة : ويحمل الراعي العجالة ، قال ابن الأثير : هي لبن يحمله الراعي من المرعى إلى أصحاب الغنم قبل أن تروح عليهم ، والعجال : جماع الكف من الحيس والتمر يستعجل أكله والعجال والعجول : تمر يعجن بسويق فيتعجل أكله ، والعجاجيل : هنات من الأقط يجعلونها طوالا بغلظ الكف وطولها مثل عجاجيل التمر والحيس والواحدة عجال ، ويقال : أتانا بعجال وعجول ، أي : بجمعة من التمر قد عجن بالسويق أو بالأقط ، وقال ثعلب : العجال والعجول ما استعجل به قبل الغذاء كاللهنة ، والعجالة والعجل : ما استعجل به من طعام فقدم قبل إدراك الغذاء وأنشد :


                                                          إن لم تغثني أكن يا ذا الندى عجلا     كلقمة وقعت في شدق غرثان



                                                          والعجالة : ما تعجلته من شيء ، وعجالة الراكب : تمر بسويق ، والعجالة : ما تزوده الراكب مما لا يتعبه أكله كالتمر والسويق ; لأنه يستعجله أو لأن السفر يعجله عما سوى ذلك من الطعام المعالج ، والتمر عجالة الراكب ، يقال : عجلتم كما يقال لهنتم ، وفي المثل : الثيب عجالة الراكب ، والعجيلة والعجيلى : ضربان من المشي في عجل وسرعة ، قال الشاعر :


                                                          تمشي العجيلى من مخافة شدقم     يمشي الدفقى والخنيف ويضبر



                                                          وذكره ابن ولاد العجيلى بالتشديد ، وعجلت اللحم : طبخته على عجلة ، والعجول من النساء والإبل : الواله التي فقدت ولدها الثكلى لعجلتها في جيئتها وذهابها جزعا قالت الخنساء :


                                                          فما عجول على بو تطيف به     لها حنينان إعلان وإسرار



                                                          والجمع عجل وعجائل ومعاجيل ، الأخيرة على غير قياس قال الأعشى :


                                                          يدفع بالراح عنه نسوة عجل



                                                          والعجول : المنية عن أبي عمرو ; لأنها تعجل من نزلت به عن إدراك أمله ، قال المرار الفقعسي :


                                                          ونرجو أن تخاطأك المنايا     ونخشى أن تعجلك العجول



                                                          وقوله تعالى : خلق الإنسان من عجل ، قال الفراء : خلق الإنسان من عجل وعلى عجل كأنك قلت : ركب على العجلة ، بنيته العجلة وخلقته العجلة وعلى العجلة ونحو ذلك قال أبو إسحاق : خوطب العرب بما تعقل ، والعرب تقول للذي يكثر الشيء : خلقت منه ، كما تقول : خلقت من لعب إذا بولغ في وصفه باللعب ، وخلق فلان من الكيس إذا بولغ في صفته بالكيس ، وقال أبو حاتم في قوله : خلق الإنسان من عجل ، أي : لو يعلمون ما استعجلوا ، والجواب مضمر ، قيل : إن آدم صلوات الله على نبينا وعليه لما بلغ منه الروح الركبتين هم بالنهوض قبل أن تبلغ القدمين فقال الله - عز وجل - : خلق الإنسان من عجل ، فأورثنا آدم - عليه السلام - العجلة ، وقال ثعلب : معناه خلقت العجلة من الإنسان قال ابن جني : الأحسن أن يكون تقديره خلق الإنسان من عجل ، لكثرة فعله إياه واعتياده له ، وهذا أقوى معنى من أن يكون أراد خلق العجل من الإنسان ; لأنه أمر قد اطرد واتسع وحمله على القلب يبعد في الصنعة ويصغر المعنى ، وكأن هذا الموضع لما خفي على بعضهم ، قال : إن العجل هاهنا الطين ، قال : ولعمري إنه في اللغة لكما ذكر ، غير أنه في هذا الموضع لا يراد به إلا نفس العجلة والسرعة ألا تراه عز اسمه كيف قال عقيبه : سأريكم آياتي فلا تستعجلون ، فنظيره قوله تعالى : وكان الإنسان عجولا ، وخلق الإنسان ضعيفا ، ; لأن العجل ضرب من الضعف لما يؤذن به من الضرورة والحاجة ، فهذا وجه القول فيه ، وقيل : العجل هاهنا الطين والحمأة ، وهو العجلة أيضا قال الشاعر :


                                                          والنبع في الصخرة الصماء منبته     والنخل ينبت بين الماء والعجل



                                                          قال الأزهري : وليس عندي في هذا حكاية عمن يرجع إليه في علم [ ص: 48 ] اللغة : وتعجلت من الكراء كذا وكذا وعجلت له من الثمن كذا ، أي : قدمت ، والمعاجيل : مختصرات الطرق ، يقال : خذ معاجيل الطريق فإنها أقرب ، وفي النوادر : أخذت مستعجلة من الطريق ، وهذه مستعجلات الطريق ، وهذه خدعة من الطريق ومخدع ، ونفذ ونسم ونبق وأنباق كله بمعنى القربة والخصرة ، ومن أمثال العرب : لقد عجلت بأيمك العجول ، أي : عجل بها الزواج ، والعجلة : كارة الثوب والجمع عجال وأعجال على طرح الزائد ، والعجلة : الدولاب وقيل المحالة ، وقيل : الخشبة المعترضة على النعامتين والجمع عجل ، والغرب معلق بالعجلة ، والعجلة : الإداوة الصغيرة ، والعجلة : المزادة ، وقيل : قربة الماء والجمع عجل مثل قربة وقرب قال الأعشى :


                                                          والساحبات ذيول الخز آونة     والرافلات على أعجازها العجل



                                                          قال ثعلب : شبه أعجازهن بالعجل المملوءة ، وعجال أيضا ، والعجلة : السقاء أيضا قال الشاعر يصف فرسا :


                                                          قانى له في الصيف ظل بارد     ونصي ناعجة ومحض منقع
                                                          حتى إذا نبح الظباء بدا له     عجل كأحمرة الصريمة أربع



                                                          قانى له ، أي : دام له ، وقوله : نبح الظباء ; لأن الظبي إذا أسن وبدت في قرنه عقد وحيود نبح عند طلوع الفجر كما ينبح الكلب ، أورد ابن بري :


                                                          وينبح بين الشعب نبحا تخاله     نباح الكلاب أبصرت ما يريبها



                                                          وقوله كأحمرة الصريمة يعني الصخور الملس ; لأن الصخرة الململمة يقال لها : أتان ، فإذا كانت في الماء الضحضاح فهي أتان الضحل ، فلما لم يمكنه أن يقول كأتن الصريمة وضع الأحمرة موضعها إذ كان معناهما واحدا فهو يقول : هذا الفرس كريم على صاحبه فهو يسقيه اللبن ، وقد أعد له أربع أسقية مملوءة لبنا كالصخور الملس في اكتنازها تقدم إليه في أول الصبح ، وتجمع على عجال أيضا مثل رهمة ورهام وذهبة وذهاب قالالطرماح :


                                                          تنشف أوشال النطاف بطبخها     على أن مكتوب العجال وكيع



                                                          والعجلة بالتحريك : التي يجرها الثور والجمع عجل وأعجال والعجلة : المنجنون يسقى عليه ، والجمع عجل ، والعجل : ولد البقرة والجمع عجلة ، وهو العجول والأنثى عجلة وعجولة ، وبقرة معجل : ذات عجل قال أبو خيرة : هو عجل حين تضعه أمه إلى شهر ثم برغز وبرغز نحوا من شهرين ونصف ، ثم هو الفرقد ، والجمع العجاجيل ، وقال ابن بري : يقال ثلاثة أعجلة وهي الأعجال ، والعجلة : ضرب من النبت ، وقيل : هي بقلة تستطيل مع الأرض قال :


                                                          عليك سرداحا من السرداح     ذا عجلة وذا نصي ضاحي



                                                          وقيل : هي شجر ذات ورق وكعوب وقضب لينة مستطيلة لها ثمرة مثل رجل الدجاجة متقبضة ، فإذا يبست تفتحت وليس لها زهرة ، وقيل : العجلة شجرة ذات قضب وورق كورق الثداء ، والعجلاء ممدود : موضع وكذلك عجلان أنشد ثعلب :


                                                          فهن يصرفن النوى بين عالج     وعجلان تصريف الأديب المذلل



                                                          وبنو عجل : حي ، وكذلك بنو العجلان ، وعجل : قبيلة من ربيعة وهو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وقوله :

                                                          علمنا أخوالنا بنو عجل شرب النبيذ واعتقالا بالرجل

                                                          إنما حرك الجيم فيهما ضرورة ; لأنه يجوز تحريك الساكن في القافية بحركة ما قبله كما قال عبد مناف بن ربع الهذلي :


                                                          إذا تجاوب نوح قامتا معه     ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا



                                                          وعجلى : اسم ناقة قال :


                                                          أقول لناقتي عجلى وحنت     إلى الوقبى ونحن على الثماد :
                                                          أتاح الله يا عجلى بلادا     هواك بها مربات العهاد



                                                          أراد لبلاد فحذف وأوصل ، وعجلى : فرس دريد بن الصمة ، وعجلى أيضا : فرس ثعلبة بن أم حزنة ، وأم عجلان : طائر ، وعجلان : اسم رجل ، وفي الحديث حديث عبد الله بن أنيس : فأسندوا إليه في عجلة من نخل ، قال القتيبي : العجلة درجة من النخل نحو النقير أراد أن النقير سوي عجلة يتوصل بها إلى الموضع ، قال ابن الأثير : هو أن ينقر الجذع ويجعل فيه شبه الدرج ليصعد فيه إلى الغرف وغيرها وأصله الخشبة المعترضة على البئر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية