الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عجم ]

                                                          عجم : العجم والعجم : خلاف العرب والعرب يعتقب هذان المثالان كثيرا يقال عجمي وجمعه عجم ، وخلافه عربي وجمعه عرب ، ورجل أعجم وقوم أعجم قال :


                                                          سلوم لو أصبحت وسط الأعجم في الروم أو فارس أو في الديلم     إذا لزرناك ولو بسلم



                                                          وقول أبي النجم :


                                                          وطالما وطالما وطالما     غلبت عادا وغلبت الأعجما



                                                          إنما أراد العجم فأفرده لمقابلته إياه بعاد ، وعاد لفظ مفرد وإن كان معناه الجمع ، وقد يريد الأعجمين وإنما أراد أبو النجم بهذا الجمع ، أي : غلبت الناس كلهم ، وإن كان الأعجم ليسوا ممن عارض أبو النجم ; لأن أبا النجم عربي والعجم غير عرب ، ولم يجعل الألف في قوله وطالما الأخيرة تأسيسا ; لأنه أراد أصل ما كانت عليه وما جميعا إذا لم تجعلا كلمة واحدة ، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة وكان القياس أن يجعلها هاهنا تأسيسا ; لأن هاهنا تصحب الفعل كثيرا ، والعجم : جمع العجمي وكذلك العرب جمع العربي ، ونحو من هذا : جمعهم اليهودي والمجوسي اليهود والمجوس ، والعجم : جمع الأعجم الذي لا يفصح ، ويجوز أن يكون العجم جمع العجم فكأنه جمع الجمع ، وكذلك العرب جمع العرب ، يقال : هؤلاء العجم والعرب قال ذو الرمة :

                                                          ولا يرى مثلها عجم ولا عرب فأراد بالعجم جمع العجم ; لأنه عطف عليه العرب ، قال أبو إسحاق : الأعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه وإن كان عربي النسب كزياد الأعجم ، قال الشاعر :


                                                          منهل للعباد لا بد منه     منتهى كل أعجم وفصيح



                                                          والأنثى عجماء وكذلك الأعجمي فأما العجمي فالذي من جنس العجم ، أفصح أو لم يفصح ، والجمع عجم كعربي وعرب وعركي وعرك ونبطي ونبط وخولي وخول وخزري وخزر ، ورجل أعجمي وأعجم إذا كان في لسانه عجمة وإن أفصح بالعجمية ، وكلام أعجم وأعجمي بين العجمة ، وفي التنزيل : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ، وجمعه بالواو والنون تقول : أحمري وأحمرون وأعجمي وأعجمون على حد أشعثي وأشعثين وأشعري وأشعرين وعليه قوله عز وجل : ولو نزلناه على بعض الأعجمين ، وأما العجم فهو جمع أعجم والأعجم الذي يجمع على عجم ينطلق على ما يعقل وما لا يعقل قال الشاعر :


                                                          يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا     إلى ربنا صوت الحمار اليجدع



                                                          ويقال : رجلان أعجمان وينسب إلى الأعجم الذي في لسانه عجمة فيقال : لسان أعجمي وكتاب أعجمي ، ولا يقال رجل أعجمي فتنسبه إلى نفسه إلا أن يكون أعجم وأعجمي بمعنى مثل دوار ودواري وجمل قعسر وقعسري ، هذا إذا ورد ورودا لا يمكن رده ، وقال ثعلب : أفصح الأعجمي ، قال أبو سهل : أي تكلم بالعربية بعد أن كان أعجميا ، فعلى هذا يقال : رجل أعجمي ، والذي أراده الجوهري بقوله : ولا يقال رجل أعجمي ، إنما أراد به الأعجم الذي في لسانه حبسة وإن كان عربيا ، وأما قول ابن ميادة ، وقيل : هو لملحة الجرمي :


                                                          كأن قرادي صدره طبعتهما     بطين من الجولان كتاب أعجم



                                                          فلم يرد به العجم وإنما أراد به كتاب رجل أعجم ، وهو ملك الروم ، وقوله عز وجل : أأعجمي وعربي ، بالاستفهام جاء في التفسير : [ ص: 50 ] أيكون هذا الرسول عربيا والكتاب أعجمي ، قال الأزهري : ومعناه أن الله عز وجل قال : ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ، عربية مفصلة الآي كأن التفصيل للسان العرب ثم ابتدأ فقال : أأعجمي وعربي ، حكاية عنهم كأنهم يعجبون فيقولون : كتاب أعجمي ونبي عربي ، كيف يكون هذا فكان أشد لتكذيبهم قالأبو الحسن : ويقرأ : أأعجمي بهمزتين وآعجمي بهمزة واحدة بعدها همزة مخففة تشبه الألف ، ولا يجوز أن تكون ألفا خالصة ; لأن بعدها عينا وهي ساكنة ، ويقرأ أعجمي بهمزة واحدة والعين مفتوحة قال الفراء : وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قبل الكفرة ، وجاء في التفسير أن المعنى لو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا هلا بينت آياته ، أقرآن أعجمي ونبي عربي ؟ ومن قرأ آعجمي بهمزة وألف فإنه منسوب إلى اللسان الأعجمي ، تقول : هذا رجل أعجمي إذا كان لا يفصح كان من العجم أو من العرب ، ورجل عجمي إذا كان من الأعاجم فصيحا كان أو غير فصيح والأجود في القراءة آعجمي بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم ألا ترى قوله تعالى : ولو جعلناه قرآنا أعجميا ، ولم يقرأه أحد عجميا ، وأما قراءة الحسن : أعجمي وعربي بهمزة واحدة وفتح العين ، فعلى معنى هلا بينت آياته فجعل بعضه بيانا للعجم وبعضه بيانا للعرب ، قال : وكل هذه الوجوه الأربعة سائغة في العربية والتفسير ، وأعجمت الكتاب : ذهبت به إلى العجمة ، وقالوا : حروف المعجم فأضافوا الحروف إلى المعجم فإن سأل سائل فقال : ما معنى حروف المعجم ؟ هل المعجم صفة لحروف هذه أو غير وصف لها ؟ فالجواب أن المعجم من قولنا حروف المعجم لا يجوز أن يكون صفة لحروف هذه من وجهين : أحدهما أن حروفا هذه لو كانت غير مضافة إلى المعجم لكانت نكرة والمعجم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة ، والآخر أن الحروف مضافة ومحال إضافة الموصوف إلى صفته ، والعلة في امتناع ذلك أن الصفة هي الموصوف على قول النحويين في المعنى ، وإضافة الشيء إلى نفسه غير جائزة ، وإذا كانت الصفة هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم ; لأنه غير مستقيم إضافة الشيء إلى نفسه ، قال : وإنما امتنع من قبل أن الغرض في الإضافة إنما هو التخصيص والتعريف ، والشيء لا تعرفه نفسه ; لأنه لو كان معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته إنما يضاف إلى غيره ليعرفه ، وذهب محمد بن يزيد إلى أن المعجم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول : أدخلته مدخلا وأخرجته مخرجا ، أي : إدخالا وإخراجا ، وحكى الأخفش أن بعضهم قرأ : ومن يهن الله فما له من مكرم ، بفتح الراء ، أي : من إكرام فكأنهم قالوا في هذا الإعجام فهذا أسد وأصوب من أن يذهب إلى أن قولهم : " حروف المعجم " بمنزلة قولهم صلاة الأولى ومسجد الجامع ; لأن معنى ذلك صلاة الساعة الأولى أو الفريضة الأولى ، ومسجد اليوم الجامع ، فالأولى غير الصلاة في المعنى والجامع غير المسجد في المعنى ، وإنما هما صفتان حذف موصوفاهما وأقيما مقامهما ، وليس كذلك حروف المعجم ; لأنه ليس معناه حروف الكلام المعجم ولا حروف اللفظ المعجم ، إنما المعنى أن الحروف هي المعجمة فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر كقولهم هذه مطية ركوب ، أي : من شأنها أن تركب ، وهذا سهم نضال ، أي : من شأنه أن يناضل به ، وكذلك حروف المعجم ، أي : من شأنها أن تعجم فإن قيل : إن جميع الحروف ليس معجما إنما المعجم بعضها ، ألا ترى أن الألف والحاء والدال ونحوها ليس معجما فكيف استجازوا تسمية جميع هذه الحروف حروف المعجم ؟ قيل : إنما سميت بذلك ; لأن الشكل الواحد إذا اختلفت أصواته فأعجمت بعضها وتركت بعضها فقد علم أن هذا المتروك بغير إعجام هو غير ذلك الذي من عادته أن يعجم ، فقد ارتفع أيضا بما فعلوا الإشكال والاستبهام عنهما جميعا ، ولا فرق بين أن يزول الاستبهام عن الحرف بإعجام عليه أو ما يقوم مقام الإعجام في الإيضاح والبيان ، ألا ترى أنك إذا أعجمت الجيم بواحدة من أسفل والخاء بواحدة من فوق وتركت الحاء غفلا فقد علم بإغفالها أنها ليست بواحدة من الحرفين الآخرين أعني الجيم والخاء ؟ وكذلك الدال والذال والصاد والضاد وسائر الحروف ، فلما استمر البيان في جميعها جاز تسميتها حروف المعجم ، وسئل أبو العباس عن حروف المعجم : لم سميت معجما ؟ فقال : أما أبو عمرو الشيباني فيقول أعجمت أبهمت ، وقال : والعجمي مبهم الكلام لا يتبين كلامه ، قال : وأما الفراء فيقول : هو من أعجمت الحروف ، قال : ويقال قفل معجم وأمر معجم إذا اعتاص ، قال : وسمعت أبا الهيثم يقول : معجم الخط هو الذي أعجمه كاتبه بالنقط ، تقول : أعجمت الكتاب أعجمه إعجاما ، ولا يقال عجمته إنما يقال عجمت العود إذا عضضته لتعرف صلابته من رخاوته ، وقال الليث : المعجم الحروف المقطعة سميت معجما لأنها أعجمية ، قال : وإذا قلت كتاب معجم فإن تعجيمه تنقيطه لكي تستبين عجمته وتضح ، قال الأزهري : والذي قاله أبو العباس وأبو الهيثم أبين وأوضح : وفي حديث عطاء : سئل عن رجل لهز رجلا فقطع بعض لسانه فعجم كلامه ، فقال : يعرض كلامه على المعجم فما نقص كلامه منها قسمت عليه الدية ، قال ابن الأثير : حروف المعجم حروف أ ب ت ث سميت بذلك من التعجيم ، وهو إزالة العجمة بالنقط ، وأعجمت الكتاب : خلاف قولك أعربته قال رؤبة :


                                                          الشعر صعب وطويل سلمه     إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
                                                          زلت به إلى الحضيض قدمه     والشعر لا يسطيعه من يظلمه
                                                          يريد أن يعربه فيعجمه



                                                          معناه يريد أن يبينه فيجعله مشكلا لا بيان له ، وقيل : يأتي به أعجميا ، أي : يلحن فيه قال الفراء : رفعه على المخالفة ; لأنه يريد أن يعربه ولا يريد أن يعجمه ، وقال الأخفش : لوقوعه موقع المرفوع ; لأنه أراد أن يقول : يريد أن يعربه فيقع موقع الإعجام فلما وضع قوله فيعجمه موضع قوله فيقع رفعه وأنشد الفراء :

                                                          [ ص: 51 ]

                                                          الدار أقوت بعد محرنجم     من معرب فيها ومن معجم



                                                          والعجم : النقط بالسواد مثل التاء عليه نقطتان ، يقال : أعجمت الحرف والتعجيم مثله ولا يقال عجمت ، وحروف المعجم : هي الحروف المقطعة من سائر حروف الأمم ، ومعنى حروف المعجم ، أي : حروف الخط المعجم كما تقول مسجد الجامع ، أي : مسجد اليوم الجامع ، وصلاة الأولى ، أي : صلاة الساعة الأولى ، قال ابن بري : والصحيح ما ذهب إليه أبو العباس المبرد من أن المعجم هنا مصدر ، وتقول أعجمت الكتاب معجما وأكرمته مكرما ، والمعنى عنده حروف الإعجام ، أي : التي من شأنها أن تعجم ومنه قوله : سهم نضال ، أي : من شأنه أن يتناضل به ، وأعجم الكتاب وعجمه : نقطه قال ابن جني : أعجمت الكتاب أزلت استعجامه ، قال ابن سيده : وهو عنده على السلب ; لأن أفعلت وإن كان أصلها الإثبات فقد تجيء للسلب كقولهم أشكيت زيدا ، أي : زلت له عما يشكوه ، وكقوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها ، تأويله والله أعلم عند أهل النظر : أكاد أظهرها ، وتلخيص هذه اللفظة : أكاد أزيل خفاءها ، أي : سترها ، وقالوا : عجمت الكتاب فجاءت فعلت للسلب أيضا كما جاءت أفعلت ، وله نظائر منها ما تقدم ومنها ما سيأتي وحروف المعجم منه ، وكتاب معجم إذا أعجمه كاتبه بالنقط سمي معجما ; لأن شكول النقط فيها عجمة لا بيان لها كالحروف المعجمة لا بيان لها ، وإن كانت أصولا للكلام كله ، وفي حديث ابن مسعود : ما كنا نتعاجم أن ملكا ينطق على لسان عمر ، أي : ما كنا نكني ونوري ، وكل من لم يفصح بشيء فقد أعجمه ، واستعجم عليه الكلام : استبهم ، والأعجم : الأخرس ، والعجماء والمستعجم : كل بهيمة ، وفي الحديث : العجماء جرحها جبار ، أي : لا دية فيه ولا قود ، أراد بالعجماء البهيمة سميت عجماء ; لأنها لا تتكلم ، قال : وكل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم ، ومنه الحديث : بعدد كل فصيح وأعجم ، قيل : أراد بعدد كل آدمي وبهيمة ، ومعنى قوله العجماء جرحها جبار ، أي : البهيمة تنفلت فتصيب إنسانا في انفلاتها فذلك هدر ، وهو معنى الجبار ، ويقال : قرأ فلان فاستعجم عليه ما يقرؤه إذا التبس عليه فلم يتهيأ له أن يمضي فيه ، وصلاة النهار عجماء لإخفاء القراءة فيها ومعناه أنه لا يسمع فيها قراءة ، واستعجمت على المصلي قراءته إذا لم تحضره ، واستعجم الرجل : سكت ، واستعجمت عليه قراءته : انقطعت فلم يقدر على القراءة من نعاس ، ومنه حديث عبد الله : إذا كان أحدكم يصلي فاستعجمت عليه قراءته فليتم ، أي : أرتج عليه فلم يقدر أن يقرأ كأنه صار به عجمة ، وكذلك استعجمت الدار عن جواب سائلها قال امرؤ القيس :


                                                          صم صداها وعفا رسمها     واستعجمت عن منطق السائل



                                                          عداه بعن لأن استعجمت بمعنى سكتت ، وقول علقمة يصف فرسا :


                                                          سلاءة كعصا النهدي غل لها     ذو فيئة من نوى قران معجوم



                                                          قال ابن السكيت : معنى قوله غل لها ، أي : أدخل لها إدخالا في باطن الحافر في موضع النسور وشبه النسور بنوى قران ; لأنها صلاب ، وقوله ذو فيئة يقول : له رجوع ولا يكون ذلك إلا من صلابته ، وهو أن يطعم البعير النوى ثم يفت بعره فيخرج منه النوى فيعلفه مرة أخرى ولا يكون ذلك إلا من صلابته ، وقوله معجوم يريد أنه نوى الفم وهو أجود ما يكون من النوى ; لأنه أصلب من نوى النبيذ المطبوخ ، وفي حديث أم سلمة : نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نعجم النوى طبخا ، وهو أن نبالغ في طبخه ونضجه حتى يتفتت النوى وتفسد قوته التي يصلح معها للغنم ، وقيل : المعنى أن التمر إذا طبخ لتؤخذ حلاوته طبخ عفوا حتى لا يبلغ الطبخ النوى ولا يؤثر فيه تأثير من يعجمه ، أي : يلوكه ويعضه ; لأن ذلك يفسد طعم السلافة أو لأنه قوت الدواجن فلا ينضج لئلا تذهب قوته ، وخطب الحجاج يوما فقال : إن أمير المؤمنين نكب كنانته فعجم عيدانها عودا عودا ، فوجدني أمرها عودا ، يريد أنه قد رازها بأضراسه ليخبر صلابتها ، قال النابغة :


                                                          فظل يعجم أعلى الروق منقبضا



                                                          أي : يعض أعلى قرنه وهو يقاتله ، والعجم : عض شديد بالأضراس دون الثنايا ، وعجم الشيء يعجمه عجما وعجوما : عضه ليعلم صلابته من خوره ، وقيل : لاكه للأكل أو للخبرة قال أبو ذؤيب :


                                                          وكنت كعظم العاجمات اكتنفنه     بأطرافها حتى استدق نحولها



                                                          يقول : ركبتني المصائب وعجمتني كما عجمت الإبل العظام ، والعجامة : ما عجمته ، وكانوا يعجمون القدح بين الضرسين إذا كان معروفا بالفوز ليؤثروا فيه أثرا يعرفونه به ، وعجم الرجل : رازه على المثل ، والعجمي من الرجال : المميز العاقل ، وعجمته الأمور : دربته ، ورجل صلب المعجم والمعجمة : عزيز النفس إذا جرسته الأمور وجدته عزيزا صلبا ، وفي حديث طلحة : قال لعمر لقد جرستك الأمور وعجمتك البلايا ، أي : خبرتك ، من العجم العض يقال : عجمت الرجل إذا خبرته وعجمت العود إذا عضضته لتنظر أصلب أم رخو ، وناقة ذات معجمة ، أي : ذات صبر وصلابة وشدة على الدعك وأنشد بيتالمرار :


                                                          جمال ذات معجمة ونوق     عواقد أمسكت لقحا وحول



                                                          وقال غيره : ذات معجمة ، أي : ذات سمن ، وأنكره شمر ، قال الجوهري : أي ذات سمن وقوة وبقية على السير ، قال ابن بري : رجل صلب المعجم للذي إذا أصابته الحوادث وجدته جلدا من قولك عود صلب المعجم ، وكذلك ناقة ذات معجمة للتي اختبرت فوجدت قوية على قطع الفلاة قال : ولا يراد بها السمن كما قال الجوهري ، وشاهده قول المتلمس :


                                                          جاوزته بأمون ذات معجمة     تهوي بكلكلها والرأس معكوم



                                                          [ ص: 52 ] والعجوم : الناقة القوية على السفر ، والثور يعجم قرنه إذا ضرب به الشجرة يبلوه ، وعجم السيف : هزه للتجربة ، ويقال : ما عجمتك عيني مذ كذا ، أي : ما أخذتك ، ويقول الرجل للرجل : طال عهدي بك وما عجمتك عيني ، ورأيت فلانا فجعلت عيني تعجمه ، أي : كأنها لا تعرفه ولا تمضي في معرفته كأنها لا تثبته عن اللحياني ، وأنشد لأبي حية النميري :


                                                          كتحبير الكتاب بكف يوما     يهودي يقارب أو يزيل
                                                          على أن البصير بها إذا ما     أعاد الطرف يعجم أو يفيل



                                                          أي : يعرف أو يشك قال أبو داود السنجي : رآني أعرابي فقال لي : تعجمك عيني ، أي : يخيل إلي أني رأيتك قال : ونظرت في الكتاب فعجمت ، أي : لم أقف على حروفه وأنشد بيت أبي حية : يعجم أو يفيل ، ويقال : لقد عجموني ولفظوني إذا عرفوك وأنشد ابن الأعرابي لجبيهاء الأشجعي :


                                                          فلو أنها طافت بطنب معجم     نفى الرق عنه جدبه فهو كالح



                                                          قال : والمعجم الذي أكل حتى لم يبق منه إلا القليل والطنب أصل العرفج إذا انسلخ من ورقه ، والعجم : صغار الإبل وفتاياها والجمع عجوم ، قال ابن الأعرابي : بنات اللبون والحقاق والجذاع من عجوم الإبل فإذا أثنت فهي من جلتها يستوي فيه الذكر والأنثى والإبل تسمى عواجم وعاجمات ; لأنها تعجم العظام ومنه قوله : وكنت كعظم العاجمات ، وقال أبو عبيدة : فحل أعجم يهدر في شقشقة لا ثقب لها فهي في شدقه ولا يخرج الصوت منها وهم يستحبون إرسال الأخرس في الشول ; لأنه لا يكون إلا مئناثا ، والإبل العجم : التي تعجم العضاه والقتاد والشوك فتجزأ بذلك من الحمض ، والعواجم : الأسنان ، وعجمت عوده ، أي : بلوت أمره وخبرت حاله ، وقال :


                                                          أبى عودك المعجوم إلا صلابة     وكفاك إلا نائلا حين تسأل



                                                          والعجم بالتحريك : النوى نوى التمر والنبق الواحدة عجمة مثل قصبة وقصب ، يقال : ليس لهذا الرمان عجم ، قال يعقوب : والعامة تقوله عجم بالتسكين وهو العجام أيضا ؛ قال رؤبة ووصف أتنا :


                                                          في أربع مثل عجام القسب



                                                          وقال أبو حنيفة : العجمة حبة العنب حتى تنبت ؛ قال ابن سيده : والصحيح الأول وكل ما كان في جوف مأكول كالزبيب وما أشبهه عجم قال أبو ذؤيب يصف متلفا :


                                                          مستوقد في حصاه الشمس تصهره     كأنه عجم بالبيد مرضوخ



                                                          والعجمة بالتحريك : النخلة تنبت من النواة ، وعجمة الرمل : كثرته ، وقيل : آخره ، وقيل : عجمته وعجمته ما تعقد منه ، ورملة عجماء : لا شجر فيها عن ابن الأعرابي ، وفي الحديث : حتى صعدنا إحدى عجمتي بدر ، العجمة بالضم : المتراكم من الرمل المشرف على ما حوله ، والعجمات : صخور تنبت في الأودية ، قال أبو دواد :


                                                          عذب كماء المزن أن     زله من العجمات بارد



                                                          يصف ريق جارية بالعذوبة ، والعجمات : الصخور الصلاب ، وعجم الذنب وعجمه جميعا : عجبه ، وهو أصله ، وهو العصعص وزعم اللحياني أن ميمهما بدل من الباء في عجب وعجب ، والأعجم من الموج : الذي لا يتنفس ، أي : لا ينضح الماء ولا يسمع له صوت ، وباب معجم ، أي : مقفل ، أبو عمرو : العجمجمة من النوق الشديدة مثل العثمثمة وأنشد :


                                                          بات يباري ورشات كالقطا     عجمجمات خشفا تحت السرى



                                                          الورشات : الخفاف ، والخشف : الماضية في سيرها بالليل ، وبنو أعجم وبنو عجمان : بطنان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية