الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الحوالة ( قال الشافعي ) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع } .

( قال الشافعي ) : وفي هذا دلالة أن الحق يتحول على المحال عليه ، ويبرأ منه المحيل فلا يرجع عليه أبدا كان المحال عليه غنيا أو فقيرا أفلس أو مات معدما غرمته أو لم يغرمنه .

( قال الشافعي ) : ولو كان كما قال محمد بن الحسن إذا أفلس أو مات مفلسا رجع على المحيل لما صبر المحتال على من أحيل ; لأن حقه ثابت على المحيل ، ولا يخلو من أن يكون حقه قد تحول عني فصار إلى غيرى فلم يأخذني بما برئت منه ; لأن أفلس غيري أو لا يكون حقه تحول عني فلم أبرأني منه قبل أن يفلس المحال عليه واحتج محمد بن الحسن بأن عثمان رضي الله عنه قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها لا توى على مال مسلم .

( قال الشافعي ) : وهو عندي يبطل من وجهين ولو صح ما كان له فيه شيء ; لأنه لا يدري قال ذلك في الحوالة أو الكفالة .

( قال المزني ) : هذه مسائل تحريت فيها معاني جوابات الشافعي في الحوالة .

( قال المزني ) قلت أنا من ذلك : ولو اشترى عبدا بألف درهم وقبضه ثم أحال البائع بالألف على رجل عليه دين ألف درهم فاحتال ثم إن المشتري وجد بالعبد عيبا فرده بطلت الحوالة ، وإن رد العبد بعد أن قبض البائع ما احتال به رجع به المشتري على البائع وكان المحال عليه منه بريئا ( قال المزني ) وفي إبطال الحوالة نظر ( قال ) ولو كان البائع أحال على المشتري بهذه الألف رجلا له عليه ألف درهم ثم تصادق البائع والمشتري أن العبد الذي تبايعاه حر الأصل فإن الحوالة لا [ ص: 206 ] تنتقض ; لأنهما يبطلان بقولهما حقا لغيرهما ، فإن صدقهما المحتال أو قامت بذلك بينة انتقضت الحوالة .

ولو أحال رجل على رجل بألف درهم وضمنها ثم اختلفا فقال المحيل : أنت وكيلي فيها وقال المحتال : بل أنت أحلتني بمالي عليك وتصادقا على الحوالة والضمان فالقول قول المحيل والمحتال مدع ولو قال المحتال أحلتني عليه لأقبضه لك ، ولم تحلني بمالي عليك فالقول قوله مع يمينه والمحيل مدع للبراءة مما عليه فعليه البينة . ولو كان لرجل على رجل ألف درهم فأحاله المطلوب بها على رجل له عليه ألف درهم ثم أحاله بها المحتال عليه على ثالث له عليه ألف درهم برئ الأولان ، وكانت للطالب على الثالث .

التالي السابق


الخدمات العلمية