الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى

                                                                                                                1755 حدثنا زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا فزارة وعلينا أبو بكر أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم قال القشع النطع معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبا فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( فلما كان بيننا وبين الماء ساعة ) هكذا رواه جمهور رواة صحيح مسلم ، وفي رواية بعضهم : ( بيننا وبين الماء ساعة ) والصواب الأول .

                                                                                                                قوله : ( أمرنا أبو بكر - رضي الله عنه - فعرسنا ثم شن الغارة ) التعريس : النزول آخر الليل . وشن الغارة : فرقها .

                                                                                                                قوله : ( وانظر إلى عنق من الناس ) أي : جماعة .

                                                                                                                قوله : ( فيهم الذراري ) يعني : النساء والصبيان .

                                                                                                                قوله : ( وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم ) هو بقاف ثم شين معجمة ساكنة ثم عين مهملة ، وفي القاف لغتان : فتحها وكسرها ، وهما مشهورتان ، وفسره في الكتاب بالنطع ، وهو صحيح .

                                                                                                                [ ص: 422 ] قوله : ( فنفلني أبو بكر - رضي الله عنه - ابنتها ) فيه جواز التنفيل ، وقد يحتج به من يقول : التنفيل من أصل الغنيمة ، وقد يجيب عنه الآخرون بأنه حسب قيمتها ليعوض أهل الخمس عن حصتهم .

                                                                                                                قوله : ( وما كشفت لها ثوبا ) فيه استحباب الكناية عن الوقاع بما يفهمه .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك ، فقلت : هي لك يا رسول الله ، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة ) فيه جواز المفاداة ، وجواز فداء الرجال بالنساء الكافرات .

                                                                                                                وفيه جواز التفريق بين الأم وولدها البالغ ، ولا خلاف في جوازه عندنا .

                                                                                                                وفيه جواز استيهاب الإمام أهل جيشه بعض ما غنموه ليفادي به مسلما ، أو يصرفه في مصالح المسلمين ، أو يتألف به من في تألفه مصلحة ، كما فعل صلى الله عليه وسلم هنا ، وفي غنائم حنين .

                                                                                                                وفيه جواز قول الإنسان للآخر : لله أبوك ولله درك ، وقد سبق تفسير معناه واضحا في أول الكتاب في كتاب الإيمان في حديث حذيفة في الفتنة التي تموج موج البحر .




                                                                                                                الخدمات العلمية