الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 7 ] الفصل الثالث : أنه إذا قال : أنت علي حرام . فإن نوى به الظهار ، فهو ظهار ، في قول عامتهم . وبه يقول أبو حنيفة ، والشافعي . وإن نوى به الطلاق ، فقد ذكرناه في باب الطلاق ، وإن أطلق ففيه روايتان ; إحداهما ، هو ظهار . ذكره الخرقي في موضع آخر . ونص عليه أحمد ، في رواية جماعة من أصحابه . وذكره إبراهيم الحربي عن عثمان ، وابن عباس ، وأبي قلابة ، وسعيد بن جبير ، وميمون بن مهران ، والبتي ، أنهم قالوا : الحرام ظهار . وروي عن أحمد ما يدل على أن التحريم يمين . وروي عن ابن عباس ، أنه قال : إن التحريم يمين في كتاب الله عز وجل ، قال الله عز وجل : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } ثم قال : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } وأكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار ، ليس بظهار .

                                                                                                                                            وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ووجه ذلك الآية المذكورة ، وأن التحريم يتنوع ، منه ما هو بظهار وبطلاق وبحيض وإحرام وصيام ، فلا يكون التحريم صريحا في واحد منها ، ولا ينصرف إليه بغير نية ، كما لا ينصرف إلى تحريم الطلاق . ووجه الأول ، أنه تحريم أوقعه في امرأته ، فكان بإطلاقه ظهارا ، كتشبيهها بظهر أمه . وقولهم : إن التحريم يتنوع . قلنا : إلا أن تلك الأنواع منتفية ، ولا يحصل بقوله منها إلا الطلاق ، وهذا أولى منه ; لأن الطلاق تبين به المرأة ، وهذا يحرمها مع بقاء الزوجية ، فكان أدنى التحريمين ، فكان أولى . فأما إن قال ذلك لمحرمة عليه بحيض أو نحوه ، وقصد الظهار ، فهو ظهار ، وإن قصد أنها محرمة عليه بذلك السبب ، فلا شيء فيه . وإن أطلق ، فليس بظهار ; لأنه يحتمل الخبر عن حالها ، ويحتمل إنشاء التحريم فيها بالظهار ، فلا يتعين أحدهما بغير تعيين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية