الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى وإن nindex.php?page=treesubj&link=17025ذكى ما يؤكل لحمه ووجد في جوفه جنينا ميتا حل أكله لما روى nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد قال قلنا : يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة وفي بطنها الجنين أنلقيه ؟ أم نأكله ؟ فقال { nindex.php?page=hadith&LINKID=28884كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه } ولأن الجنين لا يمكن ذبحه فجعل ذكاة الأم ذكاة له وإن nindex.php?page=treesubj&link=17024خرج الجنين حيا وتمكن من ذبحه لم يحل من غير ذبح وإن nindex.php?page=treesubj&link=17026مات قبل أن يتمكن من ذكاته حل
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري هذا رواه أبو داود بلفظه ، ورواه أبو داود أيضا والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد عن أبي الوداك عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877nindex.php?page=treesubj&link=17023ذكاة الجنين ذكاة أمه } قال [ ص: 146 ] الترمذي : حديث حسن ، قال : وقد روي من غير هذا الوجه عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال : والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، قال : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وأبي أمامة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة : هذا كلام الترمذي ، وهذه الرواية مع رواية المصنف التي نقلها عن سنن أبي داود مدارها على nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد وهو ضعيف لا يحتج ، وقد قال الترمذي : إنه حديث حسن فلعله روي من طريق آخر تقوي بعضها ببعض فيصير حسنا ، كما قال الترمذي ، فإنه قد ذكر أنه روي من طريق آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين ذكاة أمه } بإسناد جيد إلا أن فيه رجلا جرحه الأكثرون ، واحتج به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : في الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب رضي الله عنهم مرفوعا ، فقد تعاضدت طرقه كما ترى ، فلهذا صار حديثا حسنا يحتج به كما قاله الترمذي ، والله سبحانه وتعالى أعلم . وقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين ذكاة أمه } هو بالرفع في ذكاة أمه تقديره ذكاة الجنين حاصلة بذكاة أمه " .
( أما الأحكام ) فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : إذا ذبح المأكولة فوجد في جوفها جنينا ميتا فهو حلال بلا خلاف ، سواء أشعر أم لا ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني في كتابه الفروق : إنما يحل إذا سكن في البطن عقب ذبح الأم ، أما إذا بقي زمنا طويلا يضطرب ويتحرك ، ثم سكن فوجهان ( الصحيح ) أنه حرام ، قال أصحابنا : ولو جرح الجنين وبه حركة مذبوح ثم مات حل ، لأنه في معنى الذي مات في البطن قبل الذبح ، وإن جرح وفيه حياة مستقرة وأمكن ذبحه فلم يذبحه حتى مات فهو حرام ، وإن لم [ ص: 147 ] يتمكن من ذبحه حتى مات فهو حلال كما قاله المصنف والأصحاب ، قياسا على الصيد ، ولو أخرج رأسه وفيه حياة مستقرة ثم ذبحت الأم فمات قبل انفصاله فوجهان ( أصحهما ) وبه قطع nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال : يحل ، لأن خروج بعض الولد كعدم خروجه في العدة وسائر الأحكام ( والثاني ) وبه قطع nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والبغوي لا يحل إلا بذبحه ، لأنه مقدور عليه . قال البغوي : ولو أخرج رجله فقياس ما قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين أنه يجرحه بسكين ونحوه ليحل كما لو تردى بعير في بئر ، ولو وجد في جوف المذكاة مضغة لم تتبين فيها الصورة ، ولا تشكلت الأعضاء ، ففي حلها وجهان ، بناء على وجوب الغرة فيها ، وثبوت حكم الاستيلاد . والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في المسألة . مذهبنا أن الحيوان المأكول إذا ذكي فخرج من جوفه جنين ميت حل ، وبه قال العلماء كافة من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من علماء الأمصار إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ، فقالا : لا يحل حتى يخرج حيا فيذكى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : إن خرج ميتا تام الخلق وتم شعره فحلال بذكاة الأم . وإن لم يتم ولم ينبت شعره فحرام . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : كان الناس على إباحته لا نعلم أحدا خالف ما قالوه إلى أن جاء nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فحرمه ، وقال : ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين : ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر قال في كتاب آخر له : إنه لم يقل بقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أحد من العلماء غيره . قال : ولا أحسب أصحابه وافقوه عليه قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وقد ذهب أكثر العلماء إلى إباحته لكن اشترط بعضهم فيه الإشعار . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بأن ذكاة حيوان لا تكون ذكاة حيوان آخر . قال : وتأولوا حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين ذكاة أمه } أي ذكاته كذكاة أمه أي [ ص: 148 ] ذكوه كما تذكون أمه . واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف من الحديث ، والقياس على الصيد ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي والأصحاب : وهذا المنقول عن رواية أبي داود المذكورة في الكتاب صريح في الدلالة لمذهبنا ، ومبطل لتأويلهم المذكور ، ولأن حقيقة الجنين ما كان في البطن ، وذبحه في البطن لا يمكن ، فعلم أنه ليس المراد أنه يذكى كذكاة أمه ، بل ذكاة أمه كافية في حله ، ومما يؤيد هذا أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين في ذكاة أمه } وفي رواية له أيضا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11877ذكاة الجنين بذكاة أمه } ولأنه لو كان المراد ما قالوه لم يكن للجنين مزية ، ولأنه يتبعها في العتق فيتبعها في الذكاة كالأعضاء ، والله أعلم .