الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين

                                                                                                                                                                                                                                        (17) يقول تعالى: ما كان أي: ما ينبغي ولا يليق للمشركين أن يعمروا مساجد الله بالعبادة، والصلاة، وغيرها من أنواع الطاعات، والحال أنهم شاهدون ومقرون على أنفسهم بالكفر بشهادة حالهم وفطرهم، وعلم كثير منهم أنهم على الكفر والباطل.

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا كانوا شاهدين على أنفسهم بالكفر وعدم الإيمان، الذي هو شرط لقبول الأعمال، فكيف يزعمون أنهم عمار مساجد الله، والأصل منهم مفقود، والأعمال منهم باطلة؟!!.

                                                                                                                                                                                                                                        ولهذا قال: أولئك حبطت أعمالهم أي: بطلت وضلت وفي النار هم خالدون .

                                                                                                                                                                                                                                        (18) ثم ذكر من هم عمار مساجد الله فقال: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة الواجبة والمستحبة، بالقيام بالظاهر منها والباطن.

                                                                                                                                                                                                                                        وآتى الزكاة لأهلها ولم يخش إلا الله أي قصر خشيته على ربه، فكف عما حرم الله، ولم يقصر بحقوق الله الواجبة.

                                                                                                                                                                                                                                        فوصفهم بالإيمان النافع، وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أمها الصلاة والزكاة، وبخشية الله التي هي أصل كل خير، فهؤلاء عمار المساجد على الحقيقة وأهلها الذين هم أهلها.

                                                                                                                                                                                                                                        فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين و "عسى" من الله واجبة. وأما من لم [ ص: 641 ] يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا عنده خشية لله، فهذا ليس من عمار مساجد الله، ولا من أهلها الذين هم أهلها، وإن زعم ذلك وادعاه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية