الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وكل شيء من الأشياء التي من جملتها أعمالهم. وقال أبو حيان: أي: كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب فهو عام مخصوص وانتصابه بمضمر يفسره أحصيناه أي: حفظناه وضبطناه، وقرأ أبو السمال بالرفع على الابتداء.

                                                                                                                                                                                                                                      كتابا مصدر مؤكد ل أحصيناه فإن الإحصاء والكتب يتشاركان في معنى الضبط، فإما أن يؤول أحصيناه ب «كتبناه» أو كتابا بإحصاء، وجوز الاحتباك على الحذفين من الطرفين أو حال بمعنى مكتوبا في اللوح أو صحف الحفظة، والظاهر أن الكلام على حقيقته، وقال بعضهم: الظاهر أنه تمثيل لصورة ضبط الأشياء في علمه تعالى بضبط المحصي المجد المتقن للضبط بالكتابة وإلا فهو عز وجل مستغن عن الضبط بالكتابة وهذا التمثيل لتفهيمنا وإلا فالانضباط في علمه تعالى أجل وأعلى من أن يمثل بشيء، والمشهور عند أهل السنة ما قدمنا وليس ذلك للاحتياج وإنما هو لحكم تقصر عنها العقول، والجملة اعتراض لتأكيد الوعيد السابق؛ بأن ذلك كائن لا محالة لاحق بهم؛ لأن معاصيهم مضبوطة مكتوبة يكفحون بها يوم الجزاء. وقيل: لتأكيد كفرهم وتكذيبهم بالآيات بأنهما محفوظان للجزاء وليس بذاك، وقال البعض: الأوجه عندي أن «كل شيء» منصوب بالعطف على اسم إن في إنهم كانوا لا يرجون حسابا و أحصيناه كتابا عطف على خبره والرفع على العطف على محل اسم إن، والجمل بيان لكون الجزاء المذكور موافقا لأعمالهم لأن الجزاء الموافق إنما يكون لصدور أفعال موجبة له عنهم وضبطها وعدم فوتها على المجازي فالجملتان الأوليان لإفادة صدور الموجب وهو الكفر المعبر عنه بعدم رجاء الحساب والتكذيب بالآيات لما أن ذلك كالعلم فيه والأخيرة لإفادة الضبط وعدم الفوت؛ أي: مع إدماج الإشارة إلى باقي المعاصي فيها وليست اعتراضا انتهى، ولا يخفى ما فيه من التكلف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية