الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا تجب القراءة على المأموم . ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام ، وما لا يجهر فيه ، أو لا يسمعه لبعده ، فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين ، وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام ؛ على روايتين

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا تجب القراءة ) أي : قراءة الفاتحة على المأموم ; روي ذلك عن علي ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر ، وابن عمر ، وهو قول الأكثر ; لما روى أحمد : حدثنا أسود بن عامر : حدثنا الحسن بن صالح عن أبي الزبير ، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كان له إمام فقراءته له قراءة " قال في الشرح : هذا إسناده متصل صحيح ، وضعفه جماعة ; لأن فيه ليث بن أبي سليم ، وجابرا الجعفي . ورواه الدارقطني عن عبد الله بن شداد مرسلا . قال في الأحكام : هو الصحيح ، وصوبه الدارقطني ; والمراد بأنه لا قراءة على مأموم : أي يحملها الإمام عنه ، وإلا فهي واجبة عليه . نبه عليه القاضي ; كما يحمل عنه سجود سهو وسترة ، وكذا تشهد أول إذا سبقه بركعة ، وسجدة تلاوة ، ودعاء قنوت . قاله في " التلخيص " وغيره ، وعنه : تجب . ذكرها الترمذي والبيهقي ، واختارها الآجري . ونقل الأثرم : لا بد للمأموم من قراءة الفاتحة . ذكره ابن الزاغوني ; لما روي عن عبادة مرفوعا : " إني أراكم تقرءون وراء إمامكم ، لا تفعلوا إلا بأم القرآن ; فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " . رواه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، وفيه ابن إسحاق [ ص: 52 ] مدلس ، وقيل : في صلاة السر . ذكره في النوادر ، والأول أصح ; لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون [ الأعراف : 204 ] . قال أحمد : أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة . قال ابن مسعود : لا أعلم في السنة القراءة خلف الإمام . وقال ابن عمر : قراءته تكفيك . وقال علي : ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام . وقال ابن مسعود : وددت من قرأ خلف الإمام أن أملأ فاه ترابا . روى ذلك سعيد . ( ويستحب أن يقرأ ) الفاتحة ( في سكتات الإمام ) ولو لتنفس ; نقله ابن هانئ ، ولا يضر تفريقها ، وظاهره : أن للإمام سكتات بعد الإحرام ، وفراغ الفاتحة ، ويستحب أن يكون قدرها ، وفراغ القراءة . وقال المجد : هما سكتتان على سبيل الاستحباب ; إحداهما : تختص بأول ركعة للاستفتاح ، والثانية : عند فراغه من القراءة كلها ; ليرد إليه نفسه . ( ما لا يجهر فيه ) لأن القراءة مشروعة فيها ; وإنما ترك لأجل التشويش ، وهذا المعنى مفقود هنا ، وفي " المستوعب " يقرأ الفاتحة ، وسورة . وفي " الشرح " : يقرأ في الجهر في سكتات الإمام بالفاتحة ، وفي السر يقرأ بها وسورة كالإمام والمنفرد . وذكر الشيخ تقي الدين : هل الأفضل قراءة الفاتحة للاختلاف في وجوبها أم غيرها ؛ لأنه استمعهما . ومقتضى نص أحمد ، وأكثر أصحابه الثاني ، وفيه شيء : فلو قرأ حال جهر إمامه كره ، وقيل : يستحب بالفاتحة ، وقيل : يحرم ، وروي عن تسعة من الصحابة ( أو لا يسمعه لبعده ) أي : يستحب له أن يقرأ . نص عليه ; فإن سمع قراءته ; فالمذهب يكره ، وقيل : يعيد . أومأ إليه أحمد ; فإن سمع همهمة الإمام ، ولم يفهم قراءته لم يقرأ . نص عليه في رواية الجماعة ، وعنه : بلى . اختاره الشيخ تقي الدين ، قاله في " الفروع " ; وهي أظهر . ( فإن لم يسمعه [ ص: 53 ] لطرش فعلى وجهين " ، وكذا في " الفروع " . وسئل أحمد عن الأطروش ، هل يقرأ ؛ قال : لا أدري . فظاهره التوقف ، لكن إن كان بعيدا قرأ ، وإن كان قريبا ; وهي مسألة المتن ، فوجهان : أحدهما : يستحب ; لأنه لا يسمع ، فلا يكون مأمورا بالإنصات ، ومحله ما لم يشغل غيره عن الاستماع ، ويخلط على من يقرب منه . قاله في " المغني " و " الشرح " ، والثاني : يكره . جزم به في " الوجيز " ; لما فيه من التشويش على المصلين . ( وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام ؛ على روايتين ) إحداهما : يستحب . قدمه في " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن سماعه لقراءة إمامه قامت مقام قراءته ، بخلاف الاستفتاح والتعوذ ، ومحله ما لم يسمع قراءة إمامه ، قاله في " الشرح " وغيره ، والثانية : يكرهان ، وذكر ابن المنجا أنها هي الصحيحة ; لأن ذلك يشغله عن القراءة ; وهي أهم . وعنه : يكره التعوذ فقط . اختاره القاضي ; لأن التعوذ إنما شرع من أجل القراءة ، فإذا سقطت سقط التبع ، بخلاف الاستفتاح ; لأنه أمكن من غير اشتغال عن الإنصات ، وظاهره : أنهما يسنان في صلاة السر . نص عليه .

                                                                                                                          فرع : إذا جهل ما قرأ به إمامه لم يضر ، وقيل : يتمها وحده ، وقيل : تبطل . نقل ابن أصرم : يعيد ، فقال أبو إسحاق : لأنه لم يدر هل قرأ الحمد أم لا ، ولا مانع من السماع ، وقال الشيخ تقي الدين : بل لتركه الإنصات الواجب .




                                                                                                                          الخدمات العلمية