الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرق ]

                                                          عرق : العرق : ما جرى من أصول الشعر من ماء الجلد ، اسم للجنس لا يجمع هو في الحيوان أصل ، وفيما سواه مستعار عرق عرقا ، ورجل عرق : كثير العرق ، فأما فعلة فبناء مطرد في كل فعل ثلاثي كهزأة ، وربما غلط بمثل هذا ولم يشعر بمكان اطراده ، فذكر كما يذكر ما يطرد ، فقد قال بعضهم : رجل عرق وعرقة كثير العرق فسوى بين عرق وعرقة وعرق غير مطرد وعرقة مطرد كما ذكرنا ، وأعرقت الفرس وعرقته : أجريته ليعرق ، وعرق الحائط عرقا : ندي ، وكذلك الأرض الثرية إذا نتح فيها الندى حتى يلتقي هو والثرى ، وعرق الزجاجة : ما نتح به من الشراب وغيره مما فيها ، ولبن عرق بكسر الراء : فاسد الطعم وهو الذي يحقن في السقاء ويعلق على البعير ليس بينه وبين جنب البعير وقاء فيعرق البعير ويفسد طعمه من عرقه فتتغير رائحته ، وقيل : هو الخبيث الحمض وقد عرق عرقا ، والعرق : الثواب ، وعرق الخلال : ما يرشح لك الرجل به ، أي : يعطيك للمودة ، قال الحارث بن زهير العبسي يصف سيفا :


                                                          سأجعله مكان النون مني وما أعطيته عرق الخلال

                                                          . أي : لم يعرق لي بهذا السيف عن مودة إنما أخذته منه غصبا ، وقيل : هو القليل من الثواب شبه بالعرق ، قال شمر : العرق النفع والثواب ، تقول العرب : اتخذت عنده يدا بيضاء وأخرى خضراء فما نلت منه عرقا ، أي : ثوابا ، وأنشد بيت الحارث بن زهير وقال : معناه لم أعطه للمخالة والمودة كما يعطي الخليل خليله ، ولكني أخذته قسرا ، والنون اسم سيف مالك بن زهير ، وكان حمل بن بدر أخذه من مالك يوم قتله ، وأخذه الحارث من حمل بن بدر يوم قتله ، وظاهر بيت الحارث يقضي بأنه أخذ من مالك سيفا غير النون بدلالة قوله : سأجعله مكان النون ، أي : سأجعل هذا السيف الذي استفدته مكان النون ، والصحيح في إنشاده :


                                                          ويخبرهم مكان النون مني

                                                          . لأن قبله :


                                                          سيخبر قومه حنش بن عمرو     إذا لاقاهم وابنا بلال

                                                          . والعرق في البيت : بمعنى الجزاء ، ومعارق الرمل : ألعاطه وآباطه على التشبيه بمعارق الحيوان ، والعرق : اللبن سمي بذلك ; لأنه عرق يتحلب في العروق حتى ينتهي إلى الضرع ، قال الشماخ :


                                                          تغدو وقد ضمنت ضراتها عرقا     من ناصع اللون حلو الطعم مجهود

                                                          . والرواية المعروفة غرقا جمع غرقة ، وهي القليل من اللبن والشراب ، وقيل : هو القليل من اللبن خاصة ، ورواه بعضهم : تصبح وقد ضمنت ; وذلك أن قبله :


                                                          إن تمس في عرفط صلع جماجمه     من الأسالق عاري الشوك مجرود
                                                          تصبح وقد ضمنت ضراتها عرقا

                                                          فهذا شرط وجزاء ، ورواه بعضهم : تضح وقد ضمنت على احتمال الطي ، وعرق السقاء عرقا : نتح منه اللبن ، ويقال : إن بغنمك لعرقا من لبن ، قليلا كان أو كثيرا ، ويقال : عرقا من لبن وهو الصواب ، وما أكثر عرق إبلك وغنمك ، أي : لبنها ونتاجها ، وفي حديث عمر : ألا لا تغالوا صدق النساء ، فإن الرجال تغالي بصداقها حتى تقول جشمت إليك عرق القربة ، قال الكسائي : عرق القربة أن يقول : نصبت لك وتكلفت وتعبت حتى عرقت كعرق القربة ، وعرقها سيلان مائها ، وقال أبو عبيدة : تكلفت إليك ما لا يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون ; لأن القربة لا تعرق ، وهذا مثل قولهم : حتى يشيب الغراب ويبيض القار ، وقيل : أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها ، وقيل : أراد إني قصدتك ، وسافرت إليك واحتجت إلى عرق القربة ، وهو ماؤها ، قال الأصمعي : عرق القربة معناه الشدة ولا أدري ما أصله ، وأنشد لابن أحمر الباهلي :


                                                          ليست بمشتمة تعد وعفوها     عرق السقاء على القعود اللاغب

                                                          . قال : أراد أنه يسمع الكلمة تغيظه وليست بمشتمة فيؤاخذ بها صاحبها ، وقد أبلغت إليه كعرق السقاء على القعود اللاغب ، وأراد بالسقاء القربة ، وقيل : لقيت منه عرق القربة ، أي : شدة ومشقة ، ومعناه : أن القربة إذا عرقت وهي مدهونة خبث ريحها ، وأنشد بيت ابن أحمر : ليست بمشتمة ، وقال : أراد عرق القربة فلم يستقم له الشعر ، كما قال رؤبة :

                                                          [ ص: 116 ]

                                                          كالكرم إذ نادى من الكافور



                                                          وإنما يقال : صاح الكرم : إذا نور ، فكره احتمال الطي ; لأن قوله صاح من ال " مفتعلن " فقال : نادى ، فأتم الجزء على موضوعه في بحره ; لأن نادى من ال " مستفعلن " ، وقيل : معناه جشمت إليك النصب والتعب والغرم والمؤونة حتى جشمت إليك عرق القربة ، أي عراقها الذي يخرز حولها ، ومن قال : " علق القربة " أراد السيور التي تعلق بها ، وقال ابن الأعرابي : كلفت إليك عرق القربة وعلق القربة ، فأما عرقها فعرقك بها عن جهد حملها ، وذلك لأن أشد الأعمال عندهم السقي ، وأما علقها فما شدت به ثم علقت ، وقال ابن الأعرابي : عرق القربة ، وعلقها واحد ، وهو معلاق تحمل به القربة ، وأبدلوا الراء من اللام ، كما قالوا : لعمري ورعملي ، قال الجوهري : لقيت من فلان عرق القربة ، العرق إنما هو للرجل لا للقربة ، وأصله أن القرب إنما تحملها الإماء الزوافر ومن لا معين له ، وربما افتقر الرجل الكريم ، واحتاج إلى حملها بنفسه ، فيعرق لما يلحقه من المشقة والحياء من الناس ، فيقال : تجشمت لك عرق القربة . وعرق التمر : دبسه ، وناقة دائمة العرق ، أي الدرة ، وقيل : دائمة اللبن ، وفي غنمه عرق ، أي نتاج كثير عن ابن الأعرابي ، وعرق كل شيء : أصله ، والجمع أعراق وعروق ، ورجل معرق في الحسب والكرم ، ومنه قول قتيلة بنت النضر بن الحارث :


                                                          أمحمد ولأنت ضنء نجيبة     في قومها والفحل فحل معرق

                                                          .

                                                          أي : عريق النسب أصيل ، ويستعمل في اللؤم أيضا ، والعرب تقول : إن فلانا لمعرق له في الكرم ، وفي اللؤم أيضا . وفي حديث عمر بن عبد العزيز : إن امرأ ليس بينه وبين آدم أب حي لمعرق له في الموت ، أي إن له فيه عرقا ، وأنه أصيل في الموت . وقد عرق فيه أعمامه وأخواله وأعرقوا ، وأعرق فيه إعراق العبيد والإماء : إذا خالطه ذلك وتخلق بأخلاقهم . وعرق فيه اللئام وأعرقوا ، ويجوز في الشعر : إنه لمعروق له في الكرم ، على توهم حذف الزائد ، وتداركه أعراق خير وأعراق شر ، قال :


                                                          جرى طلقا حتى إذا قيل سابق     تداركه أعراق سوء فبلدا



                                                          قال الجوهري : أعرق الرجل ، أي صار عريقا ، وهو الذي له عروق في الكرم ، يقال ذلك في الكرم واللؤم جميعا . ورجل عريق : كريم . وكذلك الفرس وغيره ، وقد أعرق ، يقال : أعرق الفرس : إذا صار عريقا كريما . والعريق من الخيل : الذي له عرق في الكرم . ابن الأعرابي : العرق : أهل الشرف ، واحدهم عريق وعروق ، والعرق : أهل السلامة في الدين . وغلام عريق : نحيف الجسم خفيف الروح . وعروق كل شيء : أطناب تشعب منه ، واحدها عرق . وفي الحديث : إن ماء الرجل يجري من المرأة إذا واقعها في كل عرق وعصب . العرق من الحيوان : الأجوف الذي يكون فيه الدم ، والعصب غير الأجوف . والعروق : عروق الشجر ، الواحد عرق . وأعرق الشجر وعرق وتعرق : امتدت عروقه في الأرض ، وفي المحكم : امتدت عروقه بغير تقييد . والعرقاة والعرقاة : الأصل الذي يذهب في الأرض سفلا وتشعب منه العروق . وقال بعضهم : أعرقة وعرقات ، فجمع بالتاء ، وعرقاة كل شيء وعرقاته : أصله وما يقوم عليه ، ويقال في الدعاء عليه : استأصل الله عرقاته ينصبون التاء ; لأنهم يجعلونها واحدة مؤنثة .

                                                          قال الأزهري : والعرب تقول : استأصل الله عرقاتهم وعرقاتهم ، أي شأفتهم فعرقاتهم بالكسر جمع عرق ، كأنه عرق وعرقات ، كعرس وعرسات ; لأن عرسا أنثى ، فيكون هذا من المذكر الذي جمع بالألف والتاء ، كسجل وسجلات ، وحمام وحمامات . ومن قال : عرقاتهم أجراه مجرى سعلاة ، وقد يكون ( عرقاتهم ) جمع عرق وعرقة ، كما قال بعضهم : رأيت بناتك ، شبهوها بهاء التأنيث التي في قناتهم وفتاتهم ; لأنها للتأنيث كما أن هذه له ، والذي سمع من العرب الفصحاء : عرقاتهم ، بالكسر .

                                                          قال الليث : العرقاة من الشجر أرومه الأوسط ، ومنه تتشعب العروق ، وهو على تقدير فعلاة ، قال الأزهري : ومن كسر التاء في موضع النصب وجعلها جمع عرقة فقد أخطأ .

                                                          قال ابن جني : سأل أبو عمرو أبا خيرة عن قولهم : استأصل الله عرقاتهم ، فنصب أبو خيرة التاء من عرقاتهم ، فقال له أبو عمرو : هيهات أبا خيرة ; لان جلدك ! وذلك أن أبا عمرو استضعف النصب بعدما كان سمعها منه بالجر ، قال : ثم رواها أبو عمرو فيما بعد بالجر والنصب ، فإما أن يكون سمع النصب من غير أبي خيرة ممن ترضى عربيته ، وإما أن يكون قوي في نفسه ما سمعه من أبي خيرة بالنصب ، ويجوز أيضا أن يكون أقام الضعف في نفسه ، فحكى النصب على اعتقاده ضعفه ، قال : وذلك لأن الأعرابي ينطق بالكلمة يعتقد أن غيرها أقوى في نفسه منها ألا ترى أن أبا العباس ، حكى عن عمارة أنه كان يقرأ ( ولا الليل سابق النهار ) ؟ فقال له : ما أردت ؟ فقال : أردت سابق النهار ، فقال له : فهلا قلته ؟ فقال : لو قلته لكان أوزن ، أي أقوى . والعرق : نبات أصفر يصبغ به ، والجمع عروق ، عن كراع .

                                                          قال الأزهري : والعروق عروق نبات تكون صفرا يصبغ بها ، ومنها عروق حمر يصبغ بها ، وفي حديث عطاء : أنه كره العروق للمحرم ، العروق : نبات أصفر طيب الريح والطعم ، يعمل في الطعام ، وقيل : هو جمع ، واحده عرق . وعروق الأرض : شحمتها ، وعروقها أيضا : مناتح ثراها . وفي حديث عكراش بن ذؤيب : أنه قدم على النبي بإبل من صدقات قومه كأنها عروق الأرطى ، الأرطى : شجر معروف ، واحدته أرطاة .

                                                          قال الأزهري : عروق الأرطى طوال حمر ، ذاهبة في ثرى الرمال الممطورة في الشتاء ، تراها إذا انتثرت واستخرجت من الثعرى حمرا ريانة مكتنزة ترف يقطر منها الماء ، فشبه الإبل في حمرة ألوانها ، وسمنها ، وحسنها ، واكتناز لحومها وشحومها ، بعروق الأرطى ، وعروق الأرطى يقطر منها الماء ; لانسرابها في ري الثرى الذي انسابت فيه ، والظباء وبقر الوحش تجيء إليها في حمراء القيظ ، فتستثيرها من مساربها ، وتترشف ماءها ، فتجزأ به عن ورد الماء .

                                                          قال ذو الرمة يصف ثورا يحفر أصل أرطاة ليكنس فيه من الحر :


                                                          توخاه بالأظلاف حتى كأنما [ ص: 117 ]     يثير الكباب الجعد عن متن محمل



                                                          وقول امرئ القيس :


                                                          إلى عرق الثرى وشجت عروقي



                                                          قيل : يعني بعرق الثرى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .

                                                          ويقال : فيه عرق من حموضة وملوحة ، أي شيء يسير ، والعرق : الأرض الملح التي لا تنبت . وقال أبو حنيفة : العرق سبخة تنبت الشجر . واستعرقت إبلكم : أتت ذلك المكان ، قال أبو زيد : استعرقت الإبل : إذا رعت قرب البحر . وكل ما اتصل بالبحر من مرعى فهو عراق . وإبل عراقية : منسوبة إلى العرق ، على غير قياس ، والعراق : بقايا الحمض . وإبل عراقية : ترعى بقايا الحمض . وفيه عرق من ماء ، أي قليل . والمعرق من الخمر : الذي يمزج قليلا مثل العرق ، كأنه جعل فيه عرق من الماء ، قال البرج بن مسهر :


                                                          وندمان يزيد الكأس طيبا     سقيت إذا تغورت النجوم
                                                          رفعت برأسه وكشفت عنه     بمعرقة ملامة من يلوم



                                                          ابن الأعرابي : أعرقت الكأس وعرقتها ، إذا أقللت ماءها ، وأنشد للقطامي :


                                                          ومصرعين من الكلال كأنما     شربوا الغبوق من الطلاء المعرق



                                                          وعرقت في السقاء والدلو وأعرقت : جعلت فيهما ماء قليلا ، قال :


                                                          لا تملإ الدلو وعرق فيها     ألا ترى حبار من يسقيها



                                                          حبار : اسم ناقته ، وقيل : الحبار هنا الأثر ، وقيل : الحبار هيئة الرجل في الحسن والقبح ; عن اللحياني . والعراقة : النطفة من الماء ، والجمع عراق ، وهي العرقاة .

                                                          وعمل رجل عملا ، فقال له بعض أصحابه : عرقت فبرقت ، فمعنى برقت : لوحت بشيء لا مصداق له ، ومعنى عرقت : قللت وهو مما تقدم ، وقيل : عرقت الكأس : مزجتها ، فلم يعين بقلة ماء ولا كثرة . وقال اللحياني : أعرقت الكأس ملأتها . قال : وقال أبو صفوان : الإعراق والتعريق دون الملء ، وبه فسر قوله :


                                                          لا تملإ الدلو وعرق فيها



                                                          وفي النوادر : تركت الحق معرقا وصادحا وسانحا ، أي لائحا بينا .

                                                          وإنه لخبيث العرق ، أي الجسد ، وكذلك السقاء . وفي حديث إحياء الموات : من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وليس لعرق ظالم حق . العرق الظالم : هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله ، فيغرس فيها غرسا غصبا ، أو يزرع ، أو يحدث فيها شيئا ليستوجب به الأرض . قال ابن الأثير : والرواية : لعرق بالتنوين ، وهو على حذف المضاف ، أي لذي عرق ظالم ، فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه ، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق ، وإن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق والحق للعرق ، وهو أحد عروق الشجرة . قال أبو علي : هذه عبارة اللغويين ، وإنما العرق المغروس أو الموضع المغروس فيه ، وما هو عندي بعرق مضنة ، أي ما له قدر ، والمعروف : علق مضنة ، وأرى عرق مضنة إنما يستعمل في الجحد وحده .

                                                          ابن الأعرابي : يقال عرق مضنة وعلق مضنة ، بمعنى واحد ، سمي علقا لأنه علق به لحبه إياه ، يقال ذلك لكل ما أحبه . والعراق : المطر الغزير . والعراق : العظم بغير لحم ، فإن كان عليه لحم فهو عرق ، قال أبو القاسم الزجاجي : وهذا هو الصحيح . وكذلك قال أبو زيد في العراق ، واحتج بقول الراجز :


                                                          حمراء تبري اللحم عن عراقها



                                                          أي : تبري اللحم عن العظم .

                                                          وقيل : العرق الذي قد أخذ أكثر لحمه . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سلمة ، وتناول عرقا ، ثم صلى ولم يتوضأ . وروي عن أم إسحاق الغنوية : أنها دخلت على النبي في بيت حفصة وبين يديه ثريدة ، قالت : فناولني عرقا ، العرق ، بالسكون : العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم وهبره وبقي عليها لحوم رقيقة طيبة ، فتكسر وتطبخ ، وتؤخذ إهالتها من طفاحتها ، ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق ، وتتمشش العظام ، ولحمها من أطيب اللحمان عندهم ، وجمعه عراق . قال ابن الأثير : وهو جمع نادر . يقال : عرقت العظم وتعرقته ، إذا أخذت اللحم عنه بأسنانك نهشا . وعظم معروق إذا ألقي عنه لحمه ، وأنشد أبو عبيد لبعض الشعراء يخاطب امرأته :


                                                          ولا تهدي الأمر وما يليه     ولا تهدن معروق العظام

                                                          .

                                                          قال الجوهري : والعرق مصدر قولك : عرقت العظم أعرقه - بالضم - عرقا ومعرقا ، وقال :


                                                          أكف لساني عن صديقي فإن أجأ     إليه فإني عارق كل معرق

                                                          .

                                                          والعرق : الفدرة من اللحم ، وجمعها عراق ، وهو من الجمع العزيز .

                                                          قال ابن السكيت : ولم يجئ شيء من الجمع على فعال إلا أحرف ، منها : تؤام جمع توأم ، وشاة ربى ، وغنم رباب ، وظئر وظؤار ، وعرق وعراق ، ورخل ورخال ، وفرير وفرار ، قال : ولا نظير لها . قال ابن بري : وقد ذكر ستة أحرف أخر وهي : رذال جمع رذل ، ونذال جمع نذل ، وبساط جمع بسط ، للناقة تخلى مع ولدها لا تمنع منه ، وثناء جمع ثني ، للشاة تلد في السنة مرتين ، وظهار جمع ظهر ، للريش على السهم ، وبراء جمع بريء ، فصارت الجملة اثني عشر حرفا .

                                                          والعرام : مثل العراق ، قال : والعظام إذا لم يكن عليها شيء من اللحم تسمى عراقا ، وإذا جردت من اللحم تسمى عراقا . وفي الحديث : لو وجد أحدهم عرقا سمينا أو مرماتين . وفي حديث الأطعمة : فصارت عرقه ، يعني أن أضلاع السلق قامت في الطبيخ مقام قطع اللحم . هكذا جاء في رواية ، وفي أخرى بالغين المعجمة والفاء ، يريد المرق من الغرف .

                                                          أبو زيد : وقول الناس : ثريدة كثيرة العراق خطأ ; لأن العراق العظام ، ولكن يقال : ثريدة كثيرة الوذر ، وأنشد :


                                                          ولا تهدن معروق العظام



                                                          [ ص: 118 ] قال : ومعروق العظام مثل العراق ، وحكى ابن الأعرابي في جمعه : عراق بالكسر ، وهو أقيس ، وأنشد :


                                                          يبيت ضيفي في عراق ملس     وفي شمول عرضت للنحس

                                                          .

                                                          أي : ملس من الشحم . والنحس : الريح التي فيها غبرة . وعرق العظم يعرقه عرقا وتعرقه واعترقه : أكل ما عليه .

                                                          والمعرق : حديدة يبرى بها العراق من العظام ، يقال : عرقت ما عليه من اللحم بمعرق ، أي بشفرة . واستعار بعضهم التعرق في غير الجواهر ، أنشد ابن الأعرابي في صفة إبل وركب :


                                                          يتعرقون خلالهن وينثني     منها ومنهم مقطع وجريح



                                                          أي : يستديمون حتى لا تبقى قوة ولا صبر ، فذلك خلالهن ، وينثني : أي يسقط منها ومنهم ، أي من هذه الإبل . وأعرقه عرقا : أعطاه إياه ، ورجل معروق وفي الصحاح : معروق العظام ، ومعترق ومعرق : قليل اللحم ، وكذلك الخد . وفرس معروق ومعترق : إذا لم يكن على قصبه لحم ، ويستحب من الفرس أن يكون معروق الخدين ; قال :


                                                          قد أشهد الغارة الشعواء تحملني     جرداء معروقة اللحيين سرحوب



                                                          ويروى : معروقة الجنبين ، وإذا عري لحياها من اللحم فهو من علامات عتقها . وفرس معرق : إذا كان مضمرا ، يقال : عرق فرسك تعريقا ، أي أجره حتى يعرق ويضمر ويذهب رهل لحمه . والعوارق : الأضراس ، صفة غالبة ، والعوارق : السنون ; لأنها تعرق الإنسان ، وقد عرقته تعرقه وتعرقته ، وأنشد سيبويه :

                                                          إذا بعض السنين تعرقتنا     كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

                                                          .

                                                          أنث ; لأن بعض السنين سنون ، كما قالوا : ذهبت بعض أصابعه ، ومثله كثير . وعرقته الخطوب تعرقه : أخذت منه ، قال :


                                                          أجارتنا كل امرئ ستصيبه     حوادث إلا تبتر العظم تعرق

                                                          .

                                                          وقوله أنشده ثعلب :


                                                          أيام أعرق بي عام المعاصيم

                                                          .

                                                          فسره فقال : معناه ذهب بلحمي ، وقوله : عام المعاصيم قال : معناه بلغ الوسخ إلى معاصمي ، وهذا من الجدب ، قال ابن سيده : ولا أدري ما هذا التفسير ، وزاد الياء في المعاصم ضرورة . والعرق : كل مضفور مصطف ، واحدته عرقة ، قال أبو كبير :


                                                          نغدو فنترك في المزاحف من ثوى     ونقر في العرقات من لم يقتل

                                                          .

                                                          يعني نأسرهم فنشدهم في العرقات . وفي حديث المظاهر : أنه أتي بعرق من تمر ، قال ابن الأثير : هو زبيل منسوج من نسائج الخوص ، وكل شيء مضفور فهو عرق وعرقة ، بفتح الراء فيهما ، قال الأزهري : رواه أبو عبيد عرق ، وأصحاب الحديث يخففونه . والعرق : السفيفة المنسوجة من الخوص قبل أن تجعل زبيلا ، والعرق والعرقة : الزبيل ، مشتق من ذلك ، وكذلك كل شيء يصطف . والعرق : الطير إذا صفت في السماء ، وهي عرقة أيضا .

                                                          والعرق : السطر من الخيل والطير ، الواحد منها عرقة وهو الصف ، قال طفيل الغنوي يصف الخيل :


                                                          كأنهن وقد صدرن من عرق     سيد ، تمطر جنح الليل مبلول



                                                          قال ابن بري : العرق جمع عرقة ، وهي السطر من الخيل ، وصدر الفرس ، فهو مصدر : إذا سبق الخيل بصدره ، قال دكين :


                                                          مصدر لا وسط ولا تال



                                                          وصدرن : أخرجن صدورهن من الصف ، ورواه ابن الأعرابي : صدرن من عرق ، أي صدرن بعدما عرقن ، يذهب إلى العرق الذي يخرج منهن إذا أجرين ، يقال : فرس مصدر : إذا كان يعرق صدره ، ورفعت من الحائط عرقا أو عرقين ، أي صفا أو صفين ، والجمع أعراق .

                                                          والعرقة : طرة تنسج وتخاط على طرف الشقة ، وقيل : هي طرة تنسج على جوانب الفسطاط .

                                                          والعرقة : خشيبة تعرض على الحائط بين اللبن ، قال الجوهري : وكذلك الخشبة التي توضع معترضة بين سافي الحائط . وفي حديث أبي الدرداء : أنه رأى في المسجد عرقة فقال غطوها عنا ، قال الحربي : أظنها خشبة فيها صورة .

                                                          والعرقة : آثار اتباع الإبل بعضها بعضا ، والجمع عرق ، قال :


                                                          وقد نسجن بالفلاة عرقا

                                                          . والعرقة : النسعة ، والعرقات : النسوع . قال الأصمعي : العراق : الطبابة ، وهي الجلدة التي تغطى بها عيون الخرز ، وعراق المزادة : الخرز المثني في أسفلها ، وقيل : هو الذي يجعل على ملتقى طرفي الجلد إذا خرز في أسفل القربة ، فإذا سوي ثم خرز عليه غير مثني فهو طباب ، قال أبو زيد : إذا كان الجلد أسفل الإداوة مثنيا ثم خرز عليه فهو عراق ، والجمع عرق ، وقيل : عراق القربة : الخرز الذي في وسطها ، قال :


                                                          يربوع ذا القنازع الدقاق     والودع والأحوية الأخلاق
                                                          بي بي أرياقك من أرياق     وحيث خصياك إلى المآق
                                                          وعارض كجانب العراق

                                                          . هذا أعرابي ذكره يونس أنه رآه يرقص ابنه ، وسمعه ينشد هذه الأبيات ; قوله : وعارض كجانب العراق . العارض ما بين الثنايا والأضراس ، ومنه قيل للمرأة : مصقول عوارضها ، وقوله : كجانب العراق ، شبه أسنانه في حسن نبتتها واصطفافها على نسق واحد بعراق المزادة ; لأن خرزه متسرد مستو .

                                                          ومثله قول الشماخ ، وذكر أتنا وردن وحسسن بالصائد فنفرن على تتابع واستقامة . فقال :


                                                          فلما رأين الماء قد حال دونه     ذعاف على جنب الشريعة كارز
                                                          [ ص: 119 ] شككن بأحساء الذناب على هدى     كما شك في ثني العنان الخوارز

                                                          وأنشد أبو علي في مثل هذا المعنى :


                                                          وشعب كشك الثوب شكس طريقه     مدارج صوحيه عذاب مخاصر

                                                          عنى فما حسن نبتة الأضراس متناسقها كتناسق الخياطة في الثوب ؛ لأن الخائط يضع إبرة إلى أخرى شكة في إثر شكة ، وقوله شكس طريقه عنى صغره ، وقيل : لصعوبة مرامه ، ولما جعله شعبا لصغره جعل له صوحين ، وهما جانبا الوادي كما تقدم ، والدليل على أنه عنى فما قوله بعد هذا :


                                                          تعسفته بالليل لم يهدني له     دليل ولم يشهد له النعت جابر

                                                          أبو عمرو : العراق تقارب الخرز ، يضرب مثلا للأمر ، يقال : لأمره عراق إذا استوى ، وليس له عراق ، وعراق السفرة : خرزها المحيط بها . وعرقت المزادة والسفرة ، فهي معروقة : عملت لها عراقا . وعراق الظفر : ما أحاط به من اللحم . وعراق الأذن : كفافها . وعراق الركيب : حاشيته من أدناه إلى منتهاه ، والركيب : النهر الذي يدخل منه الماء الحائط ، وهو مذكور في موضعه ، والجمع من كل ذلك أعرقة وعرق . والعراق : شاطئ الماء ، وخص بعضهم به شاطئ البحر ، والجمع كالجمع . والعراق : من بلاد فارس ، مذكر سمي بذلك لأنه على شاطئ دجلة ، وقيل : سمي عراقا لقربه من البحر ، وأهل الحجاز يسمون ما كان قريبا من البحر عراقا ، وقيل : سمي عراقا لأنه استكف أرض العرب ، وقيل : سمي به لتواشج عروق الشجر والنخل به ، كأنه أراد عرقا ثم جمع على عراق ، وقيل : سمى به العجم ، سمته إيران شهر ، معناه : كثيرة النخل والشجر ، فعرب فقيل : عراق ، قال الأزهري : قال أبو الهيثم : زعم الأصمعي أن تسميتهم العراق اسم عجمي معرب ، إنما هو إيران شهر ، فأعربته العرب فقالت : عراق ، وإيران شهر : موضع الملوك ، قال أبو زبيد :


                                                          مانعي بابة العراق من النا     س بجرد تغدو بمثل الأسود

                                                          ويروى : باحة العراق ، ومعنى بابة العراق : ناحيته . والباحة : الساحة ، ومنه أباح دارهم . الجوهري : العراق بلاد تذكر وتؤنث ، وهو فارسي معرب ، قال ابن بري : وقد جاء العراق اسما لفناء الدار ، وعليه قول الشاعر :


                                                          وهل بلحاظ الدار والصحن معلم     ومن آيها بين العراق تلوح

                                                          واللحاظ هاهنا : فناء الدار أيضا ، وقيل : سمي بعراق المزادة ، وهي الجلدة التي تجعل على ملتقى طرفي الجلد إذا خرز في أسفلها ؛ لأن العراق بين الريف والبر ، وقيل : العراق : شاطئ النهر أو البحر على طوله ، وقيل لبلد العراق عراق ؛ لأنه على شاطئ دجلة والفرات عداء حتى يتصل بالبحر ، وقيل : العراق معرب ، وأصله إيراق ، فعربته العرب فقالوا عراق ، والعراقان : الكوفة والبصرة ، وقوله :


                                                          أزمان سلمى لا يرى مثلها الر     راءون في شام ولا في عراق

                                                          إنما نكره ؛ لأنه جعل كل جزء منه عراقا ، وأعرقنا : أخذنا في العراق ، وأعرق القوم : أتوا العراق ، قال الممزق العبدي :


                                                          فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم     وإن تعمنوا مستحقبي الحرب أعرق

                                                          وحكى ثعلب اعترقوا في هذا المعنى ، وأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          إذا استنصل الهيف السفا برحت به     عراقية الأقياظ نجد المرابع

                                                          نجد هاهنا : جمع نجدي ، كفارسي وفرس ، ففسره فقال : هي منسوبة إلى العراق الذي هو شاطئ الماء ، وقيل : هي التي تطلب الماء في القيظ . والعراق : مياه بني سعد بن مالك وبني مازن ، وقال الأزهري في هذا المكان : ويقال هذه إبل عراقية ، ولم يفسر . ويقال : أعرق الرجل فهو معرق إذا أخذ في بلد العراق . قال أبو سعيد : المعرقة طريق كانت قريش تسلكه إذا سارت إلى الشام تأخذ على ساحل البحر ، وفيه سلكت عير قريش حين كانت وقعة بدر ، وفي حديث عمر : قال لسلمان : أين تأخذ إذا صدرت ؟ أعلى المعرقة أم على المدينة ؟ ذكره ابن الأثير " المعرقة " وقال : هكذا روي مشددا والصواب التخفيف ، وعراق الدار : فناء بابها ، والجمع أعرقة وعرق . وجرى الفرس عرقا أو عرقين ، أي طلقا أو طلقين ، والعرق : الزبيب ، نادر ، والعرقة : الدرة التي يضرب بها . والعرقوة : خشبة معروضة على الدلو ، والجمع : عرق ، وأصله عرقو إلا أنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف مضموم ، إنما تخص بهذا الضرب الأفعال نحو سرو ، وبهو ، ودهو ، هذا مذهب سيبويه وغيره من النحويين ، فإذا أد‌ى قياس إلى مثل هذا في الأسماء رفض ، فعدلوا إلى إبدال الواو ياء فكأنهم حولوا عرقوا إلى عرقي ثم كرهوا الكسرة على الياء ، فأسكنوها وبعدها النون ساكنة فالتقى ساكنان ، فحذفوا الياء وبقيت الكسرة دالة عليها ، وثبتت النون إشعارا بالصرف ، فإذا لم يلتق ساكنان ردوا الياء فقالوا : رأيت عرقيها ، كما يفعلون في هذا الضرب من التصريف ، أنشد سيبويه :


                                                          حتى تقضي عرقي الدلي

                                                          والعرقاة : العرقوة قال :

                                                          احذر على عينيك والمشافر     عرقاة دلو كالعقاب الكاسر

                                                          شبهها بالعقاب في ثقلها ، وقيل : في سرعة هويها . والكاسر : التي تكسر من جناحها للانقضاض ، وعرقيت الدلو عرقاة : جعلت لها عرقوة وشددتها عليها .

                                                          الأصمعي : يقال للخشبتين اللتين تعترضان على الدلو كالصليب : العرقوتان وهي العراقي ، وإذا شددتهما على الدلو قلت : قد عرقيت الدلو عرقاة . قال الجوهري : عرقوة الدلو بفتح العين ، ولا تقل عرقوة ، وإنما يضم فعلوة إذا كان ثانيه نونا مثل [ ص: 120 ] عنصوة والجمع العراقي ، قال عدي بن زيد يصف فرسا :


                                                          فحملنا فارسا في كفه     راعبي في رديني أصم
                                                          وأمرناه به من بينها     بعدما انصاع مصرا أو كصم
                                                          فهي كالدلو بكف المستقي     خذلت منها العراقي فانجذم

                                                          أراد بقوله ( منها ) الدلو ، وبقوله ( انجذم ) السجل ؛ لأن السجل والدلو واحد ، وإن جمعت بحذف الهاء قلت عرق ، وأصله عرقو ، إلا أنه فعل به ما فعل بثلاثة أحق في جمع حقو ، وفي الحديث : رأيت كأن دلوا دليت من السماء فأخذ أبو بكر بعراقيها فشرب . العراقي : جمع عرقوة الدلو ، وذات العراقي : الداهية ، سميت بذلك لأن ذات العراقي هي الدلو والدلو من أسماء الداهية ، يقال : لقيت منه ذات العراقي ، قال عوف بن الأحوص :

                                                          لقيتم من تدرئكم علينا     وقتل سراتنا ذات العراقي

                                                          والعرقوتان من الرحل والقتب : خشبتان تضمان ما بين الواسط والمؤخرة والعرقوة : كل أكمة منقادة في الأرض كأنها جثوة قبر مستطيلة .

                                                          ابن شميل : العرقوة أكمة تنقاد ليست بطويلة من الأرض في السماء ، وهي على ذلك تشرف على ما حولها ، وهو قريب من الأرض أو غير قريب ، وهي مختلفة ؛ مكان منها لين ومكان منها غليظ ، وإنما هي جانب من أرض مستوية مشرف على ما حوله . والعراقي : ما اتصل من الإكام ، وآض كأنه جرف واحد طويل على وجه الأرض ، وأما الأكمة فإنها تكون ملمومة ، وأما العرقوة فتطول على وجه الأرض وظهرها قليلة العرض ، لها سند وقبلها نجاف وبراق ليس بسهل ولا غليظ جدا ، ينبت ، فأما ظهره فغليظ خشن لا ينبت خيرا .

                                                          والعرقوة والعراقي من الجبال : الغليظ المنقاد في الأرض ، يمنعك من علوه ، وليس يرتقى لصعوبته ، وليس بطويل ، وهي العرق أيضا ، قال الأزهري : وبه سميت الداهية ذات العراقي .

                                                          وقيل : العرق جبيل صغير منفرد ، قال الشماخ :

                                                          ما إن يزال لها شأو يقدمها     محرب مثل طوط العرق مجدول

                                                          وقيل : العرق الجبل ، وجمعه عروق ، والعراقي عند أهل اليمن : التراقي ، وعرق في الأرض يعرق عرقا وعروقا : ذهب فيها . وفي الحديث : قال ابن الأكوع : فخرج رجل على ناقة ورقاء وأنا على رحلي ، فاعترقها حتى أخذ بخطامها يقال : عرق في الأرض إذا ذهب فيها .

                                                          وفي حديث وائل بن حجر أنه قال لمعاوية وهو يمشي في ركابه : تعرق في ظل ناقتي ، أي امش في ظلها وانتفع به قليلا قليلا . والعرق : الواحد من أعراق الحائط ، ويقال : عرق عرقا أو عرقين ، أبو عبيد : عرق إذا أكل ، وعرق إذا كسل ، وصارعه فتعرقه : وهو أن تأخذ رأسه فتجعله تحت إبطك تصرعه بعد . وعرق وذات عرق والعرقان والأعراق وعريق ، كلها : مواضع .

                                                          وفي الحديث : أنه وقت لأهل العراق ذات عرق هو منزل معروف من منازل الحاج ، يحرم أهل العراق بالحج منه ، سمي به لأن فيه عرقا وهو الجبل الصغير ، وقيل : العرق من الأرض سبخة تنبت الطرفاء ، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يسلمون ويحجون ، فبين ميقاتهم .

                                                          قال ابن السكيت : ما دون الرمل إلى الريف من العراق يقال له : عراق ، وما بين ذات عرق إلى البحر غور وتهامة ، وطرف تهامة من قبل الحجاز مدارج العرج ، وأولها من قبل نجد مدارج ذات عرق . قال الجوهري : ذات عرق موضع بالبادية . وفي حديث جابر : خرجوا يقودون به حتى لما كان عند العرق من الجبل الذي دون الخندق نكب . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يصلي إلى العرق الذي في طريق مكة . ابن الأعرابي : عريقة بلاد باهلة بيذبل والقعاقع . وعارق : اسم شاعر من طيئ ، سمي بذلك لقوله :

                                                          لئن لم تغير بعض ما قد صنعتم     لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه

                                                          قال ابن بري : هو لقيس بن جروة وابن عرقان : رجل من العرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية