الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 430 ] 541 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تربية الشعر على الرؤوس من الجمم ومن فرقه ومن سدله

3357 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه .

[ ص: 431 ]

3358 - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : حدثنا يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون شعورهم ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه .

3359 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يحيى بن صالح [ ص: 432 ] الوحاظي ، ويوسف بن عدي الكوفي ، قالا : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الجمة وفوق الوفرة . هكذا في حديث يحيى بن صالح ، وفي حديث يوسف ، قالت : كان للنبي صلى الله عليه وسلم شعر دون الشحمة .

3360 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عياش بن الوليد الرقام ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، قال : حدثنا ابن إسحاق ، عن عمارة بن غزية ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا كان لأحدكم شعر فليكرمه .

[ ص: 433 ]

3361 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني جرير بن حازم ، أنه سمع قتادة يقول : قلت لأنس : كيف كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان شعرا رجلا ليس بالجعد ولا بالسبط ، بين أذنه وعاتقه .

[ ص: 434 ]

3362 - حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسحاق بن داود المروزي الشعراني ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، عن حماد بن خالد الخياط ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سدل ناصيته ، ثم فرق .

3363 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا حبان بن هلال ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا قتادة ، عن أنس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب شعره منكبيه .

3364 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، سمع البراء يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم له شعر إلى شحمة أذنيه .

3365 - حدثنا محمد بن الورد البغدادي ، قال : حدثنا داود بن [ ص: 435 ] عمرو الضبي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له شعر فليكرمه .

3366 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط ، عن أبيه ، عن أبي رمثة ، قال : انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم فإذا نحن به له وفرة بها ردع من حناء .

[ ص: 436 ] فقال قائل : ففيما قد رويتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذه الشعر كما رويتموه فيه عنه ، وفيه أمره الناس بإكرام الشعر ، فمن أين جاز لكم ترك استعمال ذلك والعدول إلى غيره من إحفاء الشعر .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنا تركنا ذلك إلى ما يخالفه مما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحسن منه .

3367 - كما قد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم بن كليب الجرمي ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل ، فقال : ذباب ، فظننت أنه يعنيني ، فذهبت فجززته ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما عنيتك ، ولكن هذا أحسن .

3368 - وكما حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا سفيان بن عقبة أخو قبيصة ، عن [ ص: 437 ] سفيان بن سعيد ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

فكان في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على أن جز الشعر أحسن من تربيته ، وما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحسن كان لا شيء أحسن منه .

ووجب لزوم ذلك الأحسن وترك ما يخالفه ، ومقبول منه صلى الله عليه وسلم إذ كان هذا عنه ، وإذ كان أولى بالمحاسن كلها من جميع الناس سواه أنه قد كان صار بعد هذا القول إلى هذا الأحسن وترك ما كان عليه قبل ذلك مما يخالفه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية