الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ؛ النشوز من بعل المرأة أن يسيء عشرتها؛ وأن يمنعها نفسه؛ ونفقته؛ والله - عز وجل - قال - في النساء - : وعاشروهن بالمعروف ؛ وقال : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ؛ وقال : ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ؛ فشدد [ ص: 116 ] الله في العدل في أمر النساء؛ فلو لم يعلم - عز وجل - أن رضا المرأة من زوجها بالإقامة على منعها - في كثير من الأوقات - نفسه؛ ومنعها بعض ما يحتاج إليه؛ لما جاز الإمساك إلا على غاية العدل؛ والمعروف؛ فجعل الله - عز وجل - الصلح جائزا بين الرجل وامرأته؛ إذا رضيت منه بإيثار غيرها عليه؛ فقال لا إثم عليهما في أن يتصالحا بينهما صلحا؛ والصلح خير من الفرقة.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وأحضرت الأنفس الشح ؛ وهو أن المرأة تشح على مكانها من زوجها؛ والرجل يشح على المرأة بنفسه إن كان غيرها أحب إليه منها؛ وقوله : وإن تحسنوا وتتقوا ؛ أي : إن تحسنوا إليهن؛ وتتحملوا عشرتهن؛ فإن الله كان بما تعملون خبيرا ؛ أي : يخبر ذلك؛ فيجازيكم عليه؛ فإن قال قائل : إنما قيل : " وإن امرأة خافت " ؛ ولم يقل : " وإن نشز رجل على المرأة " ؛ لأن الخائف للشيء ليس بمتيقن له؛ فالجواب في هذا : إن خافت الإقامة منه على النشوز والإعراض؛ وليس أن تخاف الإقامة إلا وقد بدا منه شيء؛ فأما التفرقة بين " إن " ؛ الجزاء؛ والفعل الماضي فجيد؛ ولكن إن وقعت التفرقة بين " إن " ؛ والفعل المستقبل؛ فذلك قبيح؛ إن قلت : " إن امرأة تخاف " ؛ فهو قبيح؛ لأن " إن " ؛ لا يفصل بينها وبين ما يجزم؛ وذلك في الشعر جائز في " إن " ؛ وغيرها؛ قال عدي بن زيد : [ ص: 117 ] فمتى واغل ينبهم يحبو ... ه وتعطف عليه كأس الساقي

                                                                                                                                                                                                                                        فأما الماضي فـ " إن " ؛ غير عاملة في لفظه؛ و " إن " ؛ أم حروف الجزم؛ فجاز أن تفرق بينها وبين الفعل؛ و " امرأة " ؛ ارتفعت بفعل مضمر يدل عليه ما بعد الاسم؛ المعنى : " إن خافت امرأة خافت " ؛ فأما غير " إن " ؛ فالفصل يقبح فيه مع الماضي؛ والمستقبل جميعا؛ لو قلت : " متى زيد جاءني أكرمته " ؛ كان قبيحا؛ ولو قلت : " إن الله أمكنني فعلت " ؛ كان حسنا جميلا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية