الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرك ]

                                                          عرك : عرك الأديم وغيره يعركه عركا : دلكه دلكا . وعركت القوم في الحرب عركا ، وعرك بجنبه ما كان من صاحبه يعركه : كأنه حكه حتى عفاه ، وهو من ذلك . وفي الأخبار أن ابن عباس قال للحطيئة : هلا عركت بجنبك ما كان من الزبرقان قال :

                                                          إذا أنت لم تعرك بجنبك بعض ما يريب من الأدنى رماك الأباعد

                                                          ، وأنشد ابن الأعرابي :

                                                          [ ص: 122 ]

                                                          العاركين مظالمي بجنوبهم     والملبسي فثوبهم لي أوسع

                                                          أي : خيرهم علي ضاف .

                                                          وعركه الدهر : حنكه . وعركتهم الحرب تعركهم عركا : دارت عليهم ، وكلاهما على المثل ، قال زهير :


                                                          فتعرككم عرك الرحى بثفالها     وتلقح كشافا ثم تحمل فتتئم

                                                          الثفال : الجلدة تجعل حول الرحى تمسك الدقيق ، والعراكة والعلالة والدلاكة : ما حلبت قبل الفيقة الأولى وقبل أن تجتمع الفيقة الثانية . والمعركة والمعركة - بفتح الراء وضمها - موضع القتال الذي يعتركون فيه إذا التقوا ، والجمع معارك . وفي حديث ذم السوق : فإنها معركة الشيطان ، وبها ينصب رايته . قال ابن الأثير : المعركة والمعترك ، موضع القتال ، أي موطن الشيطان ومحله الذي يأوي إليه ويكثر منه ؛ لما يجري فيه من الحرام ، والكذب ، والربا ، والغصب ؛ ولذلك قال : وبها ينصب رايته كناية عن قوة طمعه في إغوائهم ؛ لأن الرايات في الحروب لا تنصب إلا مع قوة الطمع في الغلبة ، وإلا فهي مع اليأس تحط ولا ترفع .

                                                          والمعاركة : القتال . والمعترك : موضع الحرب ، وكذلك المعرك . وعاركه معاركة وعراكا : قاتله ، وبه سمي الرجل معاركا . ومعترك المنايا : ما بين الستين إلى السبعين . واعترك القوم في المعركة والخصومة : اعتلجوا . واعتراك الرجال في الحروب : ازدحامهم وعرك بعضهم بعضا . واعترك القوم : ازدحموا ، وقيل : ازدحموا في المعترك . والعراك : ازدحام الإبل على الماء ، واعتركت الإبل في الورد : ازدحمت . وماء معروك ، أي مزدحم عليه ، قال سيبويه : وقالوا أرسلها العراك ، أي أوردها جميعا الماء ، أدخلوا الألف واللام على المصدر الذي في موضع الحال ، كأنه قال : اعتراكا أي : معتركة ، وأنشد قول لبيد يصف الحمار والأتن :


                                                          فأرسلها العراك ولم يذدها     ولم يشفق على نغص الدخال

                                                          ، قال الجوهري : أورد إبله العراك ، ونصب نصب المصادر ، أي أوردها عراكا ، ثم أدخل عليه الألف واللام كما قالوا : مررت بهم الجماء الغفير ، والحمد لله فيمن نصب ، ولم تغير الألف واللام المصدر عن حاله ، قال ابن بري : العراك والجماء الغفير منصوبان على الحال ، وأما الحمد فعلى المصدر لا غير ، والعرك : الشديد العلاج والبطش في الحرب ، وقد عرك عركا ، قال جرير :


                                                          قد جربت عركي في كل معترك     غلب الأسود فما بال الضغابيس

                                                          والمعارك : كالعرك . والعرك ، والحاز واحد : وهو حز مرفق البعير جنبه حتى يخلص إلى اللحم ويقطع الجلد بحز الكركرة ، قال :


                                                          ليس بذي عرك ولا ذي ضب

                                                          وقال الشاعر يصف البعير بأنه بائن المرفق :


                                                          قليل العرك يهجر مرفقاها

                                                          . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - تصف أباها : عركة للأذاة بجنبه . أي يحتمله ، ومنه عرك البعير جنبه بمرفقه إذا دلكه فأثر فيه . والعركرك : كالعارك وبعير عركرك إذا كان به ذلك ، قال حلحلة بن قيس بن أشيم ، وكان عبد الملك قد أقعده ليقاد منه وقال له : صبرا حلحل ، فقال مجيبا له :


                                                          أصبر من ذي ضاغط عركرك     ألقى بواني زوره للمبرك

                                                          والعركرك : الجمل القوي الغليظ ، يقال : بعير ضاغط عركرك ، وأورد الجوهري هنا أيضا رجز حلحلة المذكور قبله . وبعض العرب يقول للناقة السمينة : عركركة ، وجمعها عركركات ، أنشد أعرابي من بني عقيل :


                                                          يا صاحبي رحلي بليل قوما     وقربا عركركات كوما

                                                          فأما ما أنشده ابن الأعرابي لرجل من عكل يقوله لليلى الأخيلية :


                                                          حياكة تمشي بعلطتين     وقارم أحمر ذي عركين

                                                          فإنما يعني حرها واستعار لها العرك ، وأصله في البعير . وعريكة الجمل والناقة : بقية سنامهما ، وقيل : هو السنام كله ، قال ذو الرمة :


                                                          خفاف الخطى مطلنفئات العرائك

                                                          . وقيل : إنما سمي بذلك ؛ لأن المشتري يعرك ذلك الموضع ليعرف سمنه وقوته . والعريكة : الطبيعة ، يقال : لانت عريكته ، إذا انكسرت نخوته ، وفي صفته صلى الله عليه وسلم : أصدق الناس لهجة وألينهم عريكة ، العريكة : الطبيعة ، يقال : فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطاوعا منقادا ، قليل الخلاف والنفور ، ورجل لين العريكة ، أي لين الخلق سلسه ، وهو منه ، وشديد العريكة إذا كان شديد النفس أبيا . والعريكة : النفس ، يقال : إنه لصعب العريكة ، وسهل العريكة ، أي النفس ، وقول الأخطل :


                                                          من اللواتي إذا لانت عريكتها     كان لها بعدها آل ومجلود

                                                          قيل في تفسيره : عريكتها : قوتها وشدتها ، ويجوز أن تكون مما تقدم ؛ لأنها إذا جهدت وأعيت لانت عريكتها وانقادت . ورجل ميمون العريكة ، والحريكة ، والسليقة ، والنقيبة ، والنقيمة ، والنخيجة ، والطبيعة ، والجبيلة بمعنى واحد . والعركية : المرأة الفاجرة ، قال ابن مقبل يهجو النجاشي :

                                                          وجاءت به حياكة عركية     تنازعها في طهرها رجلان

                                                          وعرك ظهر الناقة وغيرها يعركه عركا : أكثر جسه ليعرف سمنها ، وناقة عروك مثل الشكوك : لا يعرف سمنها إلا بذلك ، وقيل : هي التي يشك في سنامها أبه شحم أم لا ، والجمع عرك .

                                                          وعركت السنام : إذا لمسته تنظر أبه طرق أم لا . وعريكة البعير : سنامه إذا عركه الحمل ، وجمعها العرائك . ولقيته عركة أو عركتين ، أي مرة أو مرتين ، لا يستعمل إلا ظرفا . ولقيته عركات ، أي مرات ، وفي الحديث : أنه عاوده [ ص: 123 ] كذا كذا عركة أي : مرة ، يقال : لقيته عركة بعد عركة ، أي مرة بعد أخرى . وعركه بشر : كرره عليه ، وقال اللحياني : عركه يعركه عركا إذا حمل الشر عليه . وعرك الإبل في الحمض : خلاها فيه تنال منه حاجتها ، وعركت الماشية النبات : أكلته ، قال :


                                                          وما زلت مثل النبت يعرك مرة     فيعلى ويولى مرة ويثوب

                                                          يعرك : يؤكل ، ويولى من الولي ، والعرك من النبات : ما وطئ وأكل ، قال رؤبة :


                                                          وإن رعاها العرك أو تأنقا

                                                          . وأرض معروكة : عركتها السائمة حتى أجدبت ، وقد عركت إذا جردتها الماشية من المرعى . ورجل معروك : ألح عليه في المسألة . والعراك : المحيض ، عركت المرأة تعرك عركا وعراكا وعروكا ، الأولى عن اللحياني ، وهي عارك ، وأعركت وهي معرك : حاضت ، وخص اللحياني بالعرك الجارية ، وفي الحديث : أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت محرمة ، فذكرت العراك قبل أن تفيض ، العراك : الحيض . وفي حديث عائشة : حتى إذا كنا بسرف عركت أي : حضت ، وأنشد ابن بري لحجر بن جليلة :


                                                          فغرت لدى النعمان لما رأيته     كما فغرت للحيض شمطاء عارك

                                                          ونساء عوارك ، أي حيض ، وأنشد ابن بري أيضا :


                                                          أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة     وفي الحرب أمثال النساء العوارك

                                                          وقالت الخنساء :


                                                          لا نوم أو تغسلوا عارا أظلكم     غسل العوارك حيضا بعد إطهار

                                                          والعرك : خرء السباع . والعركي : صياد السمك ، وفي الحديث : أن العركي سأل النبي عن الطهور بماء البحر ، العركي : صياد السمك ، وجمعه عرك ، كعربي وعرب وهم العروك ، قال أمية بن أبي عائذ :


                                                          وفي غمرة الآل خلت الصوى     عروكا على رائس يقسمونا

                                                          رائس : جبل في البحر ، وقيل : رئيس منهم ، قال ابن الأثير : وفي كتابه إلى قوم من اليهود : " إن عليكم ربع ما أخرجت نخلكم ، وربع ما صادت عروككم ، وربع المغزل ، قال : العروك جمع عرك - بالتحريك - وهم الذين يصيدون السمك ، وإنما قيل : للملاحين عرك لأنهم يصيدون السمك ، وليس بأن العرك اسم لهم . قال زهير :


                                                          يغشي الحداة بهم حر الكثيب كما     يغشي السفائن موج اللجة العرك

                                                          وقال الجوهري : روى أبو عبيدة " موج " بالرفع ، وجعل العرك نعتا للموج ، يعني المتلاطم . والعرك : الصوت ، وكذلك العرك ، بكسر الراء . ورجل عرك ، أي شديد صريع لا يطاق . وقوم عركون ، أي أشداء صراع . ورمل عريك ومعرورك : متداخل ، والعركرك : الركب الضخم ، وقيده الأزهري فقال : من أركاب النساء ، وقال : أصله ثلاثي ولفظه خماسي . والعركركة : على وزن فعلعلة ، من النساء : الكثيرة اللحم القبيحة الرسحاء ، قال الشاعر :


                                                          وما من هواي ولا شيمتي     عركركة ذات لحم زيم

                                                          وعراك ومعارك ومعرك ومعراك : أسماء .

                                                          وذو معارك : موضع ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          تليح من جندل ذي معارك     إلاحة الروم من النيازك

                                                          أي : تليح من حجر هذا الموضع ، ويروى : " من جندل ذي معارك " جعل جندل اسما للبقعة فلم يصرفه ، وذي معارك بدل منها ، كأن الموضع يسمى بجندل وذي معارك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية