الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عرن ]

                                                          عرن : العرن والعرنة : داء يأخذ الدابة في أخر رجلها كالسحج في الجلد يذهب الشعر ، وقيل : هو تشقق يصيب الخيل في أيديها وأرجلها ، وقيل : هو جسوء يحدث في رسغ رجل الفرس والدابة وموضع ثنتها من أخر للشيء يصيبه فيه من الشقاق أو المشقة من أن يرمح جبلا أو حجرا ، وقد عرنت تعرن عرنا فهي عرنة وعرون ، وهو عرن ، وعرنت رجل الدابة بالكسر ، والعرن أيضا : شبيه بالبثر يخرج بالفصال في أعناقها تحتك منه ، وقيل : قرح يخرج في قوائمها وأعناقها ، وهو غير عرن الدواب ، والفعل كالفعل . وأعرن الرجل إذا تشققت سيقان فصلانه ، وأعرن إذا وقعت الحكة في إبله ، قال ابن السكيت : هو قرح يأخذه في عنقه فيحتك منه ، وربما برك إلى أصل شجرة واحتك بها ، قال : ودواؤه أن يحرق عليه الشحم ، قال ابن بري : ومنه قول رؤبة :


                                                          يحك ذفراه لأصحاب الضغن تحكك الأجرب يأذى بالعرن



                                                          والعرن : أثر المرقة في يد الآكل ، عن الهجري . والعران : خشبة تجعل في وترة أنف البعير ، وهو ما بين المنخرين ، وهو الذي يكون للبخاتي ، والجمع أعرنة . وعرنه يعرنه ويعرنه عرنا : وضع في أنفه العران ، فهو معرون . وعرن عرنا : شكا أنفه من العران . الأصمعي : [ ص: 126 ] الخشاش ما يكون من عود أو غيره يجعل في عظم أنف البعير ، والعران ما كان في اللحم فوق الأنف ، قال الأزهري : وأصل هذا من العرن والعرين ، وهو اللحم . والعران : المسمار الذي يضم بين السنان والقناة ، عن الهجري . والعرين : اللحم ، قالت غادية الدبيرية :


                                                          موشمة الأطراف رخص عرينها



                                                          وهذا العجز أورده ابن سيده والأزهري منسوبا لغادية الدبيرية كما ذكرناه ، وأورده الجوهري مهملا لم ينسبه إلى أحد ، وقال ابن بري : هو لمدرك بن حصن ، قال : وهو الصحيح ، وجملة البيت :


                                                          رغا صاحبي عند البكاء كما رغت     موشمة الأطراف رخص عرينها

                                                          قال : وأنشده أبو عبيدة في نوادر الأسماء ، وأنشد بعده :


                                                          من الملح لا يدرى أرجل شمالها     بها الظلع لما هرولت أم يمينها

                                                          وفي شعره : موشمة الجنبين ، وأراد بالموشمة الصبغ ، والأملح : بين الأبيض والأسود ، والتوشم : بياض وسواد يكون فيه كهيئة الوشم في يد المرأة ، والرخص : الرطب الناعم ، وقيل : العرين اللحم المطبوخ . ابن الأعرابي : أعرن إذا دام على أكل العرن ، قال : وهو اللحم المطبوخ ، والعرين والعرينة : مأوى الأسد الذي يألفه ، يقال : ليث عرينة وليث غابة ، وأصل العرين جماعة الشجر ، قال ابن سيده : العرينة مأوى الأسد والضبع والذئب والحية ، قال الطرماح يصف رحلا :


                                                          أحم سراة أعلى اللون منه     كلون سراة ثعبان العرين

                                                          وقيل : العرين الأجمة هاهنا ، قال الشاعر :


                                                          ومسربل حلق الحديد مدجج     كالليث بين عرينة الأشبال

                                                          هكذا أنشده أبو حنيفة : مدجج ، بالكسر ، والجمع عرن . والعرين : هشيم العضاه . والعرين : جماعة الشجر والشوك والعضاه ، كان فيه أسد أو لم يكن . والعرين والعران : الشجر المنقاد المستطيل . والعرين : الفناء . وفي الحديث : أن بعض الخلفاء دفن بعرين مكة ، أي بفنائها ، وكان دفن عند بئر ميمون . والعرين في الأصل : مأوى الأسد ، شبهت به لعزها ومنعتها ، زادها الله عزا ومنعة . والعرين : صياح الفاختة ، أنشد الأزهري في ترجمة عزهل :


                                                          إذا سعدانة السعفات ناحت     عزاهلها سمعت لها عرينا

                                                          العرين : الصوت ، والعران : القتال ، والعران : الدار البعيدة . والعران : البعد وبعد الدار ، يقال : دارهم عارنة ، أي بعيدة ، وعرنت الدار عرانا : بعدت وذهبت جهة لا يريدها من يحبه . وديار عران : بعيدة ، وصفت بالمصدر ، قال ابن سيده : وليست عندي بجمع كما ذهب إليه أهل اللغة ، قال ذو الرمة :


                                                          ألا أيها القلب الذي برحت به     منازل مي والعران الشواسع

                                                          وقيل : العران في بيت ذي الرمة هذا الطرق لا واحد لها . ورجل عرنة : شديد لا يطاق ، وقيل : هو الصريع .

                                                          الفراء : إذا كان الرجل صريعا خبيثا قيل : هو عرنة لا يطاق ، قال ابن أحمر يصف ضعفه :


                                                          ولست بعرنة عرك سلاحي     عصا مثقوفة تقص الحمارا

                                                          يقول : لست بقوي ، ثم ابتدأ فقال : سلاحي عصا أسوق بها حماري ، ولست بمقرن لقرني . قال ابن بري في العرنة : الصريع قال : هو مما يمدح به ، وقد تكون العرنة مما يذم به ، وهو الجافي الكز . وقال أبو عمرو الشيباني : هو الذي يخدم البيوت .

                                                          ورمح معرن : مسمر السنان ، قال الجوهري : رمح معرن إذا سمر سنانه بالعران ، وهو المسمار . والعرن : الغمر . والعرن : رائحة لحم له غمر ، حكى ابن الأعرابي : أجد رائحة عرن يديك أي : غمرهما ، وهو العرم أيضا ، والعرن والعرن : ريح الطبيخ ، الأولى عن كراع . ورجل عرن : يلزم الياسر حتى يطعم من الجزور . وعرنين كل شيء : أوله ، وعرنين الأنف : تحت مجتمع الحاجبين ، وهو أول الأنف حيث يكون فيه الشمم . يقال : هم شم العرانين ، والعرنين الأنف كله ، وقيل : هو ما صلب من عظمه ، قال ذو الرمة :


                                                          تثني النقاب على عرنين أرنبة     شماء مارنها بالمسك مرثوم

                                                          وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : أقنى العرنين ، أي الأنف ، وقيل : رأس الأنف . وفي حديث علي - عليه السلام - : من عرانين أنوفها ، وفي قصيد كعب :


                                                          شم العرانين أبطال لبوسهم

                                                          واستعاره بعض الشعراء للدهر فقال :


                                                          وأصبح الدهر ذو العرنين قد جدعا



                                                          وجمعه عرانين . وعرانين الناس : وجوههم . وعرانين القوم : سادتهم وأشرافهم على المثل ، قال العجاج يذكر جيشا :


                                                          تهدي قداماه عرانين مضر



                                                          والعرانية : مد السيل ، قال عدي بن زيد العبادي :


                                                          كانت رياح وماء ذو عرانية     وظلمة لم تدع فتقا ولا خللا

                                                          وماء ذو عرانية ، إذا كثر وارتفع عبابه . والعرانية بالضم : ما يرتفع في أعالي الماء من غوارب الموج . وعرانين السحاب : أوائل مطره ، ومنه قول امرئ القيس يصف غيثا :


                                                          كأن ثبيرا في عرانين ودقه     من السيل والغثاء فلكة مغزل

                                                          والعرنة : عروق العرتن ، وفي الصحاح : عروق العرنتن . والعرنة : شجر الظمخ يجيء أديمه أحمر . وسقاء معرون ومعرن : دبغ بالعرنة ، وهو خشب الظمخ ، قال ابن السكيت : هو شجر يشبه العوسج إلا أنه أضخم منه ، وهو أثيث الفرع وليس له سوق طوال ، يدق ثم يطبخ فيجيء أديمه أحمر ، وقال شمر : العرتن بضم التاء [ ص: 127 ] شجر ، واحدتها عرتنة ، ويقال : أديم معرتن . قال الأزهري : الظمخ واحدتها ظمخة ، وهو العرن ، واحدتها عرنة ، شجرة على صورة الدلب تقطع منه خشب القصارين التي تدفن ، ويقال لبائعها : عران .

                                                          وحكى ابن بري عن ابن خالويه : العرنة الخشبة المدفونة في الأرض التي يدق عليها القصار ، وأما التي يدق بها فاسمها المئجنة والكدن . وعرينة وعرين : حيان ، قال الأزهري : عرينة حي من اليمن ، وعرين : حي من تميم ، ولهم يقول جرير :


                                                          عرين من عرينة ليس منا     ‌برئت إلى عرينة من عرين

                                                          . قال ابن بري : عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، قال : وقال القزاز : عرين في بيت جرير ، هذا اسم رجل بعينه . وقال الأخفش : عرين في البيت هو ثعلبة بن يربوع ، ومعرون اسم ، وكذلك عران . وبنو عرين : بطن من تميم . وعرينة مصغر : بطن من بجيلة . وعرونة وعرنة : موضعان . وعرنات : موضع دون عرفات إلى أنصاب الحرم ، قال لبيد :


                                                          والفيل يوم عرنات كعكعا     ‌إذ أزمع العجم به ما أزمعا

                                                          وعرنان : غائط واسع منخفض من الأرض ، قال امرؤ القيس :


                                                          كأني ورحلي فوق أحقب قارح     ‌‌بشربة أو طاو بعرنان موجس

                                                          وعران البكرة : عودها ويشد فيه الخطاف . ورهط من العرنيين ، مثال الجهنيين ، ارتدوا فقتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم . وعرنان : اسم جبل بالجناب دون وادي القرى إلى فيد . وعرنان : اسم واد معروف . وبطن عرنة : واد بحذاء عرفات . وفي حديث الحج : وارتفعوا عن بطن عرنة هو بضم العين وفتح الراء ، موضع عند الموقف بعرفات ، وفي الحديث : اقتلوا من الكلاب كل أسود بهيم ذي عرنتين . العرنتان : النكتتان اللتان تكونان فوق عين الكلب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية