الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو وكذلك يروى عن محمد بن بشر عن عبيد الله عن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه ابن إسحاق عن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن
2828 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما nindex.php?page=hadith&LINKID=652768أن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=32432نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو
[ ص: 155 ]
[ ص: 155 ] قوله : ( باب كراهية nindex.php?page=treesubj&link=32432السفر بالمصاحف إلى أرض العدو ) سقط لفظ " كراهية " إلا للمستملي فأثبتها ، وبثبوتها يندفع الإشكال الآتي .
قوله : ( وكذلك يروى عن محمد بن بشر عن عبيد الله ) هو ابن عمر [1] ( عن نافع عن ابن عمر ) وتابعه ابن إسحاق عن نافع . أما رواية محمد بن بشر فوصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=888545 " كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . nindex.php?page=showalam&ids=13855والبرقاني : لم يروه بلفظ الكراهة إلا محمد بن بشر . وأما متابعة ابن إسحاق فهي بالمعنى لأن أحمد أخرجه من طريقه بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=844645نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو " والنهي يقتضي الكراهة لأنه لا ينفك عن كراهة التنزيه أو التحريم .
قوله : ( وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن ) أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو لا السفر بالقرآن نفسه ، وقد تعقبه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي بأنه لم يقل أحد إن من يحسن القرآن لا يغزو العدو في دارهم ، وهو اعتراض من لم يفهم مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وادعى المهلب أن مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بذلك تقوية القول بالتفرقة بين العسكر الكثير والطائفة القليلة ، فيجوز في تلك دون هذه ، والله أعلم .
ثم ذكر المصنف حديث مالك في ذلك وهو بلفظ : نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ، وأورده ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وزاد " مخافة أن يناله العدو " رواه ابن وهب عن مالك فقال : خشية أن يناله العدو وأخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك فقال قال مالك أراه " مخافة " فذكره ، قال أبو عمر : كذا قال يحيى بن يحيى الأندلسي ويحيى بن بكير ، وأكثر الرواة عن مالك جعلوا التعليل من كلامه ولم يرفعوه ; وأشار إلى أن ابن وهب تفرد برفعها ، وليس كذلك لما قدمته من رواية ابن ماجه ، وهذه الزيادة رفعها ابن إسحاق أيضا كما تقدم ، وكذلك أخرجها مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق الليث عن نافع ، ومسلم من طريق أيوب بلفظ " فإني لا آمن أن يناله العدو " [ ص: 156 ] فصح أنه مرفوع وليس بمدرج ، ولعل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا كان يجزم به ، ثم صار يشك في رفعه فجعله من تفسير نفسه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أجمع الفقهاء أن nindex.php?page=treesubj&link=8045لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه ، واختلفوا في الكبير المأمون عليه : فمنع مالك أيضا مطلقا ، وفصل أبو حنيفة ، وأدار الشافعية الكراهة مع الخوف وجودا وعدما . وقال بعضهم كالمالكية ، واستدل به على منع nindex.php?page=treesubj&link=4436بيع المصحف من الكافر لوجود المعنى المذكور فيه وهو التمكن من الاستهانة به ، ولا خلاف في تحريم ذلك وإنما وقع الاختلاف هل يصح لو وقع ويؤمر بإزالة ملكه عنه أم لا ؟ واستدل به على منع nindex.php?page=treesubj&link=23416تعلم الكافر القرآن : فمنع مالك مطلقا ، وأجاز الحنفية مطلقا ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قولان ، وفصل بعض المالكية بين القليل لأجل مصلحة قيام الحجة عليهم فأجازه ، وبين الكثير فمنعه . ويؤيده قصة هرقل حيث كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات ، وقد سبق في " باب هل يرشد " بشيء من هذا . وقد نقلالنووي الاتفاق على جواز الكتابة إليهم بمثل ذلك .
( تنبيه ) :
ادعى ابن بطال أن ترتيب هذا الباب وقع فيه غلط من الناسخ ، وأن الصواب أن يقدم حديث مالك قبل قوله : وكذلك يروى عن محمد بن بشر إلخ ، قال : وإنما احتاج إلى المتابعة لأن بعض الناس زاد في الحديث : مخافة أن يناله العدو ، ولم تصح هذه الزيادة عند مالك ولا عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري انتهى . وما ادعاه من الغلط مردود ، فإنه استند إلى أنه لم يتقدم شيء يشار إليه بقوله كذلك ، وليس كما قال لأنه أشار بقوله " كذلك " إلى لفظ الترجمة كما بينه من رواية المستملي ، وأما ما ادعاه من سبب المتابعة فليس كما قال ، فإن لفظ الكراهية تفرد به محمد بن بشر ، ومتابعة ابن إسحاق له إنما هي في أصل الحديث لكنه أفاد أن المراد بالقرآن المصحف لا حامل القرآن .