الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الكفن

                                                                      3148 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه

                                                                      التالي السابق


                                                                      أي هذا باب في استحباب إحسان الكفن من غير مغالاة .

                                                                      ( فكفن ) : بصيغة المجهول من التفعيل ( غير طائل ) : أي حقير غير كامل الستر قاله النووي ( أن يقبر ) : بصيغة المجهول من الإفعال أي يدفن ( حتى يصلى عليه ) : بصيغة [ ص: 325 ] المجهول بفتح اللام . قاله النووي أي مع الجماعة العظيمة . قال النووي : وأما النهي عن القبر ليلا حتى يصلى عليه فقيل سببه أن الدفن نهارا يحضره كثيرون من الناس ويصلون عليه ولا يحضره في الليل إلا أفراد ، وقيل لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن فلا يبين في الليل ، ويؤيده أول الحديث وآخره . قال القاضي : العلتان صحيحتان ، قال والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قصدهما معا . وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل ، فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة وهذا الحديث مما يستدل له به . وقال جماهير العلماء من السلف والخلف لا يكره ، واستدلوا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دفنوا ليلا من غير إنكار ، وبحديث المرأة السوداء أو الرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليلا وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عنه قالوا توفي ليلا فدفناه في الليل ، فقال ألا آذنتموني ؟ قالوا كانت ظلمة ولم ينكر عليهم وأجابوا عن هذا الحديث أن النهي كان لترك الصلاة ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل وإنما نهى لترك الصلاة أو لقلة المصلين أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع انتهى .

                                                                      وقال الحافظ : وقوله حتى يصلي عليه مضبوط بكسر اللام أن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا سبب آخر يقتضي أنه إن رجي بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه استحب تأخيره وإلا فلا ( إلا أن يضطر إلخ ) : فيه دليل على أنه لا بأس به في وقت الضرورة ( فليحسن كفنه ) : ضبطوه بوجهين فتح الفاء وإسكانها وكلاهما صحيح . قال القاضي : والفتح أصوب وليس المراد بإحسانه السرف فيه والمغالاة ونفاسته وإنما المراد نظافته ونقاؤه وستره وتوسطه قاله النووي . وقال المنذري : والحديث أخرجه مسلم والنسائي ، وأخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولي أحدكم فليحسن كفنه .




                                                                      الخدمات العلمية